خبر أكثر من 30 مبنى منها 1000 شقة مهددة بالهدم في كافة أحياء القدس

الساعة 07:37 م|18 ابريل 2009

فلسطين اليوم – القدس المحتلة

قال تقرير أصدره مركز القدس للحقوق الاجتماعية أن الربع الأول من العام الجاري سجل تصعيدا إسرائيليا غير مسبوق فيما يتعلق بهدم منازل المقدسيين، والتهديد بهدم مئات أخرى من المنازل تزامنا مع تسلم الرئيس الجديد لبلدية الاحتلال في القدس نير بركات مهام منصبه بعد فوزه في الانتخابات البلدية ، وهي انتخابات خاضها بركات وكان أبرز شعاراته فيها "مكافحة البناء الفلسطيني غير المرخص في القدس"، وفرض ما أسماه سلطة القانون على البناء في القدس الشرقية ، متجاهلا أزمة السكن الخانقة التي يعانيها المقدسيون، والقيود الصارمة التي تفرضها البلدية على تراخيص البناء للمقدسيين، في وقت ترعى فيه البلدية ووزارة البناء والإسكان الإسرائيليتين مشاريع البناء الاستيطاني الضخم في البلدة القديمة وسلوان وجبل الزيتون والشيخ جراح ورأس العمود، وكذلك في المستوطنات القائمة على أراضي المواطنين الفلسطينيين في داخل الحدود البلدية المصطنعة للقدس.

وأشارت معطيات دائرة البحث والتوثيق في مركز القدس إلى أن ما يقرب من 30 منزلا ومسكنا قامت أطقم الهدم الإسرائيلية سواء في بلدية الاحتلال أو في"الإدارة المدنية" التابعة للجيش الإسرائيلي بهدمها منذ مطلع العام الجاري 2009 ، حيث تركزت عمليات الهدم داخل أسوار البلدة القديمة والأحياء المتاخمة لها ، وفي الضواحي والبلدات الواقعة على الحدود البلدية المصطنعة للقدس خاصة في العيزرية ، وجبع ، ومخماس ، ومناطق انتشار العشائر البدوية من عرب الجهالين والكعابنة شرق القدس ، وعلى امتداد مناطق الخان الأحمر.

واستنادا إلى ما جرى توثيقه من قبل دائرة البحث والتوثيق ، فإن أول إجراء إسرائيلي طاول منازل مقدسيين في العام الجاري 2009 كان إغلاق السلطات الإسرائيلية في التاسع عشر من شهر كانون ثاني من العام الجار ي منزل علاء هاشم أبو دهيم منفذ عملية إطلاق النار في معهد للحاخامات اليهود بالقدس في شهر آذار من العام 2008، حيث سدت مداخل ومنافذ الطابقين العلويين من المبنى الذي تقطنه عائلة الشاب المذكور، واللذان يشتملان على أربع شقق، مساحة الشقة الواحدة 120 مترا مربعا يقطنها ما مجموعه 25 نفرا ، في حين كان علاء يقيم في غرفة واحدة فقط

واللافت في بعض عمليات الهدم التي سجلت منذ مطلع هذا العام هو أن أصحاب المنازل أنفسهم هم من قاموا بهدم منازلهم، ، تفاديا لفرض مزيد من الغرامات المالية عليهم ، والتي يلزمون بدفعها كرسوم لطوا قم الهدم ولعناصر الشرطة وحرس الحدود الإسرائيلي التي تتولى تأمين الحماية والحراسة على موظفي البلدية، كما حدث مع المواطن خليل محمد الترهوني من سكان طريق الآلام في البلدة القديمة من القدس ، حيث اضطر يوم 7-3-2009 إلى هدم ما مساحته 25 مترا مربعا من إضافة بناء على مسكنه القائم الذي تقطنه أسرته المكونة من 5 أنفار، علما بأنه لا زال يسدد غرامة مالية فرضت عليه بقيمة 18 ألف شيكل ، وكذلك الحال بالنسبة للمواطن عادل التميمي من سكان برج اللقلق في حي باب حطة داخل أسوار المدينة المقدسة ، والذي أرغم هو الآخر يوم 25-2-2009 على هدم غرفة بمساحة 20 مترا مربعا كان شيدها قبل 17 عاما ، وفرضت عليه غرامة بقيمة 35 ألف شيكل لا زال يسددها. أما خارج أسوار البلدة القديمة، فقد اضطر المواطن شريف محمد عطون من سكان بلدة صور باهر – جنوبا – من هدم منزله بيديه يوم 4-3-2009 والبالغة مساحته 100 متر مربع ، وتقطنه أسرة مكونة من 8 أنفار ، علما بأن المنزل كان شيد قبل 13 عاما ، وفرضت على صاحبه غرامة مالية بقيمة 120 ألف شيكل ما زال هو الآخر يسدد أقساطها.

