بيريز يزور واشنطن لتقديم مشروع السلام الاقليمي الشامل
هل يفلح بيريز في الضغط على اوباما بشأن السلام؟
فلسطين اليوم - غزة
ذكرت أنباء صحافية في إسرائيل إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ينوي استقبال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في مطلع مايو (أيار) المقبل، والاعلان عن تأجيل لقائه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى آخر الشهر، وذلك لأنه معني بسماع اقتراح إسرائيل المفصل حول السلام الإقليمي الشامل بين إسرائيل والدول العربية والمستند على مبادرة السلام العربية.
وقالت مصادر سياسية إن نتنياهو يعرف بهذا التطور ووافق عليه، لأنه "يحتاج إلى وقت حتى يبلور برنامج حكومته السياسي، وخطة العمل في مفاوضات السلام". لكن مصدرا مقربا من نتنياهو قال: إن هذا التطور متعلق بأمر آخر هو ضغط الوقت وكثرة المشاغل خصوصا في موضوع معالجة الأزمة الاقتصادية. وأضاف ان: "نتنياهو كان يريد السفر إلى مؤتمر اللجنة الأميركية ـ الإسرائيلية للشؤون العامة "ايباك"، وهو اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، الذي سيفتتح في الثالث من ايار (مايو) المقبل، ومن ثم الاجتماع إلى أوباما وزعماء الكونغرس، ولكنه اقترح على بيريز أن يمثل إسرائيل في هذا المؤتمر بسبب انشغالاته الكثيرة، وقد تكون هذه مناسبة أيضا ليلتقي بيريز مع أوباما".
وذكرت صحيفة "الشرق الاوسط" الصادرة في لندن اليوم الثلاثاء أن مصادر أخرى تصر على أن نتنياهو يريد أن يلقي بيريز بوزنه في اللقاءات مع أوباما، حتى يقنعه بألا يمارس ضغوطا على إسرائيل في الموضوع السياسي، وأن يعطي الفرصة لنتنياهو كي يبلور موقفه السياسي، الذي يتجنب فيه الصدام مع الإدارة الأميركية. اذ يسعى الى دراسة ردود الفعل الأميركية والأوروبية على ما يرشح عن مكتبه من مواقف، وبعد ذلك يطرح خطته الشاملة.
من جهتها، قالت صحيفة "السفير" اللبنانية انه بعد وقت قصير من اشتراط نتنياهو في لقائه مع المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة الإسرائيلية قبل بدء التفاوض معهم، عاد عن هذا الشرط وأبقاه مربوطاً بالاتفاق النهائي. ومن الجائز أن سرعة التراجع عن هذا الشرط من ناحية وتأجيل السفر إلى العاصمة الأميركية حتى نهاية أيار، بسبب "عدم تفرغ" الرئيس الأميركي باراك أوباما لاستقباله، يظهر حساسية الوقت في العلاقة بين الدولتين. وإذا أضيف لذلك إدراج رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال عاموس يادلين إدارة أوباما ضمن "الأخطار السياسية" التي تواجه إسرائيل، فإن من كانوا يتحدثون عن احتمالات أزمة لا ينطلقون من فراغ.
وكان نتنياهو ابلغ أعضاء حكومته، أمس، بأنه سيفرغ من إعداد السياسة الإسرائيلية الجديدة خلال شهر، أي قبيل سفره للولايات المتحدة.
ومن المقرر أن تستكمل في إسرائيل المداولات، بشأن سياسة السلام، التي بدأت منذ تولي حكومة نتنياهو مهامها وقبل زيارة رئيس الحكومة الى البيت الأبيض ولقائه مع الرئيس الأميركي باراك اوباما في 18-19 أيار والتي يتوقع تأجيلها لصالح زيارة مقابلة لبيريز. وسيعقد نتنياهو سلسلة مباحثات هدفها بلورة هذه السياسة وبمشاركة جهات سياسية ومهنية أمنية ودبلوماسية.
