خبر لحظة الحقيقة كل شيء يمر، يا (ح) بيبي .. يديعوت

الساعة 11:43 ص|26 ابريل 2009

بقلم: ايتان هابر

مدير مكتب رابين سابقا

اساطير السياسة الاسرائيلية، التي من طبيعتها ان تمجد الزمن، تروي عن لقاء، قبل عقد من الزمان بين الرئيس الامريكي بيل كلينتون ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. في ختام اللقاء، كما تروي الاسطورة، توجه كلينتون لمستشاريه سائلا: "قولوا لي، من بيننا هو رئيس  الولايات المتحدة؟" ولمن لم ينزل الى قاع رأيه شرح: "هو تحدث الي وكأنه هو رئيس القوة العظمى في العالم". هذه الاسطورة، من شبه اليقين، اعجبت طائفة منتصبي القامة الوطنية في اسرائيل: "هكذا يتحدث رئيس وزراء اسرائيلي"، كما همسوا لانفسهم باستمتاع.

سواء كانت القصة صحيحة أم كانت بدعة سياسية، ينبغي الايمان والامل في أن نتنياهو، في العقد الذي مر، قد تعلم الكثير وانه بالفعل، على حد قوله، قد تغير. وعندما سيصل، في منتصف ايار القريب القادم الى البيت الابيض، لن يفغر الرئيس اوباما فمه دهشة. ينبغي الافتراض بان كل شيء سيكون جاهزا وواضحا للرئيس، لمساعديه القريبين ولوزيرة الخارجية، زوجة ذاك الرجل اياه.

حين قالت في حينه غولدا مائير ان "من يريد أن يكون رئيس وزراء في اسرائيل – فانه يستحق"، فانها قصدت، دون أن تعلم، هذه اللحظات من اللقاء المرتقب بين اوباما ونتنياهو. لا ينبغي لنا ان نحسد نتنياهو في هذا الموقف. اوباما سيسأله، مثلما سأل الرئيس جونسون في حينه ليفي اشكول، "أي دولة اسرائيل أنت تريد؟" واذا حاول نتنياهو ان يعيد تكرار خطط سياسية قديمة، فسيريه اوباما سلة المهملات تحت طاولة عمله في الغرفة البيضاوية. واذا كان لاوباما حس دعابة (او كبديل، مستشار يهودي) فسيقول شيئا ما بالايدش عن "قالطع لوكشن" (معكرونة باردة) وسيبعث برئيس الوزراء الاسرائيلي الى الموعد التالي.

نتنياهو على ما يبدو يعرف ذلك. وعليه فانهم يسربون من جهته في الاونة الاخيرة عن "اعدادات" و "خطط سياسية جديدة" ويلمحون بان "نتنياهو يفهم قضية الدولتين للشعبين". تخميني: نتنياهو يمر هذه الايام في ذات السياق الذي مر به من قبله مناحيم بيغن، وبقدر اقل اسحق شمير، اسحق رابين، شمعون بيرس، ايهود باراك، ارئيل شارون، ايهود اولمرت وتسيبي لفني ايضا.

الى أن وصل الى مكتب رئيس الوزراء كان لديه ترف الحديث وعدم معرفة الكثير، الخطابة وعدم الالتزام بالكلام. اما في الاسبوعين – الثلاثة اسابيع الاخيرة فقد جلس في مكتبه وسمع استعراضات وتلقى معلومات مذهلة وصعبة عن الوضع الاستراتيجي – الامني، السياسي – الاقتصادي لدولة اسرائيل، ويبدو أنه اتضح له بان الخطابات في جهة والواقع المختلف تماما في جهة اخرى. احلام اجيال، ايديولوجيا آمن بها ببراءة، افكار وردت الى عقله على مدى السنين – لا تناسب الواقع. كل شيء يمر، يا (ح) بيبي.

ولكن عندما يغلق نتنياهو عينيه للحظة، فانه يرى أباه، بن تسيون، الذي لا يؤمن بالسلام، ليبرمان، رفاقه في الحكومة، في الكتلة، في الحزب، تربيته في البيت، مئات الالاف الذين آمنوا بعقيدة جابوتنسكي على مدى سنوات جيل.

والان عليه أن يقرر ممن ينبغي له ان يخاف اكثر: من دانييلا فايس ورفاقها ام من القنبلة النووية؟ من الاب بن تسيون الذي ينتظر في البيت أم من براك اوباما الذي ينتظر في البيت الابيض؟ من "دولتين للشعبين" ام من "وجئنا الى البلاد التي فيها سينبت ويترعرع زرعنا"؟

نتنياهو جاء الى الولاية الثانية ايضا، وليس فقط، كي يدخل الى التاريخ كمن فعل فعلا تاريخيا. من ناحيته تقترب اللحظة الهامة في حياته كرئيس للوزراء. سيكون ممكنا تأجيل هذه اللحظة لزيارة اخرى، لحديث آخر – ولكنها ستأتي.

في الرواق، الى جانب مكتبه، تعلق صور كل رؤساء وزراء اسرائيل، بمن فيهم بيغن وشارون، رابين واولمرت، الذين غيروا اراءهم المبدئية من الاقصى الى الاقصى تماما. والان حان زمن نتنياهو: فهل ستكتب عنه كتب التاريخ أم أن اسمه لن يذكر الا في ملاحظة هامشية في تلك الكتب؟