خبر إلى متى سيبقى « الشرف العائلي » حجة لقتل النساء في قطاع غزة؟

الساعة 09:36 ص|19 ابريل 2009

فلسطين اليوم- غزة ( تقرير خاص )

أثارت حالات القتل المتزايدة في قطاع غزة في الآونة الأخيرة تساؤلات عدة خاصةً بعد مقتل أربعة نساء خلال الشهرين الماضيين، اختلفت في أسبابها ولكن دوماً يكون مبرراتها القتل بدعوى "الشرف العائلي"، مما يطرح علامات استفهام عدة بحاجة إلى إجابة قد تسهم في الحد من هذه الحالات.

 

فرغم اختلاف أسباب حالات القتل التي تمت منذ بداية السنة الحالية حسب التقارير الحقوقية، إلا أن اللافت زيادة حالات قتل النساء، وفي المقابل ارتفاع الأصوات المنددة بهذه الجرائم والمنادية بالعمل على الحد منها، ومعاقبة مرتكبيها بأشد العقوبات حتى لا يتم تكرراها والتهاون بها.

 

الإعلامية والمختصة بقضايا المرأة ماجدة البلبيسي لـ"فلسطين اليوم"، أكدت أن جرائم قتل النساء تزايدت في الآونة الأخيرة بشكل دراماتيكي ملحوظ بدعوى "الشرف" وبمعدلات غير مسبوقة من قبل، والأسباب مجهولة والمبررات جاهزة وأول ما تلحق هذه المبررات بشرف العائلة، متسائلةً:"لا أدري أي دفاع عن الشرف الذي لا يتحقق إلا بقتل النساء وبأبشع الطرق فتارة تقتل خنقاً، وتارةً شنقاً، وأخرى ذبحاً.

 

وأشارت البلبيسي، إلى أن التعامل مع قضايا القتل من الوجهة القانونية لا يتم بالطرق المتبعة في عمليات القتل الأخرى علماً بأن الجرم واحد ويفترض أن تتوحد العقوبة حيال الجاني، ولكن قضايا القتل على خلفيات اجتماعية يتم التعامل معها بخجل واستحياء وغالباً ما يتم تسويتها ويكافئ.

 

وأوضحت البلبيسي، أن هذه القضية تلقى الدعم المجتمعي لها ما يشجع ويحفز الآخرين  باستباحة المزيد من دماء النساء التي أصبحت رخيصة الثمن بل بلا ثمن من وجهة نظرهم، معتبرةً أن هناك استهتاراً واستخفافاً في التعامل مع هذه القضية المجتمعية الخطيرة.

 

وطالبت الإعلامية البلبيسي، بتطبيق الشريعة الإسلامية والسنة النبوية في قضايا النساء على مايسمى الشرف من خلال التحقق واثبات الواقعة بالشهود الأربع، وتطبيق العقوبة وشروطها وأحكامها، وعدم امتهان كرامة النساء وهدر دمائهن بهذه الطريقة وأخذ القانون باليد.

 

كما دعت البلبيسي، المؤسسات النسوية والمجتمعية كافةً أن تتحرك وبشكل فعلي حيال هذه القضية وأن تسجل موقفاً جدياً وضاغطاً، حتى لا يطال سيف القتل المزيد من النساء سيما في ظل التخاذل القانوني والمجتمعي  اتجاهها.

 

يشار، إلى أنه من الناحية القانونية فإن قانون العقوبات الفلسطينى المطبق فى قطاع غزة رقم "74 " لسنة 1936 وقانون العقوبات الأردنى رقم "16" لسنة 1960 المطبق في الضفة الغربية، يتضمنان العديد من النصوص القانونية التى تضمن فرض العقوبة على مرتكبى جرائم العنف بحق النساء والتى جاءت فى سلسلة فى المواد وتدرجت بالعقوبات حسب نوع الجريمة وشكلها.

 

ومجمل هذه الجرائم نظم لها القانون عقوبات تتناسب ونوع الجريمة سواء كانت جناية أم جنحة، بدءاً من عقوبة الإعدام على جريمة القتل العمد وانتهاءاً بالحبس البسيط أو الغرامة على الجنح.

 

ولكن يلاحظ أن القانون لا يوفر عقوبات كافية ورادعة لمرتكبي جرائم الإيذاء حيث تكون العقوبة بالحبس والغرامة متدنية، فمثلاً إذا جرح شخص امرأة يعتبر ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة ثلاث سنوات كحد أقصى أو بغرامة أو بكلتا العقوبتين مادة ( 241 ) من قانون العقوبات، فى حين اعتبر القانون جرح الحيوان جناية ويعاقب عليه بعقوبة الجناية والتى حدها الأدنى الحبس "3" سنوات.

 

كذلك فيما يخص جرائم القتل بإدعاء الشرف، حيث تحمى القوانين المطبقة في فلسطين الجاني وذلك بقبول العذر المخفف للعقوبة عند ارتكاب هذه الجريمة سواء بالمادة " 18 " من قانون العقوبات المطبق في قطاع غزة أو بالمادة "34" من القانون المطبق في الضفة الغربية.

