خبر من كاستنر حتى شاليط .. هآرتس

الساعة 10:43 ص|20 ابريل 2009

بقلم: ميراف ميخائيل

غدا مساء ستقوم مؤسسة "يد واسم" ببث رسمي على شرف يوم المحرقة النازية لفيلم "فليقتل كاستنر". يسرائيل كاستنر انقذ مئات الاف اليهوديات واليهود في هنغاريا من الابادة بواسطة مفاوضات اجراها مع ضباط نازيين برتب مختلفة. بعد الحرب قدم للبلاد وقتل هنا على يدي شخص يهودي بعد ان اتهم بالتعاون مع النازيين. من اجل كشف حقائق الامور – سأقول ايضا انه جدي. "ليقتل كاستنر" هو فيلم وثائقي امريكي يصف جزءا مما قام به كاستنر ويحاول البحث وفهم كيف حدث ان الشخص الذي انقذ هذا العدد الكبير من اليهود لم يحظ بالاحترام اللائق به عما فعله، بل انه قتل وندد به.

الجواب على هذاا السؤال موجود في الثقافة الاسرائيلية، التي يتحدثون بها عاليا – عاليا عن قداسة الحياة، ولكنهم في الواقع لا يقدسون الا الموت. يوم المحرقة يشكل نموذجا جيدا لكيفية حصول من يموت في دولة اسرائيل على شرف البطولة والتخليد اما من يحافظ على بقائه ومن ينجو ومن يعيش وليس بمسترجل لا يحظى هنا الا بالتجاهل ا و الاهانة.

في كل عام وبين كل الطقوس والمراسيم التي تقام لاحياء يوم المحرقة، يقوم قادتنا السياسيون المنتخبون برفع اسم الضحايا ويتحدثون عاليا عن الفظاعة والرهبة وطبول الحرب ويدعون لان نتذكر وان لا ننسى. وبالفعل قد بذلت الدولة على مدى السنين مليارات كثيرة من الشواكل على تخليد الذكرى. لان قادتنا يهتمون بالخلود فقط. والموت ابدي وخالد كما نعلم وبطولي.

الاموات يمكن ان يلونوا بكل لون نرغبه، والموت نفسه يضفي على الاموات قدرا وقيمة. فهذه هي مسألتنا هنا في اسرائيل كما نعلم: نحن نهتم بالقامة المنتصبة قامة الاموات. لن نسمح لهم بان يفعلوا بنا نحن اليهود ما فعلوه في الماضي. اما الحياة فاسرائيل في المقابل لا تذكرها: 150 الف ناجي وناجية من الكارثة النازية يعيشون اليوم هنا في حالة فقر ومرض وبؤس ووضع مخجل رغم الكفاح المعروف والمتزايد الذي يخاض في قضيتهم في السنوات الاخيرة. الا ان الدولة لم تجد بعد المال الذي يتيح لهم ان يعيشوا ما تبقى من حياتهم برفاه وكرامة.

الاسرائيليون الفخورون المتصلفون "اليهود الجدد" الذين كانوا على ثقة – في الماضي والحاضر بانهم قد اكتشفوا ان لم يبتدعوا الصيغة للتغلب على ال – ج – م- يع. الناجون من الكارثة وجدوا صعوبة في الاستيعاب في هذه الدولة ويعيشون في ظروف متدنية ويجدون صعوبة في الحصول على عمل. صرخ في وجهوهم اولئك الذين يسيرون مرفوعي الهامات من الاسرائيليين: من انتم، انكم لاجئون عموما – وهذه لقب سلبي ونبذ يماثل اقتيادهم كالخراف الى المذابح في الماضي. هذه هي نفس التهمة ضمنيا التي وجهت لكاستنر: تعاونتم مع النازيين وكنتم عملاء لهم. دولة اسرائيل لا تقبل الا اليهودي الجديد، الاسرائيلي العدواني، "منتصب القامة" ، الذي لم يتضرر من الصدمة النفسية او من صدمة الحرب والذي لا يجري المفاوضات لانقاذ حياة الاسرى وانما يقاتل فقط ومن الافضل ان يكون قتاله حتى الموت.

وهكذا بعد اسبوع ستنغمس دولة اسرائيل مرة اخرى في تخليد كل اولئك الذين منحونا الحياة بموتهم كما يقال، ولكن اولئك الذين لم يموتوا خلال الفعل والعمل الذي الزمتنا به الحياة وذاك الذي يعيش في الاسر منذ ثلاث سنوات وسيبقى هناك لان اسرائيل لا تطلق سراحه ولا تعيده الى بيته. ان مات في اسره لا سمح الله فلتكونوا واثقين ومقتنعين بان جثمانه سيعاد بعد ذلك بكرامة وشرف مقابل ثلة من المخربين وسيغرق في بحر من الكلمات التي ستتردد في البلاد حول قداسة اعماله وبلا حدود. جدي يسرائيل كاستنر قد قتل وبث مؤسسة "يد واسم" للفيلم حوله هو بداية لتصويب الخطأ في قضيته. ولكني كنت افضل بان لا نضطر لانتاج افلام حول كيفية قدرتنا على انقاذ جلعاد شليت بعد ان يفوت الاوان.