خبر المحرقة ليست شعارا جاهزا -هآرتس

الساعة 09:34 ص|23 ابريل 2009

بقلم: آلوف بن

 (المضمون: على نتنياهو ان يتوقف عن تشبيه وضع اليهود اليوم في مواجهة ايران بوضعهم اثناء المحرقة النازية  - المصدر).

بنيامين نتنياهو يشبه التهديد الايراني على اسرائيل بكارثة اليهود في اوروبا، ويشبه محمود احمدي نجاد بأدولف هتلر. هكذا تصرف عندما كان رئيسا للمعارضة وهكذا يتصرف منذ ان عاد الى الحكم. "لن نسمح لمن يتنكرون للمحرقة النازية بان ينفذوا محرقة جديدة بحق الشعب اليهودي"، صرح نتنياهو في يوم ذكرى المحرقة النازية والبطولة في يوم الاثنين على خلفية خطاب احمدي نجاد العدواني امام مؤتمر الامم المتحدة المناهض للعنصرية في جنيف.

الخطاب السياسي مشبع بالمقارنات والتشبيهات بالحرب العالمية الثانية والمحرقة التي تحولت منذ زمن الى كليشيهات وشعارات جاهزة مقولبة. انصار اسرائيل ومعارضوها يكثرون من تشبيه خصومهم بالنازيين ومن السهل فهم السبب: المستمعون يعرفون الحقائق التاريخية ومن الواضح لهم من هم الاخيار ومن هم الاشرار في هذه الحكاية. هذا التشبيه هو مبالغ فيه ولا اساس له من اليمين ومن اليسار على حد سواء. خصوم اسرائيل ليس بالضرورة تلاميذ هتلر، كما ان الحواجز العسكرية والمستوطنات في المناطق ليست غيتو وارسو وتربلنكا. تحويل المحرقة النازية الى تفاهة سياسية يبخس من الخصوصية التاريخية لهذه المحرقة ولذكرى ضحاياها، ولكن السياسيين والصحافيين يجدون صعوبة في التغلب على هذا الاغراء.

رئيس ايران الحالي وخطاباته البغيظة ودعواته للقضاء على "النظام الصهيوني" وادعائه بان المحرقة هي اسطورة كاذبة تهدف الى المس باليهود، ينزلق نحو الصورة النمطية "للمارق" اكثر من اعداء اسرائيل في الماضي، مثل المفتي وناصر وياسر عرفات. تطلع ايران للحصول على السلاح النووي والزعامة الاقليمية وتأييدها النشط لحزب الله وحماس، والميل المتزايد في الغرب لمصالحتها والوصول الى تفاهم معها يعزز من مشاعر التهديد . وحتى ان ترددت ايران النووية في القاء القنبلة النووية على تل ابيب فبامكانها ان تملي على اسرائيل الامور التي تريدها وتضعها في مكانة متدنية استراتيجيا، يقول نتنياهو موضحا.

ما من شك ان مثل هذا الوضع لن يكون مريحا، ولكن لن يكون ايضا دمارا وطنيا وابادة لشعب. حتى في مواجهة عدو صارم وخطير كاحمدي نجاد يتوجب علينا ان نتصرف بحكمة واتزان وان نتجنب بث الرعب والخوف ووضع انفسنا في شرك ذاتي. تحذيرات نتنياهو من محرقة ثانية المدعومة بتسريبات حول التحضيرات المتقدمة لمهاجمة المنشآت النووية في نتاناز وآراك واصفهان، تفسر كمحاولة لحشد التأييد الداخلي والتفهم الدولي للحرب الوقائية ضد ايران . "ان لم تتصرفوا انتم فسنتحرك نحن"، يحذر نتنياهو العالم، والعالم لا يتأثر كثيرا ويعيد الكرة الى ديوان رئيس الوزراء في القدس.

خطاب نتنياهو يقرب اسرائيل من الوضع الذي لا يكون بامكانها فيه ان تمتنع عن الخروج للحرب ضد ايران. احاديثه حول المحرقة النازية تتسبب بقيامه باحراق مسارات الفرار من المجابهة العسكرية المتاحة امامه وامام الدولة، والتنازل عن طرق تحرك اخرى. السؤال لم يعد ان كان بامكان اسرائيل وعليها ان تهاجم وانما كيف يمكن ان لا تهاجم. هذا توجه مباشر غير حاذق لمعالجة مشكلة استراتيجية مركبة.

الرسالة الداخلية التي يطلقها نتنياهو لا تقل عن ذلك اشكالية، وهي تنطوي على خطر لتبديد المعنويات والعزائم. ان كانت الذرة الايرانية تشبه قطارات الابادة المتوجهة الى اوشفيتس، فماذا سيفعل اليهود الاسرائيليون في حالة فشل العملية العسكرية الوقائية ووصول ايران للذرة؟ ما الذي يتوجب ان يفهمه الشبان الذين يتلمسون مستقبلهم؟ ان قبلنا هذا التشبيه بين الكارثة وبين الذرة الايرانية بصورة مجردة فالجواب واضح: عليهم ان يبحثوا لانفسهم عن ملجأ في مكان اخر. من الكارثة النازية نجا بالاساس اولئك الذين غادروا اوروبا في الوقت المناسب من قبل ان يأتي الاحتلال النازي وانتقلوا للولايات المتحدة او لارض اسرائيل. ان كانت اسرائيل توشك على التعرض لمحرقة جديدة فعلى نتنياهو ان يطلب من براك اوباما تأشيرات هجرة لستة ملايين اسرائيلي وليس فقط ضوءا اخضر للقنبلة النووية.

من الطبيعي ان نتنياهو يريد تشجيع الحشد القومي للطاقات وان لا يثير الفزع وان يدفع الناس للهجرة. هو يؤكد انه خلافا لوضع اليهود في عام 1939 اليوم لديهم دولة وجيشا وقدرة على حماية انفسهم ومن الممكن منع الكارثة من قبل ان تحدث. ولكن عندما تكون المسؤولية عن مصير الدولة بيديه يتوجب عليه ان يفكر بمغزى اقواله. ان اقتنع الاسرائيليون بان وجودهم الجسدي في خطر وان من الافضل لهم ان يفروا ناجين بارواحهم من رهبة المارق احمدي نجاد فانه سيحقق مراده من دون ان يطلق طلقة واحدة. بدلا من اخافة الناس من الكارثة الوشيكة يتوجب على نتنياهو ان يبرز امامنا قدراته السياسية العملية التي تعرف كيف تواجه التهديد الايراني وتقلل من اضراره.