المحرر أبو هواش يكشف لأول مرة عبر "فلسطين اليوم" تفاصيل إضرابه عن الطعام

الساعة 08:52 ص|07 مارس 2022

فلسطين اليوم

خلال إضرابه الطويل عن الطعام حاول الاحتلال الضغط عليه بشتى الوسائل، كان يهدده بعدم السماح لطفله "عز الدين" لإكمال علاجه، ويبلغه أن كل الخيارات التي لديه أن يفك إضرابه أو يموت على سرير المستشفى، ومع تحرير أسرى جلبوع أنفسهم عبر نفق الحرية، كان التهديد أنهم سيقضوا على كل أسرى الجهاد الإسلامي، إلا أن كل ذلك لم يغير من صلابة قراره شيئاً، واستمر في إضرابه المفتوح عن الطعام بلا أية مدعمات أو علاج طبي ل 141 يوماً رفضاً لاعتقاله الإداري المفتوح.

المحرر هشام أبو هواش الذي فقد من جسده وأعصابه الكثير ثمناً لحريته، يروي لـ "فلسطين اليوم" تفاصيل هذا الإضراب والمعاناة، ويؤكد أنه لن يتردد بخوض هذا الإضراب مرة أخرى لو أعيد اعتقاله إدارياً مرة أخرى: "لن أكون أسيراً أراكم سنوات في الاعتقال الإداري بلا تهمة واضحة، هناك أسرى قضوا أكثر من 10 سنوات بلا تهمة".

أبو هواش 40 عاماً، متزوج وأب لخمسة أبناء، اعتقل في 27 أكتوبر/ تشرين أول 2020، ومنذ اللحظة الأولى أبلغه ضابط القوة الاحتلالية أنه "معتقل شاباك" أي أنه معتقل إداري، وبعد ثلاثة أيام خضع لتحقيق بسيط حول كونه ناشطاً في حركة الجهاد الإسلامي؛ ولكن دون تهمة واضحة، وهو نفس الملف الذي اعتقل مرتين في السابق على خلفيته.

يقول أبو هواش: "منذ بداية اعتقالي بدأت بالتفكير بالإضراب عن الطعام، فخلال اعتقالاتي السابقة قضيت 26 شهراً بالاعتقال الإداري، كنت أتواجد في جميع الجلسات المحكمة التي تعقد لمحاكمتي، ولم توجه لي خلالها أي تهمة واضحة، والحديث الدائم عن ملف سري".

اختيار الوقت المناسب

يتحدث أبو هواش عن عدم جديته في بداية تهديده بالإضراب؛ ولكن بعد فترة بسيطة في السجون، ومع تردي أوضاع السجون والتضييق الكبير من قبل إدارة الاحتلال ومحاولاتها فرض إجراءات جديدة على الأسرى، وزيادة الاعتقالات الإدارية، قال أبو هواش: "إنه أعاد النظر في قراره ولكن بقي اختيار وقت مناسب للإضراب".

فالإضراب الطويل عن الطعام في فصل الشتاء، وهو الذي اعتقل في بدايته، سيرهق الجسم الذي يكون بحاجة للطاقة، وخاصة أنه أضرب في سجن عوفر حيث الأجواء الباردة وخاصة في الزنازين حيث يحول الأسير لها فور إعلانه الإضراب. ومع انتهاء فصل الشتاء كان شهر رمضان ففكر في عدم إرهاق عائلته والأسرى في الشهر الفضيل.

فكانت خطته أن يبدأ إضرابه قبل انتهاء تمديد اعتقاله الثاني بشهرين، وهو ما يضمن له عدم التمديد مرة ثالثة.

ما جرى خلاف ما توقعت

ولكن ما جرى خلاف ذلك، فبعد 70 يوماً على إضرابه وبالرغم من دخوله مرحلة الخطر الشديد زاره اثنان من ضباط مخابرات الاحتلال في غرفته بالمستشفى فأبلغوه عن قرار تمديد اعتقاله الإداري للمرة الثالثة، وهو ما جعل الإضراب بالنسبة له معركة تحدي الاحتلال وجرائمه، معلناً في حينه " إما الإفراج أو الموت".

خلال هذه الفترة رفض أبو هواش تناول أي مدعمات أو فيتامينات مساعدة لجسمه، رغم الخلل الذي أصاب عضلة قلبه، وحاجته الماسة للكالسيوم، فكان يلجأ لتناول مزيدٍ من المياه لتعويض جسده بالطاقة والأملاح اللازمة، واستطاع الصمود بذلك حتى اليوم ال90.

في ذلك اليوم لم يعد يشعر بنصف جسده الأسفل وأصيب بشلل،  نقل إلى العناية المكثفة في  مستشفى أساف هاروفية، وهناك حاول الأطباء إقناعه بتناول المدعمات عبثاً، يقول:" كان لدي يقين أنني في رعاية الله وأن هذه الروح لن تخرج إلا بوقتها".

بقى أبو هواش بوضع صحي صعب حتى اليوم 129 في الإضراب، حيث قررت مخابرات الاحتلال تجميد اعتقاله الإداري والسماح لعائلته بزيارته، إلا أن هذا القرار لم يقنعه بوقف إضرابه، وهو الذي كان يتعرض لنوبات إغماء متواصلة، ويغيب عن الوعي لساعات طويلة.

ضغوط على الاحتلال

في البداية سمح لشقيقه الدخول لغرفته، ولكنه عندما رآه لم يعرفه، فكان أبو هواش بوضع صعب وبدا كأنه كبر 50 عاماً، ورغم عدم إدراكه لما يجري حوله بالكامل، إلا أن رأيه كان واضحاً بعدم فك الإضراب أو أخذ المدعمات، وهو ما جعل الاحتلال يرضخ للضغوط التي مورست عليه من الجانب المصري والموافقة على اتفاق بفك إضرابه مقابل عدم التجديد، وبقائه بالمستشفى برفقة عائلته حتى استعادته لصحته وتقديم العلاج اللازم له.

يقول أبو هواش: "ما جعلني أصر على الإضراب ليس لأني أريد أن أقتل نفسي؛ ولكن كنت على قناعة أنني أريد العيش بكرامة حراً وبين عائلتي".

ويشير أبو هواش بشكل إلى أهمية الحراك الشعبي والتضامن الكبير الذي حظي به في أيام إضرابه الأخيرة، وإن هذا التضامن وخاصة من قبل فلسطيني الأراضي المحتلة عام 1948 كان له تأثيره بالضغط على الاحتلال للرضوخ لمطالبه بالإفراج عنه بعد انتهاء فترة اعتقاله.

 

كلمات دلالية