ووفقا لمعطيات المركز، فإن هناك ما يقرب من 800 بناء إضافي داخل البلدة القديمة من القدس مهددة بالهدم منذ العام 1967 ، تسعى البلدية عبر وسائل عديدة من بينها قضائية لهدمها.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قررت في وقت سابق عدم إمكانية منح تراخيص بناء أو فتح أي ملف تنظيم هيكلي لأي من الأبنية المضافة التي شيدها المقدسيون في البلدة القديمة ، مستندة إلى المخطط الهيكلي المعروف باسم ع.م9 الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية بعد العام 1967 والتي منعت بموجبه إضافة أي بناء للأبنية الموجودة داخل البلدة القديمة من القدس بحجة عدم المس بالطابع التاريخي والديني للمدينة المقدسة في حين تجاهلت السلطات الإسرائيلية هذه المعايير عندما قامت بهدم باب المغاربة وغيرت معالم المنطقة. علما بأن هذا المخطط يقتصر فقط على الحيين الإسلامي والمسيحي داخل أسوار المدينة المقدسة ، ويستثني الحي اليهودي الذي وضعت له مخططات هيكلية مختلفة تسمح له بإقامة مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة. كما يستثني أكثر من 70 بؤرة استيطانية استولى عليها مستوطنون في الحيين الإسلامي والمسيحي، وقاموا بتغيير معالم العقارات التي استولوا عليها، وأضافوا بنايات على مبان قائمة

 

وبالاستناد إلى ما جرى توثيقه من عمليات هدم أخرى في محيط البلدة القديمة من القدس وتحديدا في سلوان فإن عمليات الهدم استهدفت أكثر من أسرة من نفس العائلة وفي ذات المبنى الذي تعرض للهدم كما هو الحال بالنسبة للمواطن طلال الشويكي من سكان حي عين اللوزة في البلدة، حيث هدمت جرافات بلدية الاحتلال في القدس مسكنه البالغة مساحته 140 مترا مربعا ، ويقطنه أفراد أسرته المكونة من 8 أنفار، وذلك للمرة الثانية في غضون عامين، علما بأنه كان تقدم منذ العام 1995 بطلبات للحصول على رخصة بناء ولكن دون جدوى. ولم تكتف البلدية بعدم منحه رخصة للبناء، بل غرمته ب 120 ألف شيكل بدعوى مخالفته قوانين البناء، كما هدمت مساكن أنجاله في ذات المبنى , منها الطابق الأول من المبنى وبقطنه نجله نضال ( 40 سنة)، ومساحته 8 مترا مربعا ، ويقطنه 6 أفراد. وشقة أخرى بذات المساحة وفي نفس الطابق لشقيقه باسل (28عاما )، ويقطنه 7 أنفار. كما هدمت الطابق الثاني من المبنى ويقطن في جزء منه نجل ثالث للمواطن الشويكي يدعى نادر(26عاما )، حيث تبلغ مساحة هذا الجزء 80 مترا مربعا، ويقطنه 6 أنفار، إضافة إلى هدم شقة أخرى بذات المساحة تقطنها كريمة صاحب المنزل وتدعى ميرفت ( 35 عاما ) ، وهي أرملة وأم ل 3 بنات.

والملاحظ من مساحات الشقق والمساكن التي تطاولها عمليات الهدم والتدمير صغرها المتناهي مقارنة مع عدد قاطنيها وازدحامها بالأطفال والنساء

. وتكرار هدم المنازل للمقدسيين ظاهرة أخرى لافتة لا تقتصر على المواطن الشويكي فحسب ، ولا تقتصر على المساكن التي تؤوي نساء وأطفالا ، بل تطاول أيضا مشاغل ومنشآت اقتصادية تعتاش منها أسر المقدسيين، ويتكرر هدمها أكثر من مرة ، مع ما تتركه عمليات الهدم هذه من تأثيرات نفسية واقتصادية كبيرة على العائلات المنكوبة، كما هو الحال بالنسبة للمواطن جمال عيسى خويص من سكان منطقة الحردوب في حي الطور إلى الشرق من مدينة القدس ، حيث هدمت الجرافات الإسرائيلية يوم 3-2-2009 منشأة لبيع مواد البناء على ما مساحته دونمين ، وتم مصادرة ما فيها من بضائع بقيمة تصل إلى 80 ألف شيكل. ويعيل صاحب هذه المنشأة أسرة مكونة من 10 أنفار ، بينما يعتاش من العمل فيها 6 أسر أخرى. علما بأن هذه هي المرة الثالثة التي تهدم فيها هذه المنشأة، حيث كانت هدمت في المرة الأولى سنة 1999، ثم هدمت للمرة الثانية في العام2003.

