خبر الأعيب الكلمات- هآرتس

الساعة 09:11 ص|22 ابريل 2009

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: اسرائيل تجيد اللعب بالكلمات وبراك اوباما يوشك على السقوط في مصيدة الكلمات هذه مثل اسلافه. يجب الانتقال للافعال - المصدر).

يا للسماء: رئيس الوزراء تنازل في الوقت الراهن عن مطلبه من الفلسطينيين بالاعتراف بدولة اسرائيل كـ "دولة يهودية"، كشرط للبدء بالتفاوض معها. هو كلف خاطره واجل مطلبه للمراحل القادمة. فلتصغوا ايها الناس: ربما، ربما يكلف بنيامين نتنياهو نفسه ويلفظ عما قريب العبارة المحظورة "دولتين للشعبين". شعار اليسار الراديكالي غير الشرعي من الامس سيتردد  في باحات واشنطن على لسان رئيس وزراء الحكومة الاكثر يمينية في اسرائيل. والجميع سيشنون حينئذ على الانقلاب التاريخي. "العملية السياسية ستحلق عاليا وترتفع التوقعات معها مرة اخرى. السلام على مرمى البصر.

مرى اخرى تعود الساحة السياسية لتكون ساحة الكلام. سيقولون ما يقولون ويصرحون ما يصرحون. هذه ضمانة لفشل جديد معروف سلفا. ان قال نتنياهو كلمة الدولتين وان لم يقل، لن يتغير اي شيء. الامريكيون سيثرثرون والاوروبيون سيتأثرون بانفعال واليمين الاسرائيلي سيعبر عن الغضب والمحللون سيكتبون مرة اخرى كيف زال حلم اسرائيل الكاملة بينما يواصل الاحتلال ازدهاره. المستوطنات هي الاخرى ستواصل امتدادها ومد اذرعها. فاغلبية الاسرائيليين وعلى الاقل رئيسي وزراء ورئيسي معارضة قد قالوا منذ زمن نعم للصيغة الا ان شيئا لم يحدث.

الأعيب الكلمات في قضية "الاعتراف" الفلسطيني المنشود في اسرائيل لا تقل سخرية. منذ سنوات طوال ونحن نتسلى بهذه الكلمات. قبل 16 عاما كان من المفترض ان تنتهي اللعبة السخيفة ولكننا غارقين في شؤوننا. في ايلول 1993، تعهد ياسر عرفات امام رئيس الوزراء اسحاق رابين بان تعترف م.ت. ف باسرائيل. وبعد ذلك بثلاث سنوات في عام 1996 انعقد المجلس الوطني الفلسطيني وصادق على هذا الاعتراف. الكلمات التي تطالب بتغيير الميثاق الفلسطيني لم تتوقف حتى بعد ذلك ولم يكن الاعتراف كافيا للاسرائيليين.

بعد ذلك بعامين في كانون الاول 98 تحمل رئيس الولايات المتحدة بيل كلينتون المشقة وجاء حتى غزة وهناك في جلسة بههيجة للمجلس الوطني الفلسطيني حذف اكثر من 12 بندا فظيعا من الميثاق الوطني الفلسطيني سيء السمعة والصيت ومعها 16 بندا فرعيا اخر. يا للسعادة . عضو المجلس جواد الطيبي من غزة قال بأنه صوت بقدميه وليس بيديه فقط. رئيس الوزراء كان في ذلك الحين بنيامين نتنياهو وليس غيره، هذا الذي يحاول مرة اخرى ابتزاز اعتراف جديد اخر بلا داع. بعد الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية سيأتي بالتأكيد مطلب الاعتراف بيوم السبت كيوم اجازة، ومن بعده ربما مطلب باعتراف فلسطيني بقوانين يهودية اخرى.

ولكن المسألة ليست مجرد كلمات وجشع للبيانات، وانما مسألة مصيرية. وحدهم من يريدون منع اي تقدم في العملية هم الذين ينغمسون في تفاهات الاعتراف هذه. والدولة التي تمتلك الثقة الذاتية الضعيفة بصورة استثنائية هي وحدها التي تحتاج الى الاعتراف بطابعها الوطني عموما. هل يخطر بالبال ان تطالب فرنسا بأن يعترف بها كدولة فرنسية؟ او ايطاليا؟ وممن نحن نطلب هذا الاعتراف؟ من اولئك الذين يأنون تحت عبء الاحتلال منذ اكثر من 40 عاما.

في هذه الاثناء يساورنا الخوف بأن رئيسا امريكيا واعدا وربما الاكثر اثارة للامل من بين الرؤساء، يوشك على السقوط في مصيدة العسل المكونة من الكلمات والصياغات. يجب ان نقول لهذا الرئيس: ليس هذا بوقت الكلمات. فقد مر زمنها. لا مزيد من خطة السلام ولا مزيد من مسارات الحل، لا مفاوضات ولا صياغات ولا مؤتمرات، فكل شيء معروف سلفا وكل الخطط تنتظر في الجوارير حتى تحين الساعة. لقد آن آوان الافعال.

الاعتراف الوحيد المطلوب الان هو اعتراف اسرائيل بالفلسطينيين كبني بشر. ان تحقق ذلك فسيصبح كل ما تبقى سهلا نسبيا على الحل. سيأتي يوم ولا يفهم الفلسطينيون والاسرائيليون كيف اراقوا الدماء سيولا جارفة وحول ماذا، ولكن هذا اليوم بعيد اكثر من اي وقت مضى. الان آن آوان الافعال. بدلا من تضييع وقتهم العزيز على الصياغات، يتوجب المطالبة بالخطوات. وبدلا من التوقف حول الكلمات يتوجب المطالبة بالتغيير على الارض. عشرون بؤرة استيطانية يتم اخلاءها تعادل اكثر من الف صيغة للسلام، واطلاق سراح 2000 اسير سيدفع الجانبين للامام اكثر من جبال الكلمات. ان وافقت اسرائيل فقط على تطبيق ما تعهدت به، من اطلاق سراح السجناء حتى تجميد المستوطنات، سيكون من حقها حينئذ ان تتقدم بالمطالب من الفلسطينيين. على وزن عبارة بن غوريون، يتوجب ان نقول الان للرئيس الامريكي: ليس مهما ما يقوله اليهود بل المهم ما يفعلوه.