العيون شاخصة نحو القدس

تحليل هل ستكون مسيرة الأعلام شرارة الحرب القادمة..؟

الساعة 11:49 ص|28 مايو 2022

فلسطين اليوم

التاريخ يعيد نفسه، هو تماماً ما ينطبق على هذه الأيام التي يعيشها الفلسطينيون، فقبل عام اندلعت "معركة سيف القدس" التي جاءت رداً على مسيرة  الأعلام في مدينة القدس المحتلة، لتعاد الكرة مرةً أخرى، ويهدد المستوطنون "بمسيرة الأعلام" يوم غدٍ الأحد 29/5/2022، التي فَجرَت التهديدات المتبادلة بين المقاومة الفلسطينية، و"إسرائيل".

فالقرار "الإسرائيلي" بالسماح بمسيرة الأعلام فتح الباب على مصراعيه أمام المقاومة الفلسطينية، التي أعلنت استعدادها للرد على مسار المسيرة، التي قرر الاحتلال مرورها من باب العامود والحي الإسلامي باتجاه حائط البراق، وسط إصرار "إسرائيلي" على استمرار مسارها.

العام الماضي، مُنع المستوطنون من المرور عبر باب العامود، إذ أمر رئيس الوزراء آنذاك، بنيامين نتنياهو، في اللحظة الأخيرة بتغيير مسار المسيرة بسبب الخوف من تصعيد أمني، إلا أن اقتحام المسجد أدى لاشتعال المنطقة بمعركة سيف القدس.

بين التهديد والوعيد، ومحاولات تثبيت المعادلات، تستمر لغة التهديد بعدم القبول بمرور مسيرة الأعلام وتنفيذ سياسات الاحتلال في القدس والمقدسات الإسلامية، الأمر الذي يطرح السؤال بهل يمكن أن تكون مسيرة الأعلام شرارة الحرب المقبلة..؟

الاحتمالات مفتوحة

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، رأى أن كافة الاحتمالات مفتوحة، حيث من الواضح أن دولة الاحتلال برئاسة نفتالي بينت تحاول تثبيت المعادلة، التي استمرت لأكثر من 30 عاماً، وحتى الآن، أن هذه الحكومة الضعيفة وليست متماسكة، تجد هذه الفرصة في مسيرة الأعلام أنها قادرة على فرض السيادة على مدينة القدس وقادرة على إدارة شؤون الحكم سواء سياسياً أو أمنياً ومع المقاومة الفلسطينية.

وهو جزء من عدوانية دولة الاحتلال وعدم قدرتها على فهم الفلسطينيين وقدرتهم على المقاومة وعدم السماح لأي كان سواء في "إسرائيل" بكل هذه الغطرسة والقوة، بقتل الفلسطينيين وسرقة أراضيهم ومقدساتهم، فهو مستمر في عنجهيته.

ولفت إبراهيم إلى أن بينت بالمقابل يقدم تنازلات بخصوص المسيرة التي حدد موعدها، بعدم الوصول للمسجد الأقصى، حيث يقول للوسطاء وأمريكا أنهم سيسيرون في المسيرة دون الوصول للقدس، بالمقابل جند 3000 شرطي للسيطرة على المسيرة وضبطها، وعدم خروجها عن المسار، فضلاً عن عدم إنزال العلم الفلسطيني، إلا من قبل الضباط، على الرغم أن هذه المعركة، معركة إرادات.

وبين إبراهيم، أن المسيرة بالرغم من الضخ الإعلامي الكبير إلا أن "إسرائيل" أرسلت للوسطاء المصريين والقطريين والأوروبيين أن "إسرائيل" لا تريد مواجهة كبيرة، وأن هذه المسيرة تسير في مسارها الطبيعي.

وتوقع إبراهيم، أنه في حال كان هناك عنف في المسيرة فالمقاومة الفلسطينية لن تسكت، والاحتمالات مفتوحة على مصراعيها، فـ"إسرائيل" ليست في وارد الدخول في معركة مفتوحة كبيرة وشاملة، لأنها جربت العام الماضي في معركة سيف القدس، وهذه الحكومة ضعيفة تحاول التغطية على عجزها وتفككها مع استقالة كبير مستشاري بينت وكاتم أسراره، بالإضافة لاستقالة مستشارته السياسية، بالإضافة لتوريط اليمين المعارض لبينت في المعركة التي تعتبر خاسرة.

ورأى المحلل السياسي، أن المسيرة بالنسبة للفلسطينيين لن تمر، والفلسطينيون لن يصمتوا فهي معركة وحرب إرادات مُستمرة منذ 74 عاماً، كل العيون شاخصة في الضفة المحتلة وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 والقدس المحتلة، نحو القدس والمسجد الأقصى غداً صامدين ورافضين لسياسات الاحتلال.

شعور بفقدان السيطرة

المحلل السياسي راسم عبيدات، رأى أن الأوضاع والتطورات في مدينة القدس متواصلة ومتلاحقة، ووتيرة التصعيد على أشدها ميدانياً وسياسياً وتهديدات مضادة، وصراع يزداد احتداماً على السيادة وهوية المدينة، وأزمة سياسية عميقة تعيشها حكومة نفتالي بينت.