 

 

من ناحيته، أكد إيهاب الغصين الناطق باسم وزارة الداخلية بحكومة غزة لـ"فلسطين اليوم"، أنه يجب النظر إلى تفاصيل الحوادث، فهناك قضايا المشاكل العائلية والتي كانت متواجدة أصلاً في المجتمع الفلسطيني، ولكنها قلت خلال الفترات الماضية خاصة الحوادث العائلية والخلافات، كما يتم التعامل مع كل قضية بمفردها فكل واحدة منها لها أسبابها ومسبباتها، ويجري متابعة كافة القضايا من أجل حل ومعرفة أسبابها والكشف عن تفاصيلها.

 

وأشار الغصين، إلى أن أحد أسباب التراجع هو استهداف الأجهزة الأمنية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حيث لا توجد إمكانيات أو مقرات أمنية وقد أقيمت بدلاً منها خيام لمزاولة عمل أفراد الأمن.

 

وشدد الناطق باسم وزارة الداخلية، على أنه لا يحق للمواطنين أخذ الحق باليد، وأن الجهة الوحيدة المخولة لاسترداد الحقوق هي القضاء والمحاكم، حتى قضايا العملاء فليس من حق أحد قتلهم، حيث أن قتلهم وعقباهم هو اختصاص القانون والقضاء.

 

أما قضايا الخلافات العائلية، فبين الغصين، أن وزارة الداخلية قامت بجهد كبير في الحد من الخلافات العائلية، حيث يشهد الجميع بقلتها، وذلك عبر اللقاءات بالوجهاء والمشايخ حيث لم تقبل الوزارة خلال عملها وعلاجها لكافة القضايا بالغطاء العائلي لأي مجرم.

 

وأوضح، أن الحد من هذه القضايا بحاجة إلى جهات مختلفة ويحتاج إلى معالجة دينية وتوعية لمثل هذه الأمور خاصة بما يتعلق بالشرف العائلي وخاصة وزارة التربية والتعليم، حيث لابد أن يكون هناك دور غير الدور الأمني.

 

وحول رأي الدين في قتل النساء، أكد الدكتور حسن الجوجو رئيس محكمة الاستئناف الشرعية، رفض الدين الإسلامي حالات القتل على خلفية "شرف العائلة"، لما فيه من عدم إثبات وتجن على الضحية، ولأخذ القانون باليد، مشيراًً ضرورة توفر الإثبات بالكامل في أي قضية، كما أن جهات الاختصاص هي توقع العقوبة وليس الأهل.

 

وطالب الأهل بالتريث في الحكم على ذلك، ودعاهم إلى اعتماد التربية الوقائية في متابعة الأبناء والبنات ومراقبتهم والسؤال عنهم في حال تأخرهم ومتابعة بعض المسلكيات الخاطئة، وكذلك عدم أخذ القانون باليد.

 

وأضاف: "إن الحدود لا تأخذ بالشبهات ولابد أن يتوفر الدليل القطعي في الجريمة ومكان هذه الجريمة حتى نوقع العقوبة، فلا عقوبة إلا بالدليل القطعي، والمشاهدة بالعين ليست دليلاً وعدم أخذ الأمر بالشبهة".

 

كما انتقد الجوجو، قانون العقوبات الفلسطيني المطبق في مناطق السلطة الفلسطينية والذي يعطي للزوج إذا قتل زوجته على خلفية شرف العائلة العقوبة المخففة ولا يعطيها للزوجة في حال قيامها بنفس الواقعة.

 

أما إسلام شهوان الناطق باسم الشرطة بغزة لـ"فلسطين اليوم"، ، فحذر من خطورة هذه القضايا، مؤكداً أنه أمر غير مقبول ولن يسمح به، حيث أن هناك أشخاص يقومون بفعلتهم ويتذرعون بحجة الشرف للقيام بالقتل.

 

وبين، أن هناك حوادث تتم داخل البيوت وهو الأمر الذي يصعب على الشرطة ضبطه، منوهاً إلى أن الشرطة تحاول القيام بوسائل بديلة للحد من هذه الظاهرة حيث تجري الشرطة لقاءات مع النائب العام لمحاولة تغيير مادة القانون لتجريم القاتل.

 

كما أكد شهوان، على دور وزارتي التربية والتعليم والأوقاف والشؤون الدينية في هذا المجال للتخلص من هذا الإرث الذي يعتبر عبء ثقيل على مجتمعنا، مشيراً إلى أنه لا يمكن اعتبار حالات قليلة يتم فيها القتل ظاهرة.

 

وعلى الرغم من رفض الجميع لحالات قتل النساء بدعوى الشرف العائلي إلى أن القتل مازال مستمراً.. والنساء مازلن ينتظرن من يقف داعماً ومسانداً لهن.. فهل ستنتهي معاناة النساء.. أم سيشارك الجميع في قتلها؟.