خبر الشيخ رائد صلاح يحذر: « القدس المحتلة » تمر بأخطــر مراحلها

الساعة 03:46 م|26 ابريل 2009

فلسطين اليوم-أكتوبر المصرية

 لماذا الهجمة الشرسة الحالية على المقدسيين وعلى المسجد الأقسى؟ ولماذا تصاعدت وتيرة الاعتداءات الصهيونية على مدينة القدس وطمس كل ما هو فلسطينى سواء أكان بشرا أو حجرا أو شجرا أو كان حيا أو ميتا؟

وما الهدف الحقيقى للمخطط الصهيونى الذى تقوم به المؤسسة الإسرائيلية.. جهارا نهارا أمام العالم دون أن يحرك ساكنا. وكيف يمكن مواجهة تلك المؤامرة الخطيرة عربيا وإسلاميا ودوليا؟

يجيب عن تلك التساؤلات الشيخ رائد صلاح ابن (أم الفحم) ورئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر أثناء الحوار مع "مجلة أكتوبر" الذى تم معه بعد أن أدى مناسك العمرة.

وكشف الشيخ "صلاح" عن المخطط الصهيونى لما تقوم به المؤسسة الصهيونية.. مؤكدا أن المسجد الأقصى يعيش خطرا حقيقيا أكثر من أى وقت مضى ويزداد يوما بعد يوم نتيجة استمرار حفريات الاحتلال والهدم والتهويد لإخلاء المدينة المقدسة من الفلسطينيين وجعلها مدينة يهودية خالصة. من خلال قرارات إسرائيلية بهدم منازل الفلسطينيين فيها ومنهم من بناء أخرى جديدة. ومصادرة أراضيهم ومزارعهم واقتلاع جميع الآثار والرموز الدينية الإسلامية، وطردهم وترحيلهم طبقا لسياسة التطهير العرقى حتى يصل إلى مرحلة بقاء مدينة القدس بلا وجود إسلامى عربى.

 

*وما هى الأسباب الحقيقية للاقتحامات الصهيونية والاعتداءات الوحشية التى شاهدناها على شاشات الفضائيات الأسبوع الماضى.. وهل تتعلق بأعياد عيد الفصح؟

**اقتحام قطعان اليهود باتجاه المسجد الأقصى المبارك جاء تحت حماية السلطات المحتلة تحت ذرائع دينية إلا أن الحقيقة أنها سياسية.. تستهدف تغيير الواقع وهى انتهاك واضح لحرمة المسجد الأقصى الشريف لتؤكد السلطات المحتلة كعادتها أنها تضرب بعرض الحائط الشرعية الدولية والتراث الإسلامى وتحمى المستوطنين المستعمرين الذين يعيثون فسادا فى المقدسات الإسلامية فى القدس.

 

*ما الهدف من استمرار الحفر المستمر أسفل المسجد الأقصى؟

**الهدف الحقيقى من استمرار الحفريات هو هدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم مكان المسجد وإذا تذكرنا ما قاله بن جوريون عندما أعلن أنه لا معنى لإسرائيل بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل.. وقد سار نتنياهو على هديه عندما افتتح عام 1996 رسميا نفقا تحت المسجد الأقصى لإطلاق عمليات الحفر تحت أساسات المسجد للتمهيد لهدمه مع إزالة أحياء بالكامل وتهجير سكانها حتى أصبح للقدس مستويان أرضى وعلوى لامتداد هذه الحفريات تحت محيط أرضها؛ والهدف النهائى تهويد المدينة القديمة وهدم الأقصى وتطهير المدينة من العرب وإقامة الهيكل بعد تصفية الفلسطينيين من سكانها العرب لإقامة دولة يهودية نقية!! تنفيذا للمخطط الصهيونى لتنفيذ مفهوم القدس الكبرى وهى فكرة أقرتها سلطات الاحتلال وتفرضها على الواقع بالقوة بما يعنى توسيع مساحة القدس حتى تمتد من بيت لحم حتى رام الله شمالا وحتى أريحا شرقا لتصادر كل الأراضى الواقعة فى هذه المساحة عن طريق الاستمرار ببناء الأراضى الفلسطينية المغتصبة الكبيرة مثل (أبو غنيم) و(معاليه أدوميم).

