بعد 74 عاما كل الخيارات مرفوضة

بالصور في الضفة المحتلة… 22 مخيما ينتظر سكانها العودة إلى بلدانهم الأصلية

الساعة 09:56 ص|15 مايو 2022

فلسطين اليوم

في مخيم الجلزون القريب من مدينة رام الله لا يزال الحاج أحمد داوود نمر " أبو مراد" وأبناؤه التسعة وأحفاده يعيشون حلم العودة.. العودة إلى قريته الأصلية "المزيرعة" التي خرج منها وعمره لم يتجاوز الشهر، وعاد إليها في المرة الأولى وعمره 24 برفقة والده.

 "الآن أو بعد 100 سنة نحن أبناء هذه البلدة التي هجر سكانها بفعل القصف والترهيب وتفرقوا في كل العالم، ولن يستطيع الاحتلال محو ذلك من عقلنا وقلبنا نحن وأحفادنا من خلفنا" قال أبو مراد لـ فلسطين اليوم".

النكبة 74.jpg
 

وبالحديث عن تفاصيل الخروج يتابع:" لم يكن في قريتنا أحداث، ولكن القصف الذي حدث في اللد و القرى القريبة كان يسمع من القرية فخرجنا خوفا على حياتنا، على أمل العودة بعد أسبوع".

العودة بعد أسبوع كانت المؤكد لوالده، الذي عندما وصل وعائلته (الحاج أحمد وعمره شهر وأبنه الأكبر وعمره 10 سنوات وزوجته وزوجته أبيه) إلى قرية رنتيس القريبة من المزيرعة بقي فيها عاماً كاملاً ينتظر العودة، ولكن مع بدء إحصاء اللاجئين أدرك أن العودة طويلة.

خرج والد الحاج أحمد من قرية رنتيس والتحق بشقيقه الأكبر في قرية عارورة القريبة، وهناك أيضا بقي عاماً كاملاً حتى بدأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" ببناء المخيمات فانتقل للعيش فيها مع عائلته، ومع تطور المخيم و اللجوء عام بعد عام كبر حتى وصل إلى عمره 74 من النكبة.

نكبة 74.jpg
 

" في البداية كان المخيم عبارة عن خيام، نحن كانت حصتنا خيمة بثلاث عمدان فقد كنا عائلة مكونة من خمسة أشخاص، نصبناها في منطقة الوادي، أنا رغم صغر سني حينها ساعدت أبي وأخي في نصبها"، وتابع:" في ذلك العام ضربت المنطقة عاصفة ثلجية قوية جدا، هدمت الخيام و شردتنا مرة أخرى".

ورغم أنه لم يتمكن بعد زيارته برفقة والده العودة إلى القرية، إلا أنه يحفظ جغرافيتها وكأنه ل يخرج منها يوما، "ذلك اليوم لا يزال محفورا في رأسي بكل تفاصيله، كان أبي يريد أن نعرف مكان أرضنا وبيتنا خوفا أن يموت قبل أن يعود للقرية".

لا تختلف حياة أبناء المخيم الأن ولا حياة عائلة الحاج أحمد في مخيم الجلزون عن ذلك الحين، فلا تزال الأوضاع في المخيم صعبة للغاية، ولا يزال الفقر و الاكتظاظ وضيق العيش يحاصرهم بعد 74 عاما.

22 مخيما

مخيم الجلزون الذي يسكنه أبو مراد واحد من 22 مخيما في الضفة بدأ ببنائها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا والتي تأسست في حينه لمساعدة اللاجئين وتشغيلهم إلى حين عودتهم إلى بلادهم الأصلية في كل أراضي الشتات، بعد أن كان الصليب الأحمر الدولي مسؤولا عن متابعة أوضاعهم.

وكما الجلزون كانت المخيمات عبارة عن خيم حتى نهاية العام 1952 وبداية العام الذي يليه حيث بدأ ببناء وحدات سكنية من الطوب للاجئين، ومع كل تطور للمخيمات بالبناء وتقديم الخدمات كانت العودة تبتعد أكثر وأكثر في أذهان وعقل اللاجئين.