وفي ذات اليوم أي في الثاني من شباط 2009 هدمت الجرافات " التابعة ل" الإدارة المدنية" محطة للمحروقات يملكها المواطن حسن خليل ادكيدك عند مدخل حي الزعيم إلى الشرق من حي الطور، ودمرت مكتبين فيها ، وجناحا لغسيل السيارات ، إضافة إلى تجريف أرضية المحطة البالغة مساحتها الإجمالية 600 متر مربع، بالرغم من حيازة صاحبها على ترخيص من "الإدارة المدنية" في العام 2008. وكانت تلك المحطة أقيمت في العام 1997، وتعرضت أكثر من مرة لمداهمات الجيش ، ومصادرة محتوياتها من المحروقات ، في حين هدمت بلدية الاحتلال في القدس يوم 28-2-2009 وللمرة الثانية منزلا يعود للمواطن محمد عيد الجعبري في منطقة تل الفول من أراضي بيت حنينا – شمال القدس المحتلة ، بعد إخراج قاطنيه وعددهم 45 نفرا بالقوة من داخله، وأصابت بعض قاطنيه بجروح بعد الاعتداء عليهم بالضرب. والمبنى العائد للمواطن الجعبري عبارة عن تسوية مساحتها 350 مترا مربعا ، وفوقها طابق يشتمل على ثلاث شقق بمساحة إجمالية تصل الى 750 مترا مربعا ، يقطن إحداها المواطن الجعبري ، فيما يقطن الشقق الثلاث أولاده فريد وموسى وبسام وأولادهم.

وكانت البلدية هدمت منزل المواطن الجعبري لأول مرة في حي جبل المكبر في العام 2000 ، وفي عام 2007 هدمت منزل نجله موسى في تل الفول في بيت حنينا ، ثم هدمت في العام التالي أي في العام 2008 منزلا آخر يعود له ، وكان يقطنه شقيقه الحاج عدنان الجعبري. والشيء ذاته ينطبق على المواطن خالد محمد حمدان الصياد من منطقة السهل في حي الطور – شرق البلدة القديمة من القدس - والذي هدم منزله للمرة الثانية يوم 8-2-200

وكان المواطن المذكور شيد منزله قبل عام ونصف تقريبا، وتوصل قبل أربعة أشهر إلى اتفاق مع البلدية يقضي بإزالة 30 مترا مربعا من المساحة الإجمالية للبيت البالغة 130 مترا مربعا ، إلى أن البلدية لم تلتزم باتفاقها، فعادت وفتحت ملف المنزل وأصدرت قرارا آخر بإزالة 14 مترا مربعا من ذات المنزل، ورغم قيام المواطن المذكور بتنفيذ قراري البلدية ، إلا أن الأخيرة عادت يوم 8-2- 2009 لتهدم المنزل برمته. وكما جرى مع المواطن جمال خويص بهدم منشأته الاقتصادية للمرة الثانية تكرر الأمر ذاته مع المواطن سامي أبو دية ، حيث هدمت أطقم من "الإدارة المدنية" الإسرائيلية مرآبا مخصصا لوقوف الحافلات السياحية التابعة لشركة نت المملوكة لأبو دية، إضافة إلى السور المحيط بالمرآب بذريعة أن الأرض المقام عليها المرآب منطقة خضراء . وقامت تلك الأطقم بحفر حفرة كبيرة في منتصف المرآب حتى لا يعاد استخدمها. وكان المرآب تعرض للهدم والتدمير في العام 2000 ، حيث جرفت الأرض المقام عليها وصودر ما فيه من معدات ووقود وبركس ، ولم يتمكن من استرجاعها الا بعد ثلاث سنوات.

وأقيم هذا المرآب في العام 1995 على ما مساحته 5 دونمات ، أحيط بجدار إسمنتي بطول 350 مترا جرى هدمه أيضا ، وهدم سور آخر عند مدخل الزعيم يعود للمواطن أبو دية بمساحة 300 متر مربع.

