خبر كتب ثابت محمد العمور: مؤتمر دوربن للعنصرية استباحة إسرائيلية بغطاء دولي

الساعة 09:33 ص|24 ابريل 2009

قامت الدنيا ولم تقعد وخرجت الوفود الأوربية تواليا وتباعا بمجرد أن بدأ الرئيس الإيراني كلمته، وقبل ذلك رفضت كندا والولايات المتحدة الحضور والمشاركة في المؤتمر، هم يعلمون مسبقا ماذا سيقول الرئيس أحمدي نجاد؟، ويعلمون أن ما قاله حقيقة كالشمس وواقع حقا وملموس في أكثر من مكان، ولست هنا بمعرض عما قاله الرئيس الإيراني نجادي، بقدر ما استهدف دلالات الانسحاب الأوروبي، الذي يعني ضمنا وفي سياق المعني القريب والواضح رفض إدانة إسرائيل أو اتهامها أو حتى توبيخها ولومها على كل ما قامت به، هم أرادوا بحضورهم تجنب تكرار ما حدث في المؤتمر الأول الذي عقد في العام 2001، ورغم أنه آنذاك لم تكن إسرائيل قد أوغلت وتوغلت في الاستعلاء والاستباحة إلا أنها أدينت وأقرت الصهيونية بأنها عنصرية دون منازع .

 

والسؤال أليست إسرائيل دولة عنصرية؟، والإجابة خياران لا ثالث لهما إما نعم وإما لا ، وإن كانت الأولى فهذا يعني أن كلمة نجادي صحيحة وحقيقية، فلماذا إذن احتجت الوفود الأوربية على كلمة نجاد وانسحبت؟، ألا يعني انسحابها أنها راضية وقابلة بكل ما تقوم به إسرائيل، وأنها تبيح لإسرائيل استباحة الدم العربي والفلسطيني والإسلامي، ألا يعني هذا أنها تستبدل مليار مسلم بالولاء والطاعة لإسرائيل؟، مضى المؤتمر ومضت الوفود وكلا عاد إلى موطنه ، وإن كانت الإجابة بلا فأقول أن العنصرية الإسرائيلية البغيضة والممارسة على مدار اليوم والساعة مستمرة ومتواصلة ولا يمكن نفيها أو حمايتها أو الاحتجاج على إدانتها الذي يعني في أحد معانيه توفير غطاء دولي غربي لكافة الممارسات والسلوكيات الإسرائيلية الغير إنسانية، وحتى لا يقال بأن هذا هذيان وعداء للسامية سأستشهد بقلة قليلة من شواهد وممارسات إسرائيل وليتفق معي القارئ أو يختلف، ولكن لنستحضر بعضا من ممارسات إسرائيل، وللعلم سأستدعى بعضا مما قاله ويقوله الإسرائيليون في صحافتهم، وبعضا مما يعترفون به ويصرحون ويدلون به. 

 

الاستباحة الإسرائيلية للأمة العربية والإسلامية لم تعد سرا ولم تعد هينة وبسيطة يمكن السكوت عليها وتركها هكذا تمر دون استحضار، وكنت قد قرأت مقالين للكاتب فهمي هويدي وهو بالمناسبة من الكتاب القلة الغيورين على الأمة والملامسين لجراحها وآلامها كان عنوان المقال الأول أجراس الغارة على السودان ولن أتعرض لما ورد في المقال لأن في العنوان الدلالات والمعاني واضحة وضح الشمس في نهار الصيف، وكان المقال الثاني بعنوان تجليات العبث الإسرائيلي في ديارنا وقد بدأ الكاتب مقاله بعبارة " لسنا بحاجة إلى سيناريو «المؤامرة» لكي نتتبع تجليات الاختراق والعبث الإسرائيليين في دول المنطقة. فالوثيقة التي تسربت حول الشهادة المثيرة التي أدلى بها المسئول الأمني الأول في الدولة العبرية تسلط أضواء كافية على تدابيرهم ومخططاتهم، تغنينا عن الاجتهاد والتخمين في الموضوع"، ويشير المقال لمحاضر لـ أفي ديختر رئيس الشاباك السابق ووزير الأمن الداخلي في حكومة أولمرت، ويتعرض الكاتب لمناطق الاستهداف الإسرائيلي وهي مصر وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق والسودان، وقد أشار الكاتب للسياسات المتبعة والسيناريوهات المتوقعة، وقد استحضرت مقال الكاتب لمعرفة إلى أين وصل العبث الإسرائيلي بديارنا ولكنهم يردوننا أن نصمت ونطبق الشفة ولا ننطق بأي كلمة حتى وإن كانت إدانة، أليست تكميم الأفواه بحد ذاته ممارسة عنصرية وسلوك يتنافى مع معزوفة حقوق الإنسان الإمبريالية الغربية.

