خبر قابيل يجول في القدس -هآرتس

الساعة 09:46 ص|22 ابريل 2009

بقلم: يوسي ميلمان

 (المضمون: يجب على دولة اسرائيل أن تكف عن ملاحقة مردخاي فعنونو وتركه يعيش حياته بعد العقوبة التي جرت عليه -  المصدر).

 

مثل قابيل عصري يجول مردخاي فعنونو في شوارع شرقي القدس باحثا عن مكان نوم. لا يوجد له عنوان ثابت، وبسبب العوز الدائم يقضي وقته متنقلا من نزل الى نزل. لا يحل له الحديث الى الاجانب وهو لا يريد الحديث الى الاسرائيليين. اما العرب في شرقي القدس فلا يهبون الى مصاحبته. فهم يشفقون من المشكلات. انه انسان صعب ومعقد. هو مخلص على نحو دغمائي صارم، لكنه يثير الدهش ايضا للمبادىء التي تبناها. حتى ان عائلته واكثر مؤيديه القلائل في الخارج قطعوا الصلة.

ان وضعه الاقتصادي والصحي والنفسي يزداد شدة من يوم الى يوم. لكن اسرائيل "دولة بلا برحمة". لا يوجد لسلطات الامن والجهاز القضائي الذي يدعمها تلقائيا أي شفقة عليه تقريبا. انه جهاز انتقامي وبليد الحس.

هذا الاسبوع استدعت قيادة الجبهة الداخلية، وهي احدى السلطات التي تعالج قضية فعنونو، محامييه افيغدور فيلدمان وميخائيل سفراد للاسماع، وابلغتهما ان الاوامر التي تفرض قيودا على حرية التنقل والحديث لفعنونو ستظل سارية الفعل. وسيبلغ ببلاغ مشابه من وزارة الداخلية ايضا. الى ذلك ما يزال يجري عليه، حتى الاستماع لاستئنافه في المحكمة العليا، عقوبة سجن لاربعة اشهر، بانه اخل بالمحظورات والقيود لانه حاول دخول بيت لحم في عيد الميلاد وتحدث الى صحفيين اجانب.

بهذا دخل فعنونو، منذ اطلاقه من السجن في 2004 سنته السادسة كـ "سجين صهيون". في هذه المدة تبدل ثلاثة رؤساء حكومة واربعة وزراء عدل وثلاثة وزراء دفاع. وقامت اسرائيل بصفقات تبادل اسرى مع حزب الله. اطلق الجواسيس من السجن، وحددت عقوبة القتلة. لكن الدولة تصر على عقوبة فعنونو فقط مرة بعد اخرى بسبب الخطيئة الاولى التي اخطأها.

تنظر السلطات اليه نظرها الى خائن بالرغم من أنه لم يكشف عن اسرار لدولة معادية او لمنظمة ارهابية بل  ولا لجهاز امن اجنبي. لقد كشف عن اسرار اسرائيل الذرية للصحيفة البريطانية "صاندي تايمز". حتى لو قبلنا وجهة نظر الدولة التي تقول ان هذا الامر يجعله جاسوسا وخائنا فانه لم يكن الاسوأ او الاخطر فيهم. كان ويوجد خونة اشد منه حقارة.

أجل لقد جنى جناية وكان يستحق العقوبة. لكن عقوبته – ثماني عشرة سنة في السجن، بعضها في ظروف قاسية من العزلة – قد قضاها. ومع ذلك ترفض الدولة ان تمكنه من مغادرتها ليبدأ حياة جديدة. بل ربما يستطيع اقامة عائلة. ومن المقبول في القانون ان لا يعاقب انسان مرتين على نفس الجناية.

نسب موقف الدولة الحاقد والمنتقم منه ذات مرة الى طابع يحيئيل حوريف وقد فعلت انا ذلك ايضا. اعترف بخطئي. لقد ترك حوريف عمله منذ ما يقرب من سنتين. ومع ذلك يؤيد خلفه امير كاين الموقف نفسه. لا يحل ازالة القيود عن فعنونو والسماح له بمغادرة اسرائيل.

تعليل ذلك واهن يكاد يكون داحضا. والزعم هو أن فعنونو لا يزال يحتفظ في ذاكرته بمعلومات سرية لم يبح بها عن برنامج اسرائيل الذري. يقدر العالم كله ان اسرائيل تملك سلاحا ذريا، فاي ضرر بعد قد يسببه لامن الدولة؟ بحسب هذا المنطق لن يكون من الممكن السماح له بمغادرة اسرائيل ابدا.

كل انسان، مهما تكن وجهة نظره، اذا كان يملك ذرة من الضمير ومن قيم الاخلاق والشعور بالعدل يجب أن يقول للدولة الى هنا. دعي مردخاي فعنونو بعد 23 سنة من العذاب يكون انسانا حرا حقا.