وكانت بلدة العيسوية الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة القدس هدفا هي الأخرى لعمليات الهدم التي استهدفت منازلها ، بالرغم من أن هذه البلدة تعد من أكثر البلدات ازدحاما في داخل حدود البلدية ، وتتشدد السلطات البلدية في منح مواطنيها تراخيص بناء ، ما جعل البناء فيها متعذرا

وطاولت عمليات الهدم في العيسوية خلال شهر شباط من العام الجاري ثلاثة منازل، تعود لكل من : موسى محمد عبد الله ( 100 متر مربع ) ويتكون من ثلاث غرف مع منافعها ، وكان شيد قبل خمس سنوات ، وحاتم حسين خليل ( 120 مترا مربعا )، إضافة إلى أساسات منزل ثالث بمساحة 200 متر مربع يعود للمواطن محمد أحمد موسى مصطفى. والمنزل الذي يعود للمواطن حاتم خليل كان هدم قبل ذلك مرتين ، الأولى في عام 1988، والثانية في عام 2001 ، ثم أعيد بناؤه في العام 2004، بعد ذلك فرضت عليه البلدية غرامة بقيمة 60 ألف شيكل ، ولعدم تمكنه من دفعها سجن 8 شهور . وتزامنا مع هدم المنازل داخل الحدود البلدية المصطنعة لمدينة القدس ، نفذت السلطات الإسرائيلية منذ مطلع العام الجاري 2009 عدة عمليات هدم لمساكن مواطنين في البلدات والضواحي الواقعة خارج حدود البلدية ، وذلك عبر أطقم الهدم التابعة للإدارة المدنية الإسرائيلية. ففي ضاحية المشتل على المدخل الرئيس لبلدة العيزرية جنوب شرق القدس دمرت الإدارة المدنية يوم 18- 3- 2009 ، منزلا يعود للمواطن غازي القيمري تبلغ مساحته 140 مترا مربعا ، ويؤوي 13 نفرا ، رغم حصول صاحبه على رخصة بناء من قبل مجلس محلي العيزرية ، بالنظر الى أن المنطقة التي يقع فيها المنزل مصنفة كمنطقة (ب الا أن ضباط الإدارة المدنية رفضوا الاعتراف بالترخيص وأصروا على وقوع المنزل في منطقة مصنفة إسرائيليا ك ( ج ) بمحاذاة ما يسمى شارع "نسيج الحياة".

وكان صاحب المنزل شيده قبل ثلاث سنوات ، وتوجه إلى الإدارة المدنية في غوش عتصيون أكثر من مرة للحصول على رخصة ، ولكن دون جدوى.

وكانت الجرافات الإسرائيلية هدمت في السابع من شباط من العام 2009 الجاري خياما وبركسات لعائلات بدوية تعود لأربعة مواطنين وهم :سالم الجهالين ونجله نايف، ومحمد وعدنان السيايلة ، حيث تؤوي هذه الخيام 35 نفرا، إضافة إلى عشرات رؤوس الأغنام التي تتخذ من البركسات مأوى لها، ومحمد سلمان سلامة الباشا.

وسبق ذلك قيام الجرافات بهدم خيام ومساكن لأربع عائلات أخرى تقطن المنطقة المسماة "لتون أبو جمعة" في الخان الأحمر شرق القدس تعود لكل من عدنان سالم الجهالين( 4 أنفار ) ، احمد مرشد الجهالين ( 9 أنفار)، خالد سلمان الجهالين ( 15 نفرا )، وسعيد حسن حوامدة ( 9 أنفار ). والواقع أن عمليات الهدم في غلاف القدس ، أي في المناطق الواقعة خارج الحدود البلدية المصطنعة للمدينة المقدسة ، وما يجري من عمليات هدم بوتيرة عالية داخل البلدة القديمة وفي الأحياء الفلسطينية المتاخمة لها يتم بالتزامن وبتناغم كبير بين الدوائر الإسرائيلية المدنية والعسكرية التي تنفذ عمليات الهدم ، مع ما تفضي إليه عمليات الهدم هذه من طرد صامت للمقدسيين وتطهير عرقي، في مقابل تعزيز الاستيطان اليهودي ، وبناء مزيد من المستوطنات .