وأشار عبيدات، إلى أن تلك المسيرة العام الماضي لم تجرِ كما يجب واضطرت حكومة الاحتلال الى إنهائها وتغيير مسارها، بعد معركة "سيف القدس" في أيار من العام الماضي.

واستدرك عبيدات:"لكن في هذا العام وفي ظل وصول التصعيد ما بين أبناء شعبنا الفلسطيني عامة والقدس خاصة ودولة الاحتلال الى أعلى درجاته، في ظل "تغول" و"توحش" اسرائيليين غير مسبوقين، باتت تشعر فيها دولة الاحتلال بفقدان السيطرة والسيادة الوهمية على المدينة.. وخاصة ما حصل في جنازتي الشهيدة شيرين أبو عاقلة و الشهيد وليد الشريف، حيث رفعت الأعلام الفلسطينية بشكل كبير ورددت الأغاني والأناشيد الوطنية، وعلت الهتافات للمقاومة والمقاومين، ولنهجها وخيارها "من القدس لجنين شعب واحد لا يلين"".

ولفت إلى أن المقدسيين ومن شاركوهم الاشتباك الشعبي الواسع بدوا مسيطرين على الشارع في ظل حالة من فقدان السيطرة على الوضع في القدس، وشعور حكومة الاحتلال وأجهزة أمنها بفقدان السيطرة على الوضع، وبأن هناك خطر وجودي يتربص بدولتهم من جنين إلى قطاع غزة فالضاحية الجنوبية وأصفهان، وتعالت أصوات اليمين وقوى "الداعشية" اليهودية التي تتهم الحكومة بالجبن والضعف أمام المقدسيين ومقاومة غزة وجنين، وأن هم أعضاء الحكومة الحالية البقاء على الكراسي بأي ثمن.

وأفاد تقرير للقناة 13 الإسرائيلية بأن حكومة بينيت وجهت رسائل لحماس عبر أطراف أخرى أملا منها بمنع تصاعد التوترات خلال "مسيرة الأعلام" لنشطاء اليمين الإسرائيلي عبر شوارع القدس القديمة.

وذكر التقرير أن "إسرائيل" جادة في رسالتها إلى حماس بأن مسار المسيرة هو نفسه، كما كان منذ سنوات ولا ينبغي عدّه سببا للحرب. كما حذرت من أنه إذا أطلقت حماس صواريخ أو سمحت لفصائل أخرى بالقيام بذلك، فستكون إسرائيل مستعدة للرد على قطاع غزة.

مواقف صهيونية

في هذا العام توحدت كل المستويات السياسية والأمنية والمرجعيات الدينية اليهودية "الحاخامات" على قضيتين جوهريتين، من أجل اثبات السيطرة والسيادة على المدينة والمقدسات إسلامية ومسيحية، وفي المقدمة منها المسجد الأقصى "جبل الهيكل"، حيث وافق رئيس وزراء الاحتلال بينت وقادة أجهزته الأمنية من وزير أمنه الداخلي عومير بارليف وقائد شرطته العام كوبي شبتاي على مسار مسيرة الإعلام، ومرورها من ساحة باب العامود، مرورا بالبلدة القديمة لتحط في ساحة حائط البراق، وكذلك جرت الموافقة بالسماح للجماعات التلمودية والتوراتية باقتحام المسجد الأقصى وبقرار قضائي من محكمة ما يعرف بالصلح الإسرائيلية، إقامة الطقوس والصلوات التلمودية والتوراتية في ساحات الأقصى، وطقوس ما يعرف بالسجود الملحمي، انبطاح المستوطنين على وجوههم، كأعلى شكل من أشكال الطقوس التلمودية والتوراتية.

واعتبر عبيدات، أن حكومة الاحتلال تعيش أزمة سياسية عميقة، وتقترب من السقوط، وتنامي للقوة "الداعشية" اليهودية، التي تسعى لجر المنطقة إلى صراع جوهره ديني وليس وطني سياسي وجودي... وإجماع صهيوني ديني وعلماني على فرض السيادة والهوية اليهودية التلمودية التوراتية المصطنعة على القدس وعلى الأقصى، والسير بمسيرة الأعلام وفق المسارات التي اتفق عليها وبأعداد كبيرة جداً... مع رسائل خداع وكذب وتضليل لحلف التطبيع العربي بشقيه القديم والحديث وللسلطة الفلسطينية، والذين يعانون من عجز شامل، ولا يجيدون غير أسطوانة مشروخة اسمها القانون الدولي والشرعية الدولية وبيانات شجب واستنكار وقرارات لا تساوي قيمة الحبر الذي تكتب به، فهي شعارية ونظرية، ولا ترتقي الى مستوى المخاطر الحقيقة التي تحيط بالقدس والأقصى.

ورأى عبيدات، أن التطورات والتوترات والتصعيد الحاصلة في المنطقة والإقليم والعالم، تقول بأن لحظة الانفجار الكبرى باتت قريبة وتنتظر المفجر والصاعق، ولعل الميدان سيختبر مدى قدرة دولة الاحتلال على التمسك بمسار سير مسيرة أعلامها وتطبيق المقاومة الفلسطينية ومحور القدس لشعاراتهم وتهديداتهم في الميدان.

كلمات دلالية