خبر حد اقصى نعود الى بولندا..معاريف

الساعة 06:08 م|19 ابريل 2009

 

بقلم: يونتان شيم اور

لم تعد تأبه بيبي. لا تأبه بشتاينتس، بليبرمان. لم تعد تأبه الوجوه المشققة لهؤلاء اللاعبين الذين يأتون لاخافتك مع بحيرة طبريا المتجففة، ولا يقولون كلمة عن كل المياه التي تسكب لتربية الورود للهولنديين. لم تعد تأبه بالعاطلين الذين يسدون المفترق باخضرهم ويتركونك عالقا. لم تعد تأبه باولئك الذين يتجاوزونك في الطابور ويقولون لك ماذا حصل، مع حركة باليد تتلوى كالسكين في بطن الفتى من النادي. لم تعد تأبه بالازمة الاقتصادية، بالذرة الفارسية، بالمستوطنين، بالجيش. لم تعد تأبه بالمدراء الذين يحصلون على الملايين ويقيلون اصدقائك، لان الازمنة قاسية، كما تعرف. منذ اسبوعين وانت لا تأبه بكل هذا.

الصحيفة، كالمعتاد، تصل حتى الباب. فتعد لنفسك فنجان من القهوة كالمعتاد في ذات الفنجان الاخضر، مع الكسر الصغير في طرفه، الذي لا تسمح لزوجتك حتى بالقائة الى القمامة. كل شيء كما هو ذاته، بخلاف ان القراءة هي مثلما في فندق في بلاد اخرى. كأمر لا يتعلق بك. يوجد لديك، في الجارور الثاني في الطاولة، خيار اخر.

هذا لم يكن بسيطا. لليال طويلة تجادلت مع ابيك. فهو لم يتوقف عن الاعتراض. عن محاولة الاقناع والشرح والتبرير والصراخ، والقفز كالمجنون. وفي النهاية طردته. صحيح انه من اجل جواز السفر هذا، كنت تحتاج الى ابيك فهو الذي ولد هناك وليس انت والان فقط هذه حياتك، حياة اولادك، وليست حياته. هو مات.

انت تذكر من عهد الطفولة القصص عن تلك البلاد اياها في اوروبا ، التي ابتلعت ذويك، عائلتك، كل البلدة بل وكل اليهود الذين يكانوا يعيشون فيها. انت حقا عشت رحلة الفرار، المعجزة تلو المعجزة وها هو، فتى في بلاد اسرائيل، يتحسس الهواء والتراب ويشتم الحرية. تقريبا. فقد كان لا يزال يحتاج لان يكافح في سبيل هذا. وقد روى لك عن سعادة الامساك بالبندقية، عن الفرح. اذا كان ينبغي ان يموت فانه سيموت وسلاحه في يده، في الحرب في سبيل بلاده.

هذه ازمنة اخرى الان. ازمنتك، ازمنة اولادك. بل انك لا تروي للجميع بانك مواطن بولندي. انت تصيغ هذا بشكل مغاير. انت تقول بان لديك جواز سفر اوروبي. لا، انت لا تعتزم حقا مغادرة اسرائيل، ولكن حسنا انه يمكنك. على كل مشكلة تحل بالاسرائيليين هؤلاء من اصل شرقي، ممن ليس لهم الى اين يفرون.

هو مات منذ زمن، ابوك، بالضبط في يوم الكارثة، ومثلما في كل سنة انت ستذهب الى قبره وتروي له كل الاخبار، باستثناء امر واحد. فهو لن يفهم. مثلما لم تفهم انت ولم ترغب في ان تفهم نبرة اللغة الفظيعة هذه التي تحدث بها ابواك احيانا. شاشا بتشاشا، خسارة، اذ ان الان، وهم يجبرونك في القنصلية على تعلم البولندية كي تحصل على جواز سفرهم، فانك حطمت اسنانك حقا. صغير عليك. الوطن يشترى بالالام. في النهاية نجحت. بل حتى انشدت النشيد القومي. هذا يبدأ مثل هاتيكفا. يشتشا بولسكا نايا زابينوا. ما ضاعت بولندا بعد.