 

إخطارات هدم بالجملة

ويقول التقرير أنه ومع التصعيد الملحوظ في عمليات الهدم منذ مطلع العام 2009 وحتى نهاية شهر آذار من العام ذاته، فقد سجل أيضا تصعيد غير مسبوق في عمل أطقم ما يسمى ب"المراقبة على البناء الفلسطيني في القدس"، وفي قرارات المحاكم الإسرائيلية التي صادقت على هدم مزيد من منازل المقدسيين ، ما أفضى في المحصلة إلى قيام البلدية الإسرائيلية للقدس بإصدار المئات من أوامر وإخطارات الهدم الجديدة ، وصل عددها وفق التقديرات إلى أكثر من 950 إخطارا نصفها تقربا أوامر هدم إدارية تشمل ما مجموعه 520 شقة سكنية ، في حين المتبقي من هذه الشقق صدرت بحقها أوامر قضائية.

ووفقا لدائرة البحث والتوثيق في المركز ، فقد سلمت بلدية الاحتلال في القدس يوم 21-2-2009 أوامر هدم لما مجموعه 134 عائلة مقدسية تقطن في 88 منزلا وعقارا في حي البستان، والبالغة مساحته 70 دونما من أراضي بلدة سلوان – جنوب البلدة القديمة من القدس – يزيد عدد أفرادها عن 500 نسمة ، لغرض إقامة حديقة عامة تسمى "حديقة الملك داود". وكان القرار بهدم هذا العدد الكبير من منازل البستان صدر لأول مرة بتاريخ 11-11-2004 من قبل مهندس البلدية آنذاك أوري شطريت ، وهدم في حينه منزلين بعد صدور أوامر الهدم بفترة وجيزة، لكن الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت جمدت تلك الأوامر نتيجة تعرضها لضغوط دولية، وأعلن رئيس بلدية الاحتلال في حينه عن تراجعه عن خطة الهدم هذه ، وتمكين أصحاب المنازل من تقديم مخطط يعكس احتياجاتهم التطويرية. إلا أن المخطط الذي قدم من السكان في شهر آب من العام 2008 أرجئ النظر فيه من قبل مهندس البلدية شلومو اشكول الذي أبلغ مقدمي المخطط بتأجيل دراسة المخطط ، وبأن البلدية ستمضي قدما في تنفيذ مخططها بناء ما أسماه " حديقة وطنية "، وبدلا من ذلك عرض على السكان في الحي تعويضات مقابل إخلاء منازلهم ، وهو ما رفضه المواطنون ، ما دفع البلدية في اليوم التالي إلى إصدار أوامر الهدم ل 88 منزلا تؤوي 134 عائلة. في حين سلمت أوامر هدم أخرى يوم 3 – 3 – 2009 من قبل البلدية الإسرائيلية للقدس ل 55 شقة سكنية في حي رأس خميس من أراضي بلدة شعفاط وأحد أحياء المخيم تقع في أربعة مباني يقطنها قرابة 500 نسمة ، وأمهلت أصحاب هذه الشقق مدة 72 ساعة لإخلائها تمهيدا لهدمها ، علما بأن أكثر من 50% من هذه الشقق جاهزة للسكن. وتحاذي تلك المساكن والشقق جدار الفصل العنصري الذي يفصل بين سكان رأس خميس ومخيم شعفاط ، ومستوطنة "بسغات زئيف " المجاورة. وكانت أكبر عملية هدم شهدها مخيم شعفاط حدثت في العام 2000 ، حين دمرت بلدية الاحتلال في حينه 17 منزلا، وأخطرت عشرات المنازل الأخرى بالهدم أيضا رغم وقوع المخيم ضمن دائرة اختصاص وكالة الغوث الدولية.وبعد يومين فقط من تسليم أوامر الهدم في رأس خميس ، سلمت البلدية يوم 5- 3- 2009 أوامر هدم أخرى ل 36 شقة سكنية في حي العباسية – وهي منطقة تتوسط بلدة سلوان وحي الثوري المجاور – تقع جميع هذه الشقق في بنايتين كبيرتين وأمهلت سكانها البالغ عددهم نحو 250 نسمة عشرة أيام لإخلاء البنايتين تمهيدا لهدمهما. وفي يوم 6 – 3 – 2009 تلقت 20 عائلة مقدسية من حي الطور – شرق البلدة القديمة - إخطارات هدم ل 13 مبنى سكنيا تقيم فيها هذه العائلات ، وتؤوي 489 نفرا ، وأمهلت مدة 40 يوما لإخلاء منازلها. وتقع هذه المباني في منطقة السهلة من أراضي بلدة