خبر نقيب المقاولين: لا يمكن بدء إعمار غزة دون بناء المصانع المدمرة

الساعة 07:10 ص|29 ابريل 2009

نقيب المقاولين: لا يمكن بدء إعمار غزة دون بناء المصانع المدمرة

حين تكون مصانع الباطون في غزة على قائمة أهداف إسرائيل التدميرية

 

فلسطين اليوم -غزة

حالة من الذهول ممزوجة بالحزن والألم والصدمة مازال يعيشها المواطن تيسير أبو عيدة، والذي كان يملك عددا من مصانع الباطون الجاهز شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة، حوَّلها جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة إلى كومه من الركام، دفنت معها مصادر رزق عشرات العائلات التي كانت تعتاش من ورائها.

 

وبينما كان يتفقد الدمار والخراب التي لحق بمصنعه، قال أبو عيدة لـ "قدس برس": "إن خسائره المادية خلال العدوان على غزة تقدر بأكثر من مليون دولار".

 

وأضاف: "إن عيني باتت تتجه نحو الحوار الفلسطيني المعقود الآن في القاهرة والمتأمل منه إنهاء حالة الانقسام، وتشكيل حكومة واحدة تأخذ على عاتقها فك الحصار وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال حربه الهمجية الأخيرة".

 

معالم مصانع غزة الضخمة تحولت إلى أنقاض لا معالم لها، لتضاعف الألم الفلسطيني الذي افتقد منذ بداية الحصار الإسرائيلي على غزة، لأبسط مقومات الحياة الكريمة، وافتقر إلى مواد البناء اللازمة لإنشاء وترميم البيوت السكنية والمنشآت الحيوية.

 

المواطن أبو عيدة، قال وهو يحث الخطى ويتفحص الدمار الهائل الذي لحق بمنشآته: "هذا الدمار شاهد على همجية هذا الاحتلال، اقتصاد غزة كان متعثراً أصلاً قبل الحرب بفعل الحصار الإسرائيلي الظالم على قطاع غزة، ومنع دخول مواد البناء إلى القطاع أدى إلى ازدياد خسائر هذا القطاع الحيوي".

 

 وأضاف بمرارة: "جاءت الحرب ودمرت كل شيء، وما لم يدمر خلال الحصار الإسرائيلي قضت علية القنابل والدبابات الإسرائيلية".

 

يشار إلى أن مصنع أبو عيدة للباطون كان قد تعرض للتدمير مرتين من قبل الاحتلال الإسرائيلي وتم إعادة إنشاؤه مرتين، كان آخرها قبل حوالي عام عقب المحرقة التي شنتها إسرائيل على شمال غزة.

 

حال المواطن حسن جابر، وهو صاحب مصنع  أخر للباطون شرق جباليا، ليس بأفضل من حال سابقه أبو عيدة، فقد كافح جابر للمحافظة على مصنعه في ظل الحصار، وقام بتقليص عدد العمال الذين كانوا يعملون به، إلا أن كافه محاولاته باءت بالفشل واضطر إلى إغلاق المصنع بعد نفاذ المواد اللازمة لصناعة الباطون بسبب الحصار المفروض منذ عاميين.

 

ورغم إغلاق المصنع منذ فترة، لم ترحم الآلة العسكرية الإسرائيلية ما تبقى من آلات كانت موجودة فيه تنتظر فرج الله، فأغارت عليها ليتحول المصنع من مكان ينتظر، إلى مكان يحتضر، وبتعجب أضاف جابر لـ "قدس برس": "لم يكن هناك أي أثر لمتفجرات أو ذخيرة داخل المصنع أو وجود مقاومة كما تدعي قوات الاحتلال كعادتها".

 

وليس بعيدا عن مصنع جابر للباطون كان هناك يجلس المواطن ناصر أبو ريا، مدير مصنع شركة المتوسط لصناعة الباطون الجاهز، فوق أنقاض أحد سيارات الباطون الخاصة بالمصنع والتي سحقتها الجرافات الإسرائيلية، وحولتها هي وباقي المصنع وآلاته إلى أكوم من الحديد يلهو على أطلالها الأطفال.

 

ويقول أبو ريا لـ "قدس برس": "لا يستطيع المرء أن يميز الآلات في هذا المصنع ولا يستطيع أي إنسان من خارج المنطقة أن يعرف إن كان هذا مصنعا للباطون أم مكان لتجميع سكراب الحديد".

 

وتحدث أبو ريا مدير المصنع باستهزاء عما فعل هذا المصنع للإسرائيليين ليقوموا بتدميره للمرة الثالثة، رغم أنه موجود بالقرب من الحدود الشرقية من قطاع غزة وهو مكشوف تماما للجنود الإسرائيليين على مدار 24 ساعة.

 

يشار إلى أن الآلة الحربية الإسرائيلية دمرت خلال الحرب الأخيرة على غزة، ثلاثة عشر مصنعا للباطون الجاهز في شمال غزة وثمانية مصانع في محيط عزبة عبد ربه شرق بلدة جباليا.

 

كما تم تدمير ما يقارب ثلاثين مصنعاً ومعملاً من مصانع ومعامل الطوب الخاص بالبناء، ثمانية منها تعود لعائلة الدغل وحدها، وتعد من أكبر معامل الطوب في شمال غزة.

 

وكانت معامل الدغل للطوب، تعرضت للتدمير بالكامل أربعة مرات وتم إعمارها من جديد.

 

و أكد أسامة كحيل نائب رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين ورئس الاتحاد في غزة، أن أكثر من 70 في المائة من مصانع الباطون في غزة تم تدميرها بالكامل، وأن خسائر هذا القطاع فاقت الـ27مليون دولار.

 

وأضاف لـ "قدس برس": "إسرائيل لم تريد من هذه الحرب القضاء على المقاومة فحسب، بل ضرب البنية التحتية الاقتصادية للشعب الفلسطيني، لجعله يبقى يبحث عن المعونات الخارجية".

 

وذكر بأن كل ما يمت للاقتصاد بصلة توقف بفعل الحصار والحرب، الأمر الذي أدى إلى زيادة معدلات البطالة وفقدان الكثير من الأيدي العاملة والفنيين والمقاولين والمختصين في شتى المجالات، إضافة إلى توقف عمل جميع شركات المقاولات بشكل كامل.

 

وحذر من عدم مقدرة مصانع غزة على الوفاء بمتطلبات إعادة الإعمار حال تقرر ذلك، وذلك بفعل العجز الكبير الذي تعاني منه هذه المصانع، ملفتا إلى أن المستفيد الوحيد من إعادة الإعمار سيكون هو المستورد والمصدر الإسرائيلي. وأكد على ضرورة أن تكون أولى مراحل إعادة إعمار غزة بإعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية والصناعية.

 

ويبقى السؤال الملح، هل ستبقى هذه المصانع تئن تحت وطأة الحصار والتعنت الإسرائيلي؟ ومتى سيصحو العالم الذي يدعي الديمقراطية، للضغط على إسرائيل للسماح لإعادة إعمار هذه المصانع لتقوم بدورها في إنتاج الباطون الجاهز لإعمار ما دمرته آله الحرب الإسرائيلية؟.