وتعتقد دوائر عديدة في إسرائيل أنه ليس بوسع نتنياهو بلورة سياسة تتناقض صراحة مع الخطوط العامة التي خاض حزبه الانتخابات على أساسها. كما أنه لا يمكنه القفز عن مواقف شركائه الائتلافيين في اليمين.
ولهذا يجري الحديث عن وثيقة جديدة تعنى بمسار عمل بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية تقترح عدم بلورة المزيد من الاتفاقات او وثائق التفاهم مع الفلسطينيين - بل تنفيذ اعمال على الارض وفحص نجاحها. وقد أعد الوثيقة، رئيس معهد بحوث الامن القومي في تل أبيب، عوديد عيران، الذي كان في الماضي على رأس الفريق المفاوض لتطبيق اتفاقات التسوية مع الفلسطينيين وهي تتضمن ثلاثة اقتراحات رئيسية:
1ـ دفع "نموذج جنين" الى الامام وتوسيع مضبوط له في كل مدن الضفة (استخدام قوات حفظ نظام فلسطينية مسلحين ومدربين من قبل الأميركيين، لتسلم المسؤولية عن المدن).
2ـ ازالة نصف حواجز الطرق في "يهودا والسامرة"، في ظل تغيير الانتشار، بحيث لا يضر بأمن الإسرائيليين.
3ـ توسيع "المنطقة أ" التي توجد قيد مسؤولية السلطة الفلسطينية.
وهناك ثلاثة اقتراحات مرافقة هي أن يظل الجيش الاسرائيلي صاحب السيادة على كل المنطقة، كما هو الحال اليوم، بحيث إن المسؤولية الأمنية العمومية تبقى ضمن السيطرة الكاملة لأذرع الامن الاسرائيلي؛ والسماح بالبناء في المستوطنات، حسب تعريف الزيادة الطبيعية في مناطق الإجماع، مثل مستوطنات غلاف القدس؛ وإخلاء سلسلة من البؤر الاستيطانية غير القانونية.
غير أن كبير مستشاري أرييل شارون، دوف فايسغلاس دعا نتنياهو في مقالة نشرت في صحيفة "يديعوت معاريف" إلى الاعتراف بمبدأ دولتين لشعبين. وقال فايسغلاس الذي سبق وأعلن أنه يريد من الفلسطينيين أن يتحوّلوا إلى سويديين قبل أن ينالوا دولة خاصة بهم إلى جانب إسرائيل أن "كل تردد، تملص او تذاكٍ يغضب فقط - ويستدعي الضغوط. والنتيجة معروفة مسبقا: في ختام كل التأخير والتردد ستعود حكومة اسرائيل لتصادق على ما تقرر في 2003: اذا ما استوفيت الشروط المقررة في خريطة الطريق، ستقوم دولة فلسطينية". وخلص إلى أنه "مؤخراً، تبالغ اسرائيل بالمطالبة باعتراف فلسطيني بدولة اسرائيل كدولة يهودية، كشرط مسبق لاستمرار المفاوضات. اسرائيل هي دولة يهودية. هي الدولة اليهودية. وهي لا تحتاج لاعتراف الفلسطينيين او من أي دولة اخرى".
ويبدو ان الاتجاه الذي تهب اليه الرياح السياسية الجديدة هو نحو مبادرة السلام الاقليمية. هذه الفكرة يدفعها منذ زمن بعيد الرئيس شمعون بيريز. مبدأ المبادرة يتحدث عن عقد مفاوضات متوازية مع سوريا ومع الفلسطينيين على حد سواء، بدعم من العالم العربي وعلى رأسه السعودية، مصر والأردن. ويمكن هنا أيضاً ملاحظة التقارب بين كل من بيريز وباراك ونتنياهو الذي أبلغ ميتشل بأنه يشترط المشاركة العربية الواسعة في أي اتفاق مع الفلسطينيين.