خبر الثالوث الرهيب والمسألة الفلسطينية ..د. محمد صالح المسفر

الساعة 07:30 ص|28 ابريل 2009

 

المتابع لأحوال الشعب الفلسطيني منذ توقيع الحكومة المصرية إبان جمهورية أنور السادات على وثائق اتفاقيات كامب ديفد السري منها والمعلن يجد أن هذا الشعب الذي قدره أن يكون مجاورا لجغرافية مصر يتعرض لاسوأ المعاملات وأقساها من قبل موظفي جمهوريتي السادات وحسني مبارك.

مثال غزة كانت تحت الإدارة المصرية من عام 1948 إلى 1967، وكانت تصدر لهم هويات لاجئين وكان فلسطينيو غزة يتمتعون ببعض الحقوق في مصر، وعندما استولى السادات على الحكم في مصر بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر بدأ التضييق على فلسطينيي غزة، وبقيت إدارة السادات تصدر لهم جوازات سفر وهويات لاجئين، وتطلب من كافة الدول والحكومات تقديم المساعدة لحامل تلك الهوية، ذلك نص مكتوب على تلك الوثيقة، وفي الصفحة الأخيرة مكتوب لا يجوز لحامل هذه الهوية دخول مصر إلا بموجب تأشيرة دخول مسبقة، ولكن بعد معاناة وإذلال يبدأ من أبواب القنصليات المصرية إلى مطاراتها، ولا أريد أن أسهب في وصف معاملة هؤلاء الناس في مطار القاهرة وكيف يؤخذون إلى الحدود مخفورين كأنهم مجرمون ناهيك عن المعاملة في سراديب مطار القاهرة.

اليوم الحال اسوأ مما كان عليه إبان جمهورية السادات، فرض على غزة حصار ظالم لم تكن له سابقة في تاريخ مصر من حكم الفراعنة قبل الميلاد إلى نهاية حكم جمهورية السادات، في نفس الوقت تصاعد العدوان الإسرائيلي على أهل غزة كان آخرها حرب الـ 22 يوما واتهم نظام جمهورية مبارك بالتواطؤ مع العدوان الصهيوني على غزة. ومنذ بدء جمهورية مبارك، لم يقف ظلم دولة مبارك عند الحصار فقط وإنما امتد إلى القمع والملاحقة والاعتقالات بل امتد إلى أكثر من ذلك إلى التعاون الاستخباراتي مع العدو الإسرائيلي وملاحقة الفلسطينيين ومصادرة مدخرات من يمر عبر الحدود المصرية. إن الثالوث الرهيب (المخابرات المصرية، والموساد الإسرائيلي، والمخابرات الأمريكية) إلى جانب الطابور الأمني التابع للسلطة العباسية في رام الله هو الذي يقوم باغتيال الشعب الفلسطيني عن طريق الحصار وتجريف الأرض وهدم المنازل والاعتقالات والملاحقة والنفي إلى خارج العالم العربي والإسلامي كل جهاز من أجهزة الثالوث الملعون له مهام عليه تنفيذها، أضف إلى ذلك منع إعادة أعمار ما هدمته ودمرته حرب إسرائيل على القطاع. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تصر إدارة حسني مبارك أن يكون الملف الفلسطيني بكل محتوياته هو مسؤولية المخابرات المصرية والإسرائيلية والأمريكية بينما امن إسرائيل ورواجها الاقتصادي دائما على طاولة الزعيم المصري وقيادات العدو مباشرة، مدير مخابرات مصر كان في واشنطن قبل أسابيع كان اجتماعه مع مدير المخابرات الأمريكية أطول زمنا من اجتماعه بقيادات أخرى، حدث ولا حرج في زيارته الأخيرة لتل أبيب وتوجيه الدعوة لأشد المتطرفين عداء للشعب العربي والفلسطيني على وجه الخصوص، وأخيرا عمان الأردن هذا الأسبوع، وسؤالنا لماذا تصر جمهورية حسني على إبقاء محمود عباس على رأس العمل الفلسطيني بعد أن ثبت فشل مشروعه السياسي منذ 1993 مرورا بكل المحاولات والتنازلات التي قدمها ورهطه للكيان الإسرائيلي؟ ولماذا تمنع إعادة اعمار ما خربته إسرائيل في غزة إلا بإشراف وإدارة سلطة ثبت فسادها المالي والسياسي وأصبحت قوة أمنية تحمي المستوطنات الإسرائيلية في الضفة وتحمي الكيان برمته دون اعتبار للشعب الفلسطيني.

المتابع للشأن الفلسطيني يعلم جيدا عبث الإدارة المصرية وتسويفاتها وتقديم مشاريع حلول تعلم حق العلم أنها ليست محايدة وإنما تخدم طرفا على حساب طرف آخر، كل ذلك من اجل هدر الزمن الفلسطيني والسير إلى نهاية فترة الحكومة المنتخبة بقيادة حركة حماس. فيكون الكل أمام الأمر الواقع حكومة منتخبة انتهت ولايتها ورئيس سلطة انتهت ولايته وفي هذه الحالة يخلق الله ما لا تعلمون.

اجتماع القاهرة الذي يبدأ اليوم بين حركة فقدت كل شرعيتها الوطنية يعتصرها الفساد والأنانية ويسيطر على معظم قياداتها الحقد والضغينة على كل من عرف ويعرف ما فعلوا ويفعلون من عمان إلى بيروت إلى تونس وأخيرا في غزة ورام الله وتحاول أن تستعيد سيطرتها بعد أن قال الشعب الفلسطيني كلمته عبر صناديق الانتخابات، وحركة أخرى مشهود لها بنظافة اليد وصدق العمل وطهارة العرض وقوة الإيمان، حركة تعمل من اجل استعادة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وعودة اللاجئين إلى ممتلكاتهم وإقامة دولة تتساوى مع بقية الدول في السيادة والاستقلال إنها حماس ورفاقها المقاومون من منظمات الشعب الفلسطيني. ويقيني أن الذي يعيق محادثات القاهرة اليوم هم زمرة الجمهورية الرابعة في القاهرة.

آخر القول: على وسطاء القاهرة وسماسرتها أن يتركوا الفلسطينيين وشأنهم، وان يرفعوا أيديهم عن فرض السلطة العباسية ليقرر مصيرها الشعب، وان تكون مصر وشعبها إلى جانب الشعب الفلسطيني وخياراته لا لحماية إسرائيل وعملائه، فهل انتم فاعلون؟