خبر إنذار أمريكي.. يديعوت

الساعة 11:55 ص|27 ابريل 2009

بقلم: عاموس كرميل

يحتفل بيوم الاستقلال حسب الرزنامة العبرية، وبالتالي يمكن الاحتفال حسب هذه الرزنامة بعدة احداث تقع فيه ايضا. مثلا، الحدث المركزي الذي وقع هنا اليوم قبل 61 سنة.

في ساعات ما بعد الظهيرة لذاك اليوم دعيت هيئة تسمى "مديرية الشعب" – التي تحولت بعد 48 ساعة الى الحكومة المؤقتة لدولة اسرائيل – الى جلسة استثنائية. ووضع على طاولتها اقتراح – طلب من الادارة الامريكية: تجميد الاعلان المخطط له عن اقامة دولة يهودية مع نهاية الانتداب البريطاني، الموافقة على هدنة من ثلاثة اشهر مع عرب ارض اسرائيل، والامتناع في هذه الفترة عن جلب السلاح والوسائل القتالية ووضع معظم صلاحيات الحكم (بما في ذلك حجوم الهجرة) في يد لجنة من مجلس الامن.

صاحب المبادرة، وزير الخارجية الامريكي جورج مارشل، ضم اليها تحذيرا خطيرا ولاذعا: اذا رفضها اليهود واصروا على الاعلان عن استقلالهم واستمرارا لذلك اندلعت حرب عسيرة، فلا ينبغي لهم أن يتوقعوا من الولايات المتحدة ان تهرع الى مساعدتهم وتنقذهم من نتائج قرارهم.

ولمزيد من الحزم وضع على كفة الميزان ايضا خبرته كرئيس لاركان الجيش الامريكي في الحرب العالمية الثانية. "لا تعتمدوا على مستشاريكم العسكريين"، قال قبل اربعة ايام من ذلك لوزير الخارجية المرشح، موشيه شاريت. "ماذا سيحصل اذا ما كان اجتياح طويل (للجيوش العربية)... انتم تأخذون على أنفسكم مسؤولية ثقيلة جدا".

المستشارون العسكريون لمديرية الشعب لم يطلبوا من أحد الاعتماد عليهم. رئيس القيادة القطرية للهغناة اسرائيل جليلي، ورئيس قسم العمليات في هيئة اركان الهغناة، يغئال يدين، طُلب اليهما في ذات الجلسة ان يعرضا الوضع دون رتوش، وقد فعلا ذلك.

كانا يعرفان بان بضع دول عربية توشك على أن ترد على اعلان الاستقلال بارسال جيوش الى أرض اسرائيل. فرص كل واحد من الطرفين متساوية، كما أجمل يدين تقديره. "اذا كنت اريد أن أكون صادقا، لقلت ان تفوقهم اكبر، اذا ما جاءت كل هذه القوة لتقاتلنا".

والى ذلك انضم في ذات الجلسة تقرير من غولدا مائير عن لقائها في يوم سابق مع الملك الاردني عبدالله، الذي كان يعتبر ودودا نسبيا. فقد اوضح لها بان جيشه سيشارك في اجتياح الدول العربية، اذا ما اصر اليهود على موقفهم. وقد ترجم هذا الايضاح قبل عدة ساعات من الجلسة المذكورة الى هجوم من الجيش الاردني على غوش عصيون.

كما كانت هناك ضغوط داخلية كبيرة. عدد من الشخصيات البارزة في الحركة الصهيونية العالمية وفي الحاضرة اليهودية ادعت بحزم بانه لا يجب العمل ضد الولايات المتحدة، وان الحديث يدور بشكل عام عن رهان خطير.

رغم كل هذه الامور كتب بن غوريون في يومياته في ختام الجلسة: تقرر الاعلان عن دولة وحكومة مؤقتة – يوم الجمعة، في الرابعة من بعد الظهر. خلافا لما كتب في اماكن مختلفة، لم يكن هذا قرار بفارق صوت واحد. اغلب الظن لم يجرَ حتى تصويت. ولكن الحسم كان دراماتيكيا ولا لبس فيه.

بن غوريون ادى دورا مركزيا في اتخاذه، وشاريت كان من اعطى تعبيرا موجزا له. "الخطر في تأجيل الاعلان عن الدولة"، قال، "أشد من الخطر القائم في هذه الخطوة". وفي تطرقه للامريكيين اضاف: "لا يشترى الاصدقاء بثمن الانتحار".

لا يمكن لاي استعارة تبسيطية مع ايامنا ان تكون في مكانها. دولة اسرائيل اليوم ليست طائفة محاصرة من 600 الف نسمة لا تعرف من سيعترف بسيادتها. الساحة العالمية، الظروف الاقليمية وتصادف الملابسات تختلف تماما. ولا يزال، يجدر بالذكر ان هنا وهناك مطلوب جسارة سياسية مدروسة، مثل تلك التي انكشفت اليوم قبل 61 سنة.