خبر إبراهيم أبراش: الكونفدرالية الفلسطينية أكثر خطورة من الاتفاقات الموقعة مع الاحتلال

الساعة 10:52 ص|19 ابريل 2009

فلسطين اليوم : إبراهيم أبراش

وهم جديد أو خديعة جديدة يجري تمريرها على الشعب الفلسطيني ستضاف إلى مسلسل طويل من الخدع والأوهام التي تَعَرض لها علي يد الأنظمة العربية أو على يد قياداته السياسية منذ محادثات حسين –مكماهون ومحادثات فيصل –وايزمان منتصف العقد الثاني من  القرن العشرين مرورا بثورة 1936 ونكبة 1948 إلى وهم التسوية الأمريكية وآخرها وهم جبهة الممانعة.الخديعة الجديدة تسمى الكونفدرالية الفلسطينية !.فهل أن حالة اليأس والإحباط التي تنتاب الشعب الفلسطيني بسبب فشل نخبته السياسية وتقاعس الأنظمة العربية وشدة إرهاب العدو الصهيوني ،سيدفعه للقبول أو تصديق هذه الخديعة الجديدة؟.

 

إذن في ظل حالة العجز والفشل التي تنتاب كل القوى السياسية الفلسطينية وفي ظل حالة العجز العربي والتقاعس الدولي،وبعد جولات ماراثونية من الحوارات بين الفصائل الفلسطينية وما بين الدول العربية وبعضها البعض وبين بعضها وأطراف دولية، وبحالة المتفرج العاجز المراقب للعمليات غير المسبوقة للتهويد في القدس والاستيطان في الضفة وفي ظل تسليم وكأنه تسليم بقدر لا مهرب منه مع الانقسام وفصل غزة عن الضفة و مع الدمار الذي لحق بغزة... وبصمت مريب وبما يشبه المفارقة مع حل الدولتين الذي تتحدث عنه التسوية ،يتم الحديث عن الكونفدرالية بين غزة والضفة.فهل هناك معادلة جديدة خفية  للصراع في المنطقة وبالنسبة للقضية الفلسطينية تحديدا؟وما الذي دهى النخبة السياسية الفلسطينية لتصاب بما هي عليه من حالة عجز وشلل وانتظار ونفاق سياسي ؟وكيف نفهم ونفسر تزامن الحديث عن كونفدرالية فلسطينية والجهود المبذولة دوليا للعودة لحل الدولتين ؟.

 

بالرغم من أن مصطلح الكونفدرالية بين غزة والضفة لم يرد في المبادرة المصرية الناتجة عن حوارات الفصائل في القاهرة والتي عرضت علي الفصائل وتظاهر ممثلوها وكأنهم لم يسمعونها أو أنهم يعارضونها، ولكنها متَضمَّنة فيها وتمت الإشارة إليها بل ومناقشتها في الكواليس ما بين مسئولين في المخابرات المصرية ومسئولين من حركة فتح وحركة حماس كل على انفراد،بل تناقش سرا بالفكرة مسئولون من الحركتين قبل ذلك بكثير،ونعتقد لو أن المقترح المصري حول اللجنة المشتركة الذي يتضمن فكرة الكونفدرالية دون أن يسميها كان مرفوضا حقا من الفصائل الفلسطينية لما أقدمت مصر على طرحه.

 

صيرورة الأمور لتكريس التقسيم كنا قد حذرنا منه مباشرة بعد الانقلاب بأسبوع حيث وضعنا سيناريوهات كان احدها تحت عنوان (من التقسيم إلى التقاسم) وهذا ما يجري اليوم حيث قررت حركتا فتح وحماس تقاسم ما كان مفترض أن تكون أرض المشروع الوطني الواحد،ولكن حتى يُجمِّلو جريمة شرعنة وتكريس الانقسام ويغطوا على فشلهم سموا الانقسام كونفدرالية متجاهلين أننا تحت الاحتلال وأن مصطلح كونفدرالية يُطلق عادة على رابطة لدول أو مجتمعات مستقلة.هذه التخريجة كانت معدة مسبقا منذ بداية مخطط تدمير المشروع الوطني بفصل غزة عن الضفة وهو ما تحدثنا عنه مرارا منذ سنوات ،وهو مخطط شاركت به أطراف فلسطينية من قيادات متنفذة في فتح وحماس ومقاولون سياسيون غيرهم بالإضافة لأطراف عربية وإسرائيل ،وعليه ليس صحيحا تماما أن السبب في فشل حوارات المصالحة هي التدخلات الخارجية فقط،فهذه ولا شك موجودة منذ أن وُجِدت قضية تسمى القضية الفلسطينية ،ولكن السبب الرئيس  للفشل ومن يتحمل مسؤوليته هي القوى السياسية وخصوصا حركة فتح وحركة حماس فهناك قوى داخل منظمة التحرير وحركة فتح والسلطة وقوى داخل حركة حماس ،هذه القوى لها مصلحة بحالة الانقسام وهي إما مصلحة شخصية-مصلحة مصالح مادية- أو مصلحة حزبية ضيقة أو مصلحة نابعة عن ارتباط مع قوى خارجية وهذه القوى التي تبدو متعادية تتقاطع عند نقطة ديمومة الفصل بين غزة والضفة،ولكن وحتى مع وجود العامل الخارجي فإن المسؤولية عن الانقسام وعن الفشل في المصالحة تتحملها الفصائل الفلسطينية ،ولا داع أن تبدأ هذه الفصائل منذ الآن بتعليق فشلها على مشجب التدخلات الخارجية ،فالخارج لن يكون أكثر فلسطينية من الفلسطينيين.

 

خطورة طرح الكونفدرالية واقتناع الشعب بها والتعامل وكأنها موجودة ،لا تكمن في وجود تجمعين فلسطينيين منفصلين أو وجود حكومتين وسلطتين كحالة اضطرارية ومؤقتة،ولكن الخطورة تكمن بإضفاء الشرعية والرسمية على هذا التقسيم وان تعترف به الفصائل الفلسطينية ودول عربية،إن حدوث ذلك معناه نهاية المشروع الوطني القائل بدولة مستقلة في الضفة وغزة ومعناه ضياع حق العودة وضياع القدس ومعناه وضع المقاومة بكل أشكالها في مأزق ومعناه فقدان المكتسبات التي تمنحها قرارات الشرعية الدولية وهي القرارات التي تتعامل مع الضفة وغزة كوحدة واحدة ،والأخطر من ذلك فإن القبول ولو بالصمت بفكرة الكونفدرالية في ظل الاحتلال معناه نهاية الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل والسلطة وإن كانت هذه الاتفاقات لا يُؤسف عليها فإن الاعتراف بالكونفدرالية في ظل الاحتلال سيكون أسوء من الاعتراف بالاتفاقات الموقعة لأنه اعتراف سيدفع  أي مؤتمر دولي قادم أو تسوية نهائية لان يؤسَسا على واقع الانقسام ما دام الفلسطينيون اعترفوا به ويتعايشون معه.