 

*ما الهدف من تزامن الاعتداءات المتكررة على المدن مثل (أم الفحم) و(حى سلوان) بحجة إثارة الشغب والفوضى؟

**القضية ليست مجرد أعمال شغب ولكن الأمر يتعلق بالتمهيد لسياسة الترحيل التى بدأت تتحدث عنها الأبواق الصهيونية الرسمية والتى بدأت تلوح بأنها تسعى إلى ترحيلنا نحن الفلسطينيين فى العمق الفلسطينى فى حدود عام 1948. فإن ما جرى يوم 24 الشهر الماضى هو أمر خطير لأنه أمر مصيرى بالنسبة لبقائنا فى بيوتنا وأرضنا ومقدساتنا ولذلك وجدنا أنه من الواجب التصدى لمحاولات هؤلاء الصعاليك الذين حاولوا اقتحام مدينة (أم الفحم) ولا شك أن اختيار مدينة أم الفحم فى هذه الأيام كان له مغزى. فهذه المدينة فى تفكير المؤسسة الصهيونية الرسمية هى من المناطق المرشح أن يبدأ بها الترحيل بأساليب خداعة.

عاصمة الثقافة العربية

*لقد تم اعتقالكم من السلطات الإسرائيلية المحتلة قبيل زيارتكم الحالية للسعودية فما السبب؟

**لم أكن المعتقل الوحيد. كنت مع أكثر من عشرة إخوة ضمن المشاركين فى المؤتمر الصحفى الاحتفالى بمناسبة الإعلان عن القدس الشريف عاصمة الثقافة العربية.. وخلال التحقيق معنا كان هناك تساؤلات كثيرة من قبل المحققين الصهاينة حول ارتباطنا بمدينة القدس الشريف ومقدساتها.. وبالمسجد الأقصى المبارك وأعتقد أن الاعتقال يأتى على خلفية كل هذا الموقف لكل هذه القضايا وكان الاحتلال الصهيونى يحاول إرسال رسالة لتكميم أفواه جميع الإخوة الذين كانوا معنا.

 

*هل معنى ذلك أن سلطات الاحتلال تحاول إسكات الأصوات التى تعرقل مسيرة هدم الأقصى وتهجير الفلسطينيين؟

**لا شك أن الاحتلال الصهيونى لا يتردد فى تنفيذ أية خطوة من شأنها أن تقترب من حلمه الأسود الذى لن يتحقق وهو بناء هيكل أسطورى على حساب المسجد الأقصى من أجل ذلك هم يصادرون أرض القدس ويهدمون بيوت القدس ويقومون بسلسلة اعتقالات متواصلة من أجل فرض أجواء إرهاب على أهلنا فى مدينة القدس وعلى جميع أهلنا فى كل أنحاء المجتمع الفلسطينى. وأؤكد أن هذه السياسة لن تنجح لأن قضية القدس ليست قضية شخصية بل قضية عقيدة. قضية حق تاريخى حضارى لكل الأمة الإسلامية والعالم العربى والشعب الفلسطينى.

*لقد أدانت الأمم المتحدة إسرائيل بسبب جرائم الحرب التى قامت بها فى غزة.. هل يعنى ذلك تلميع الإدارة الأمريكية الجديدة. وذر الرماد فى العيون لامتصاص الغضب العالمى أم أن هناك بالفعل تغيراً فى الموقف العالمى تجاه القضية الفلسطينية.

 

**شعبنا الفلسطينى لا يزال يعيش نكبة طويلة منذ 60 عاما. لذلك لم يعد يرضى بمجرد التصريحات والكلام سواء صدر من هيئة الأمم المتحدة أو جهات عليا. شعبنا الفلسطينى يصر على ضرورة اتخاذ مواقف عملية رادعة لسياسة الاحتلال الصهيونى المتوحشة التى لا تزال تقوم بجرائمها فى غزة وفى القدس الشريف وأيضا فى الضفة الغربية؛ لذلك لن يفرح لمجرد عنتريات إعلامية ليس إلا. نحن ننظر لهذه الأقوال كموقف يحتاج أن نضعه على المحك فهذه الأقوال فى امتحان إذا ما تلاها خطوات عملية فهذا ما يرجوه شعبنا الفلسطينى أما إذا بقيت مجرد أقوال لا تسمن ولا تغنى من جوع فمن الواضح أنها مجرد ذر للرماد فى العيون.