وحملت مخيمات الضفة كما غيرها من المخيمات أسماء القرى والمدن التي بنيت بالقرب منها، وهذه المخيمات 19 مخيما تقع تحت إدارة الأونروا وتشرف عليها بشكل كامل مخيم عايدة، مخيم الدهيشة، وبيت جبرين "العزة"، وجميعها في محيط مدينة بيت لحم جنوبا.

النكبة.jpg
 

ومخيمات أريحا وهي عقبة جبر، ومخيم عين السلطان غرب المدينة، وفي جنين كان المخيم الذي حمل اسم المدينة.وفي رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية يقع كل من مخيم الأمعري، ودير عمار، والجلزون.

ومن مخيمات الضفة مخيم قلنديا والذي أقيم شمال مدينة القدس المحتلة، وبقي الوحيد في المدينة حتى العام 1966 حيث أنشئ مخيم شعفاط يسكنه اللاجئين الذين هجروا من قراهم في الشق الغربي من المدينة.

مخيم الفارعة أكبر المخيمات في التعداد

وفي محيط مدينة نابلس يقع كل من مخيم الفارعة، مخيم بلاطة شرقا الذي يعتبر من أكبر مخيمات الضفة بحسب عدد السكان المسجلين لدى وكالة الغوث. وليس ببعيد عن بلاطة يقع مخيم عسكر " الجديد والقديم، ويعتبر أيضا من أكبر المخيمات من حيث التعداد، ورابع هذه المخيمات مخيم عين بيت الماء.

وفي مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية مخيم طولكرم ي، ونور شمس. وفي الخليل مخيم الفوّار  أقيم عام 1950 ويقع إلى الجنوب من المدينة، ومخيم العروب.

النكبة  74..jpg
 

ثلاثة مخيمات لا تعترف بها الأونروا

بالإضافة إلى ثلاثة مخيمات  غير معترف بها من قبل وكالة الغوث وهي مخيم قدورة و مخيم بيرزيت مخيم سلواد وجميعها في محافظة رام الله والبيرة، ويحمل كامل سكانها بطاقات الوكالة.

ويشكل اللاجئين في هذه المخيمات 26% من سكان الضفة الغربية، و 17 % من مجمل اللاجئين في الوطن والشتات والبالغ عددهم حسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حوالي 6.4 مليون لاجئ. الأشد فقرا.

وتعيش هذه المخيمات أوضاعا اقتصادية صعبة للغاية، وتصنف على أنها الأشد فقرا من بين جميع التجمعات السكانية في الضفة الغربية و الأعلى بطالة، حيث بلغت نسبة الفقر 39% بينما قفزت نسبة البطالة وخاصة بعد جائحة كورونا وتقليص وكالة الغوث لخدماتها إلى 47%.

حول ذلك يتحدث رئيس لجنة خدمات مخيم الجلزون، محمود مبارك محذرا من استمرار الأوضاع الصعبة للاجئين الذين باتوا " أكثر شرائح المجتمع الفلسطيني فقرا" بعد تقليص ميزانيات الوكالة المخصصة للمخيمات الضفة.

أوضاعا صعبة للغاية

وقال مبارك  لـ فلسطين اليوم:" عشنا مع بداية إنشاء المخيمات أوضاعا صعبة للغاية، وهي ذات الأوضاع التي يعيشها أبناؤنا الآن في ظل الأوضاع الصعبة للمخيمات، هنا الفقر والبطالة والاكتظاظ، والبيوت الآيلة للسقوط واعتداءات الاحتلال اليومية و الانتفاضة المستمرة منذ 74 وحتى الآن".

وسط كل هذه الأوضاع يحاول البعض تمرير مخططات ليست بالجديدة لتصفية الوكالة، كما يقول مبارك، فقبل عامين كان هناك محاولات لحال الوكالة ومحاولة دمجها ضمن عمل المؤسسات العاملة على متابعة شؤون اللاجئين في كل العالم، "كل هذه المحاولات مرفوضة من أكبر لاجئ إلى أصغرهم".

وتابع:" كل هذه الأجيال التي ولدت وكبرت بعد النكبة ترفض كل الخيارات السلمية و الدولة على حدود 1967، مطلها واحد وهو العودة إلى قراهم وبلدانهم التي هجروا منها".

كلمات دلالية