خبر الولايات المتحدة وإسرائيل يمكن خلق توافق سياسي .. إسرائيل اليوم

الساعة 10:47 ص|20 ابريل 2009

بقلم: زلمان شوفال

السفير الاسرائيلي الاسبق الى الولايات المتحدة

"ها هو، مبعوث اوباما، جورج ميتشل، يصل الى اسرائيل للمرة الثالثة، ومرة اخرى لا يضغط!".

هكذا تفوه بغضب بضعة صحافيين خائبي الامل، في البلاد وفي الخارج، وكذا بضعة من اعضاء المعارضة. ولاستيائهم، كان لقاء ميتشل – نتنياهو، كما كان مرتقبا، لقاءا موضوعيا يمكن وصفه بانه "لقاء عمل". وبالمناسبة، ادعى عنوان رئيس في احدى الصحف بان الولايات المتحدة ستشترط مساعيها لصد التحول النووي الايراني باخلاء مستوطنة يتسهار – وكأن في القيادة السياسية للولايات المتحدة من حقا يتلفظ بتشبيه التهديد النووي الايراني، الممولة والداعمة الرئيسة للارهاب الدولي، وبين هذه المستوطنة وتلك في يهودا والسامرة.

صحيح ان هناك رابطا ما بين التهديد النووي الايراني وبين المسألة الفلسطينية، ولكن ليس بمفهوم العنوان الرئيس آنف الذكر – بل بالذات في الاتجاه المعاكس: واشنطن تفهم بانه اذا ما سمح لايران بالفعل ان تتزود بقنبلة نووية فسيتغير على الفور مركز الثقل السياسي في الشرق الاوسط بأسره؛ فالدول العربية إما ان تحاول الحصول هي الاخرى على سلاح نووي او تسير على الخط السياسي الايراني. كما أن امكانية الوصول الى تسوية ما في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني ستتبخر تماما، اذ انه ستنتهي الاحتمالات للمحافل الفلسطينية المعتدلة للتصدي للمحافل المتطرفة، حماس وحزب الله، الذراعين الطويلين لطهران.

"المواجهة" لا تشكل ابدا هدفا بحد ذاته، باستثناء حالات معينة في المجال السياسي الداخلي. فليس للرئيس اوباما وبالطبع ليس لبنيامين نتنياهو مصلحة في مثل هذه المواجهة. المصلحة الاسرائيلية في منظومة علاقات وثيقة وبناءة مع الولايات المتحدة لا تحتاج الى شروحات، ولكن ادارة اوباما ايضا تريد رئيس وزراء اسرائيلي كشريك وليس كملحق. فهو يعترف بحقيقة انه بعد نحو عشر سنوات من الاخفاقات المتواصلة، من كامب ديفيد وطابا وحتى انابوليس، هناك ثمة ضرورة لافكار ومناهج جديدة. لا جديد في ذلك، مثلما تحدث المبعوث ميتشل، في ان الولايات المتحدة "تبارك" حل "الدولتين للشعبين" (وان كانت تتحفظ على الاعتراف باسرائيل كـ "دولة الشعب اليهودي" خلافا لنهج الفلسطينيين، بمن فيهم ابو مازن).

في اللقاء مع ميتشل كرر نتنياهو ان حكومته تحترم التعهدات الدولية لاسرائيل، شريطة ألا تكون تعرض امنها للخطر (وربما كان يجدر اضافة "القانونية" أي التعهدات القانونية وهكذا كان سينتهي الجدال الزائد على انابوليس الذي لم يكن تعهدا كهذا).

وكما اشار الرئيس بيرس، فان لادارة اوباما وحكومة نتنياهو اكثر من قاسم مشترك واحد: كلاهما يريدان ان يريا دورا اقليميا في المسيرة السلمية؛ كلاهما يعتقدان بان على الفلسطينيين ان يصلوا الى وضع يكونون فيه مسؤولين عن مصيرهم. وفي هذا السياق يجدر الانتباه الى المقابلة الصحفية التي اجريت مع توني بلير في مجلة "التايم": "نتنياهو يريد بناء الدولة الفلسطينية من الاساس"، أي بشكل منهاجي وسليم من الاسف الى الاعلى. يوجد في ذلك أكثر من نواة حقيقة – حتى دون تبني وصف "دولة فلسطينية".

للامريكيين احيانا ميل للسير بالذات في الاتجاه المعاكس. أي، البدء من "السطر الاخير" وفقط بعد ذلك البحث في التفاصيل، اما نهج نتنياهو فمعاكس: اولا نفحص التفاصيل وبعد ذلك نجتهد كي نصل الى اتفاقات. ومع ذلك، ففي لقاء من ساعتين بين نتنياهو وميتشل تبين أنه يمكن الجسر بين النهجين: ناهيك عن ان اسرائيل لا تزال تبلور اقتراحاتها بينما ادارة اوباما، حسب التقارير من واشنطن لا تزال تخطط "هندسة" سياستها بما في ذلك في الشرق الاوسط. في لقاء ميتشل، كما يجدر ببرلماني قديم ووسيط خبير ومجرب، لم يطرح مطالب بل عرض اسئلة. المندوبون الامريكيون أخذوا انطباعا بان هذه هي المرة الاولى منذ سنين التي يقف فيها على رأس اسرائيل زعيم يتبنى استراتيجية سياسية واضحة – بدل التركيز على الشعارات والعناوين الرئيسة. يوجد إذن احتمال جيد في أنه في اللقاء الذي سيعقد بين اوباما ونتنياهو في نهاية ايار سيجري فحص موضوعي مشترك للخيارات المختلفة واثارها.

من غير المستبعد ان تكون هناك جدالات و احتكاكات، مثلما كان بين كل حكومات اسرائيل وكل الادارات الامريكية في المواضيع التي توجد حولها مناهج مختلفة للدولتين – القدس، مثلا – ولكن بالدبلوماسية السليمة والابداعية يمكن ويجب منع مثل هذه الاختلافات التي تضر بالمصالح الحيوية لكل واحد من الطرفين.