*ما مدى رؤيتكم للإدارة الأمريكية الجديدة فى تغيير الوضع؟

 

**الإدارة الأمريكية على مدار تاريخها لم نحصد منها إلا الويلات كشعب فلسطينى ودائما يقال لنا إن هناك رئيسا جديدا يحاول أن يغير الخطاب الأمريكى تجاه العالم العربى والإسلامى والشعب الفلسطينى. لذلك نحن لا نستعجل مثل هذا الخطاب ولا نفرح به ولا نلهث وراءه. بل يمكن القول أن هذا الخطاب الآن فى امتحان.. وأوباما الآن فى امتحان.. وهل هو فعلا يملك القدرة والجرأة والتصميم على تنفيذ التزامات هذا الخطاب أم سيدور فى حلقة مفرغة من الوعود ليس إلا.. نحن نتمنى له النجاح لكن نجاحه لن يكون بمجرد الأقوال والوعود فالحد الأدنى لنجاحه هو التسهيل لقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

مستقبل الأقصى

*ما رأيكم فى الحكومة الإسرائيلية الجديدة.. وما مدى تأثيرها على مستقبل الأقصى؟

**الحكومة الصهيونية الجديدة لن تأتى بجديد بل هى ستواصل سياسات الحكومات الصهيونية السابقة.. وهى تشكل خطرا على الأقصى ليس للمرة الأولى فى تاريخ الحكومات، هذا الكيان المغتصب بل إن جميعها كانت تشكل خطرا على الأقصى ولا تزال، فجميعها تعمل على صناعة الأجواء التى تتيح لها الفرصة لتنفيذ مخططاتها «بناء الهيكل على حساب المسجد الأقصى».

*ما الذى يمكن من وجهة نظرك أن يردع الاحتلال عن تماديه فى تنفيذ مخططاته؟

 

**هذا يحتاج إلى أمرين.. الأول الدور الرسمى للحكومات العربية والإسلامية فهى مطالبة بأن تستنفد كل الوسائل السياسية والإعلامية والدبلوماسية التى تملكها بهدف تشكيل ضغط على الاحتلال الصهيونى لإيقاف سياسة التمادى فى اعتداء على القدس الشريف والمسجد الأقصى. والأمر الثانى يتعلق بدور مطلوب من الشعوب الإسلامية والعربية. حيث أومن أن هذه الشعوب لو قامت من أجل مناصرة القدس الشريف والمسجد الأقصى كما قامت مشكورة لهبتها الجماهيرية خلال الحرب على غزة ولو أدت نفس هذا الدور الذى أدته فى نصرة غزة سيحدث ضغط قوى جدا من شأنه أن يوقف كل سياسات التمادى للاحتلال الصهيونى.

*هل تعتقد أن المؤسسة الصهيونية نجحت فى مخططاتها لتهويد القدس؟

 

**المؤسسة الصهيونية تعانى من مأزق فى نظرها خطير جدا، فالوكالة اليهودية العالمية التى أخذت على عاتقها تشجيع يهود العالم للرحيل إلى أرضنا إلى المؤسسة الصهيونية هذه الوكالة فشلت ولم تعد تستطيع أن تقنع يهود العالم أن يرحلوا إلى أرضهم المزعومة. وهذا بالنسبة لهم أمر خطير جدا. وهناك أمر ثان وهو أمر 750 ألفاً ممن كانت الوكالة قد نجحت فى نقلهم إلى إطار المؤسسة الصهيونية هؤلاء خلال هذه الفترة القريبة من الزمن قد هاجروا هجرة معاكسة.. هاجروا إلى أوربا وكندا فهم يعيشون الآن فى مأزق بعد أن فشلت الوكالة اليهودية بما كانت تعول عليه وهذا يعنى أن العدد الذى تعول عليه الوكالة سيتناقص نسبيا مع الأيام القادمة فى المقابل يزداد عدد الفلسطينيين.

*لوقف الحفر تحت المسجد الأقصى هل يمكن تشكيل لجنة لمتابعة الآثار الإسلامية التى تظهر نتيجة الحفر هناك كما حدث فى باب المغاربة.. عندما ظهرت الحلقة التى ربط فيها الرسول صلى الله عليه وسلم البراق عندما حاول اليهود هدم هذا الباب؟

 

**فى تصورى لابد من لجنة آثار من المسلمين والعرب لتقف على مخاطر جرائم الحفر التى يقوم بها الاحتلال ثم تتوجه هذه اللجنة المسلمة العربية إلى من يهمه الأمر من عناوين عالمية؛ ومن عناوين إسلامية وعربية علاوة على مناشدتها بأن تأخذ دورها من أجل ممارسة ضغوطها المتواصلة على الاحتلال لإيقاف جرائم الحفر.