خبر عودة الى العبرة الصهيونية- هآرتس

الساعة 09:17 ص|21 ابريل 2009

بقلم: يائير شيلغ

 (المضمون: يتوجب علينا ان نبلور العبرة الصهيونية المستفادة من المحرقة وهي ضرورة التمسك بالسيادة في وطن خاص باليهود حتى لا تتكرر - المصدر).

في مصادفة زمنية مقلقة افتتح بالامس، عشية ذكرى المحرقة النازية ، مؤتمر الامم المتحدة لحقوق الانسان ("ديربن 2"). الصورة الشيطانية الممسوخة التي رسمها النظام النازي لليهود تميز ايضا موقف الكثيرين من فرسان حقوق الانسان المجتمعين في جنيف من دولة اسرائيل.

يبدو ان الكثيرين منهم كانوا سيفرحون لو اتيح لهم المجال لاستكمال ما بدأه هتلر. هذه ليست عقدة شك هستيرية: فأحد ضيوف الشرف على هذا المؤتمر هو رئيس ايران، محمود احمدي نجاد الذي تحدث عدة مرات عن تطلعه لابادة اسرائيل. كما ان مقاطعة المؤتمر ليست الاساس في عهد تطلب فيه الولايات المتحدة هي الاخرى قائدة العالم الحر "اجراء حوار" مع هذا القائد صاحب نوايا الابادة المعلنة.

وهكذا، في نفس العقد الذي وصل فيه تخليد المحرقة النازية الى الذروة، يعود الغرب لتكرار سياسته التصالحية المتسامحة التي كان يتبعها قبل الحرب العالمية الثانية. الصوت صوت تشرتشل والايادي ايادي تشمبرلين.

بالنسبة لليهود – هذه الظروف يجب ان تدفعهم للعودة الى العبرة الصهيونية المستفادة من المحرقة النازية: تلك العبرة التي كانت بديهية بعدها واخذت تتلاشى مع السنين. هذه العبرة تلاشت ايضا لانها تضمنت في تلك الايام الاولى تعاليا على الناجين من الكارثة ونزعة فوقية. ولكن جوهر التراجع حدث في العقود الاخيرة في الخطاب الفكري الجاري في قضية المحرقة: الخطاب ما بعد الصهيوني حاول التقليل من مرتبة المسافرين لاوشفيتس باسم العبرة الصهيونية، ناهيك التلفع بعلم اسرائيل كغطاء. ذلك الخطاب يقول ان الاستخلاص الصهيوني قبل فشل لانه لا يوجد مكان اخطر على اليهود اليوم من اسرائيل.

من المفترض ان تكون العبرة الصهيونية من المحرقة النازية واضحة جدا وبديهية، لدرجة يعتبر من المخجل القيام بتكرارها مرارا. المحرقة حدثت ايضا بسبب حياة اليهود كاقلية اجنبية واتيح المجال لها لكون اليهود اقلية تفتقد لقدرة الدفاع عن النفس. اسرائيل اليوم مكان خطير لليهود لان جزءا ملموسا من البشرية ليس مستعدا لاستقبال اليهود لا كاقلية لدولة اجنبية، ولا كأناس يعيشون في دولة مستقلة. بين هذين الخيارين من الافضل ان يتم اختيار الخيار الذي يتيح بلورة هوية متميزة وقدرة على الصمود في وجه الاعداء. اضف الى انه، ان كان الفرد اليهودي يقوم بحسابات عالمه الخاص فقط، فمن المريح العيش في نيويورك اكثر من اي مكان اخر، ولكن الشعب اليهودي يحتاج لدولة خاصة به.

في دولة اليهود ليست هناك حاجة لتكرار هذه القواعد كما يبدو للوهلة الاولى. ليس صدفة ان الخطاب ما بعد الصهيوني لم يستوعب في الجمهور العريض وهو يثير السخرية والنفور الشديد من المفكرين والمؤسسات الاكاديمية عموما. هذا الخطاب يستخدم ألم الناجين من الكارثة بما في ذلك التعالي عليهم، ولكن هناك شك ان كان هناك عدد يمكن ان يشار له بالبنان من الناجين الذين يقبلون بتوصيات هذا الموقف.

الناجون من الكارثة يدركون اكثر من اي واحد اخر اهمية العبرة الصهيونية. كما ان العبرة الصهيونية لا تتناقض مع العبرة الشمولية للمحرقة وانما تستكملها وتوازنها: يتوجب الحفاظ على قيمة الانسان، ولكن جزءا لا يتجزأ من هذا الحفاظ يتمثل بالحرب التي لا هوادة فيها ضد العدو الذي يريد القضاء عليك.

لذلك لا يكمن خطر الخطاب ما بعد الصهيوني في اسرائيل وانما خارجها. هناك لا تهتم الجماهير بهذه المسائل وانما النخبة واحدة، والنخب هناك تصغي للمفكرين الاسرائيليين وحوارهم. من المهم ان نبلور على المستوى الفكري في التخاطب مع هذه النخب في الخارج عبرتنا الصهيونية المستفادة: السيادة التي تعتبر حقا اساسيا قوميا ايضا للشعوب التي لم تعاني بصورة خاصة في ماضيها، هي بالتأكيد حق اساسي لشعبنا اليهودي.