 

هذه واحدة من الممارسات والعبثيات والاستباحات الإسرائيلية أما الثانية، أتساءل هل قصف السودان واستباحة أراضيه وأجواءه وقتل مواطنيه سلوك حضاري لا يتنافى مع أعمال العصابات والممارسات العنصرية، أم هي ضربات استباقية على غرار ما فعلته الولايات المتحدة بالعراق وأفغانستان؟، لندع السودان وحرب لبنان فعندنا في فلسطين ما يكفي، وسنستحضر بعضا منه، الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة وقتل ما يزيد عن 1500 مواطن مدني أعزل جلهم من النساء والأطفال والشيوخ أليست هذه عنصرية وجريمة حرب تجرمها وتحرمها الشرعية الدولية والمنظمات الأممية، والمسيرات التي خرجت وجابت كل عواصم الدنيا ألم تكن تنديدا بالعنصرية الإسرائيلية، لماذا تصر الولايات المتحدة ودول أوروبا على إغماض عينيها وترفض مجرد إدانة إسرائيل واتهامها بالعنصرية رغم أن ممارساتها وسياساتها عنصرية وجرائم حرب لا تغتفر ولن تنساها البشرية ومثلما تستدعي إسرائيل المحرقة المزعومة في كل آن وحين ألا يحق لنا نحن استحضار محرقة واحدة مما قامت به إسرائيل على مدار ستين عاما وأكثر، قد لا يكون ذلك مسموحا لنا، فلنستحضر ما قاله الإسرائيليون إذن.

 

أولا: أجرت صحيفة هآرتس مقابلة مع ضابط الاستخبارات لمصلحة السجون الإسرائيلية تسفيكا سيلع وهو مستشار نفسي وعميد وقد كشف النقاب في المقابلة قائلا:" احتجزنا الشيخ ياسين في سجن هداريم بشروط قاسية جدا بل أذقناه الموت فحرمناه الزيارات، وعزلناه طيلة خمس سنوات في قبو بلغت درجة حرارته في الصيف 45 درجة، فيما ساد برد مرعب في الشتاء وامتنعنا عن تنظيف القبو". وتعرض الضابط الإسرائيلي في ذات المقابلة إلى عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار، مشيرا إلى أن الدولة العبرية حاكت له تهما بقتل طفلة خلال عملية نهاريا عام 1979 لافتا إلى أن هذا مجرد هراء وأسطورة.

 

ثانيا: هآرتس أيضا في العدد الصادر يوم 21- 4- 2009 وبقلم أسرة التحرير أوردت في الافتتاحية مقالا بعنوان "لنوقف تيار التمييز"، تعرضت فيه لإقالة أربعين عاملا من قطار إسرائيل، وذكرت أن حقيقة الإقالات ترتبط مباشرة بأصل المقالين العرقي وان مكانتهم الضعيفة على نحو خاص كعرب سبب إقالتهم، وذكرت ذات الافتتاحية أن هذا يشكل خرقا فظا للقانون، ويحمل معه نذر السوء في منع سبيل العمال العرب، ينبغي الأمل إذن في أن تجد محكمة العمل للعمال الإغاثة المناسبة وان توقف تيار التمييز انتهت الافتتاحية.

 

 

 

ثالثا: وأنهي حديثي وهو تقرير كشف فيه البنك الدولي أن الإسرائيليين يحصلون على مياه تزيد بأربعة أضعاف عمّا يحصل عليه الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة ،واعتبر البنك أن القيود الشديدة على الحركة ولا سيما في الضفة أدت إلى مس آخر بقدرة وصول الفلسطينيين إلى مصادر المياه. واعتبر التقرير أن إسرائيل تستولي على 80% من المخزون الجوفي وهو أكثر مما هو محدد لها وفقا للاتفاقات.

 

هذه إسرائيل التي يحتج الغرب على إدانتها، وتلك ممارساتها وهذا ما قاله الإسرائيليون أنفسهم، وما يقوله الغرب، وتقرير البنك الدولي في حد ذاته إدانة ودليل على العنصرية الإسرائيلية، التي لا تحجبها الانسحابات من المؤتمرات ورفض الإدانات ودعمها بمزيد من القوة العسكرية والاقتصادية وتقنين وتوفير الغطاءات الشرعية لعنصريتها التي تنتشر انتشار السرطان في المجتمع الإسرائيلي ذاته، وبالتالي إذا استمر الدفاع والتقنين والتشريع لعنصرية إسرائيل دوليا وأمريكيا وأوربيا فإن هذا يعني أمر واحدا أن الشرعية الدولية والمنظمات الأممية والديمقراطية وحقوق الإنسان هما فقط بعبع يلوحون به في وجه العرب والمسلمون ويستبيحون دمائهم وأوطانهم به ومن خلاله فقط، ومن يدافع عن إسرائيل لا يقل عنصرية عنها.