خبر المرضى كادوات لعب.. هآرتس

الساعة 11:59 ص|27 ابريل 2009

بقلم: عميرة هاس

الحكومتان الفلسطينيتان تواصلان معا المس بحق المرضى الغزيين بالعلاج الطبي. فهما لا تزالان تتناكفان على تفاصيل الحل الوسط الذي اقر مبدئيا بوساطة شخصيات ومنظمات مستقلة فلسطينية، وبموجبه سيعيد باسم نعيم، وزير الصحة في غزة، الى عملهم الموظفين الخاضعين لرام الله، ممن طردهم من قسم التحويلات للعلاج في الخارج. نظيره – خصمه من رام الله، فتحي ابو مغلي، سيشكل لجنة طبية مستقلة تضمن الشفافية في عملية تحويل المرضى.

بدأت الازمة في منتصف اذار حين منعت مصر – حسب طلب رام الله دخول مرضى وقعت حكومة غزة على تحويلهم للعلاج في الخارج. مسلحة بحجج قديمة (وغير مدحوضة) عن عملية معقدة ومحسوبية، قررت حكومة غزة تنحية موظفي رام الله في 22 اذار ووعدت بأن تغطي بنفسها بدل العلاج – حتى في اسرائيل. خطوة جريئة، ولكن  على حساب المرضى اذ كان واضحا ان اسرائيل لن تعترف بتوقيع موظفي حماس. كما ان الضغط مارسته حكومة غزة على مصر عمل بتأخر، وجزئيا: فقد في بداية الاسبوع الماضي سمحت مصر للمرضى بقرار من غزة ورام الله على حد سواء، بالخروج من رفح. كما سمح بالخروج ايضا لاصحاب الاتصالات المناسبة مع حماس، الامن المصري والمنظمات الدولية.

في اوساط المرضى الاخرين، كان هناك من نجح من ان يحصل من رام الله على التواقيع اللازمة كي تسمح اسرائيل بعبوره في حاجز ايرز، ولكن الكثيرين لم ينجحوا، وتراكض اقرباؤهم بين المنظمات والمكاتب المختلفة في غزة بحثا عن حل، وهم يشاهدون بانعدام للحيلة تدهور صحة اعزائهم. والتقدير هو انه ما لا يقل عن عشرة اشخاص توفوا لانهم لم يصلوا الى تلقي العلاج في الوقت المناسب.

هذا الحدث الوحشي في صراع القوى الفلسطينية الداخلية يعكس تكتيكين بالنسبة للحصار الاسرائيلي: حكومة غزة توثقه مرتين، كوسيلة ضغط على مصر لفتح رفح. اما رام الله – فتنخرط في الحصار.

الصراع على الموظفين لم ينس الغزيين قرار رام الله، في كانون الثاني من هذا العام، بالتوقف عن تحويل المرضى الفلسطينيين الى اسرائيل، بسبب كلفة العلاج وسبق هذا القرار التعليمات بعدم إرسال جرحى الهجوم الاسرائيلي للعلاج في اسرائيل "من اجل عدم منح الفرصة للمهاجم بان يتباهى بانسانيته". منظمات حقوق الانسان الفلسطينية اعتقدت بان هذه رمزية قصيرة النظر: التقارير الطبية الاسرائيلية كانت ستساعد في الكفاح القضائي ضد الجيش الاسرائيلي على المس بالمدنيين. وفي هذه الاثناء نفى ابو مهدي بأن تكون صدرت تعليمات شاملة عن "صفر علاج في اسرائيل" وان كان في حالات عديدة جرى وقف العلاج في منتصفه بسبب هذه التعليمات، ومن وصل لتلقي العلاج كان بمحسوبية – وهي المرض القائم منذ قيام السلطة.

رام الله لا تأخذ بالحسبان حقيقة ان من الاقل كلفة واكثر راحة للغزيين – رغم العوائق التي تضعها المخابرات الاسرائيلية – الوصول للعلاج في اسرائيل منه في الاردن او في مصر. ناهيك عن ان النية المنطقية في توجيه الاموال المحجوزة نحو تحسين الوضع الصحي الفلسطيني لن تؤثر على غزة وذلك لان اسرائيل لا تسمح بان تدخل الى قطاع غزة قطع الغيار للاجهزة الطبية المعطلة، او المواد اللازمة لعلاجات متقدمة، ولا تسمح للاطباء بالخروج الى استكمال تأهيلهم.

منظمات حقوق الانسان الاسرائيلية والفلسطينية تدعي بان على اسرائيل، كقوة احتلال، واجب مواصلة معالجة المرضى الفلسطينيين. اما السلطة، فبدلا من ان تمثل هذا الموقف وبدلا من ان تحول حرية الحركة الى موضوع مبدئي في المفاوضات، تساعد في الحصار على غزة، بمحاولاتها العابثة لاضعاف حكومة حماس. وهكذا اصبح المرضى الغزيون ضحايا بشرية في مذبح السيطرة الفلسطينية الداخلية.