خبر أوباما – سياسة ساذجة أم منعشة؟ .. إسرائيل اليوم

الساعة 11:44 ص|26 ابريل 2009

بقلم: البروفيسور أبراهام بن تسفي

مع نهاية مائة يوم من الرأفة لاوباما في البيت الابيض يطرح السؤال اذا كان ممكنا لنا ان نشخص ميولا أساسية في سلوكه في الساحة الدولية. ومع أنه في النظرة الاولى ترتسم صورة نمط عمل حراكي، مليء بالحركة المكوكية واللقاءات دون نظام واضح من الاولويات، فان الفحص الجذري يشير الى قاسم مشترك بين كل خطواته.

يدور الحديث عن تطلعه لاستقرار الساحة الدولية ومنع اندلاع ازمات ونزاعات مفعمة بالخطر، وذلك من خلال تلطيف حدة القوى الراديكالية في الساعات المختلفة وادخالها التدريجي الى خيمة الاسرة الدولية. عملية "ترويض العاقين" ودمجهم في النظام العالمي كلاعبين شرعيين كفيلة، كما يأمل اوباما في أن تعفي الولايات المتحدة من عبء التدخل العسكري المباشر والطويل في بؤر التهديد والخطر على المصالح الامريكية الحيوية. وهكذا يتاح لها أن توجه معظم وقتها ومصادرها لمعالجة المسألة الاقتصادية الداخلية.

خلافا لنهج سلفه، الذي رأى المحيط الخارجي كميدان معركة لا هوادة فيه بين القوى الديمقراطية ومحور الشر، تغيب عن عالم اوباما الزوايا الحادة والتمييزات القطبية. ولما كان الحديث لا يدور حسب نهجه عن حرب جوج وماجوج بين اعداء الداء بل عن خصومة قابلة للجسر والحل الوسط، فينبغي برايه الاجتهاد لتوجيه هؤلاء الخصوم الى مسار التعاون والسلوك البراغماتي.

هكذا، سواء كان الحديث يدور عن كوريا الشمالية، ايران، سوريا، كوبا ام فنزويلا، تتميز كل الخطوات الاولى للنزيل الجديد في البيت الابيض باستعداده لاخفاء عصا التهديد والتشديد بدلا منها على الحوافز والاغراءات الاقتصادية والسياسية كرافعة لدفع رؤيا الاستقرار الى الامام.

ولما كان من المستبعد ان تسوى، بضربة واحدة، كل مصادر الاحتكاك والخلاف، فان اوباما مستعد لان يسير في مسار التقدم التدريجي الذي رسمه هنري كيسنجر قبل نحو ثلاثة عقود. تطلعه الاولى هو ان يشخص نقاط الالتقاء (وان كانت جزئية) مع قوى حتى وقت قصير مضى كانت تسير على محور الشر لدى بوش. من هنا قد تنشأ – حسب هذا المذهب الساذج بقدر ما – آلية ايجابية حين ستزيد ثمار الاتفاق ورزم الحوافز التي ستغذي المسيرة مدى استعداد لاعبين مثل ايران، سوريا وكوريا الشمالية للمساهمة في نظام عالمي جديد ومستقر. من أجل دفع هذه الرؤيا الى الامام، مستعد الرئيس للعمل بالتوازي في مسارين. من جهة، يعلن عن استعداده لفتح صفحة جديدة وحوار مباشر دون شروط مسبقة مع كل خصم. ومن جهة اخرى، يسعى الى تجنيد "مقاولين ثانويين" ذوي قوة كالصين، روسيا والعربية السعودية كي تمارس هي ايضا تأثيرها الملطف على جيرانها او حلفائهم الراديكاليين. كل مقاول اقليمي يشارك في اللعبة يحظى بمردود فوري او بوعد بمردود مستقبلي من واشنطن.

في هذا الهامش الواسع لصفقات التبادل ترتسم امام ناظرينا محاولة طموحة للتصدي الجبهوي مع كل جذور التمزق، الخلاف والنزاع التي تلقي بظلالها على استقرار الساحة الدولية. وعليه فليس مفاجئا ان تمنح ادارة اوباما، منذ هذه الايام، اهتماما لا بأس به بالمسألة الفلسطينية. في هذا السياق لا ينبغي أن نتجاهل امكانية أن تكون المعالجة الامريكية لهذا الاطار المشحون تعويضا لجهات مركزية في الساحة، مثل العربية السعودية، على نشاطها المخفف ومساهمتها الاقليمية الشامة في صالح المصالح الامريكية.

منذ هذه المرحلة تظهر بوادر ائتلاف عربي يمنح دعما متجددا لمبادرة السلام السعودية، التي امتشقت منذ زمن غير بعيد من المخزن بعد فترة تجميد وتحظى بتأييد الرئيس. هذا فقط واحد من السيناريوهات المحتملة، الذي سيستدعي من نتنياهو الاستعداد في أقرب وقت ممكن لنهج امريكي جديد من شأنه ان يعيد اسرائيل في نفق الزمن الى الايام الاولى، وغير السهلة لادارة ديمقراطية سابقة – ادارة كارتر.

نتيجة محتملة اخرى لميل اوباما الاعتماد بشكل حصري – على الاقل في المراحل الاولى من المفاوضات – على جزرة الاغراء والتعويض من شأنها أن تكون تحويل ايران الى دولة نووية بفضل موافقة الولايات المتحدة على السماح لها بمواصلة تخصيب اليورانيوم دون رقابة او عقوبات. في هذه الحالة، فان تطلع الادارة الى خطوة بانية للثقة تجاه طهران من شأنه ان يخلق آلية ستعظم فقط انعدام الاستقرار والخطر على امن المنطقة بشكل عام وامن اسرائيل بشكل خاص.