الطور على ما مساحته 15 دونما، وهي مملوكة لعائلة الهدرة، وكانت صودرت مساحات منها بذريعة المصلحة العامة. وبعض هذه المسكن كانت هدمت في السابق من قبل البلدية ، أو أرغم أصحابها على إغلاق أجزاء منها بناء على تعليمات من قبل البلدية، كما حدث مع المواطن توفيق عيسى الغزاوي الذي أرغم على إغلاق جزء من منزله قبل عام بالطوب ، وعاش مع أفراد عائلته في غرفة واحدة ومرافقها للحيلولة دون هدم منزله بالكامل، ثم تقدم لاحقا بطلبات للحصول على رخصة بناء وقدم مخططا بذلك إلا أنه رفض . علما بأن البلدية هدمت قبل ثلاث سنوات منزلا آخر للمواطن المذكور. أما المواطن وائل الفقيه من سكان ذات المنطقة ، فقد هدمت البلدية منزله يوم 10 -6 -2008 ، ما اضطره لاحقا إلى بناء غرفتين من الطوب قرب منزله المهدم ، وتوجه إلى البلدية نحو 23 مرة بمخططات وخرائط مساحة إلا أن جميع محاولاته للحصول على رخصة بناء باءت بالفشل. في حين تلقى يوم 6 -3 -2009 أصحاب 66 شقة سكنية جديدة في بلدة العيسوية إخطارات بالهدم ، وتقع جميع هذه الشقق في عدة بنايات بالبلدة ، لتضاف إلى أكثر من 50 شقة كان تلقى أصحابها العام الماضي 2008 إخطارات بهدمها، ويربو عدد القاطنين فيها عن 300 نسمة. بينما تلقت 53 عائلة بدوية من عرب الكعابنه والجهالين – شمال شرق وجنوب شرق القدس – يوم 6 – 3- 2009 إخطارات من قبل الإدارة المدنية الإسرائيلية تطالبها بأخلاء مسكنها في مناطق لتون أبو جمعة من أراضي العيزرية ، ووعر ألبيك من أراضي بلدة عناتا ، وبيت حنينا القديمة ، وجبع، ومخماس يصل عدد قاطنيها إلى نحو 550 نسمة غالبيتهم من الأطفال والنساء. وفي مناطق انتشار هذه العائلات البدوية يتركز في هذه المرحلة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي وبوتيرة عالية ، حيث تتواصل أعمال البني التحتية لمشروع ( إي – ون ) –شرق القدس - ، أما في حديها الشمالي الشرقي والشمالي الغربي فتمر مقاطع مهمة من الجدار الفاصل ، وتتواصل أعمال التوسع في المستوطنات القائمة مثل "آدم "، ومعاليه مخماس"، و"بسغات زئيف"، ومعاليه ادوميم. كما تلقت 11 عائلة مقدسية في أحياء بيت حنينا ، رأس العمود، سلوان ، وشعفاط يوم 10 – 3 -2009 ، إخطارات هدم جديدة تضاف إلى أوامر هدم سابقة عديدة سلمت المواطنين في هذه الأحياء عشية تسلم نير بركات رئيس بلدية الاحتلال في القدس منصبه نهاية العام المنصرم. وفي وادي قدوم بسلوان سلم يوم 10 -3 – 2009 أمر هدم جديد لمبنى من أربع شقق ، بمساحة 400 متر مربع يعود للمواطن محمد عيسى الجعافرة . وكان للبلدة القديمة من القدس نصيب أيضا من أوامر الهدم لمنازل المواطنين ، حيث سلمت 7 إخطارات بالهدم في منطقة برج اللقلق في حي باب حطة – شمال المسجد الأقصى - ، علما بأن هناك أكثر من 25 أمر هدم سابق لمنازل المواطنين في الحي المذكور. ويخطط الإسرائيليون في هذه المنطقة لبناء حي استيطاني صغير يشتمل على بناء ما يقرب من 200 وحدة استيطانية ، وكلية جامعية تلمودية تتسع لنحو 400 طالب ، فيما تعود قضية برج اللقلق إلى العام 1989 حين أعلن ارئيل شارون وكان في حينه وزيرا للبناء والإسكان عن إقامة 150 وحدة استيطانية داخل البلدة القديمة، ضمن مشروع القدس 2020 على تسعة دونمات من أراضي الحي. ومن شأن هدم هذا العدد الكبير من منازل برج اللقلق تسهيل بناء هذا الحي الاستيطاني، خاصة مع سيطرة المستوطنين على قطعة أرض في وسط الحي كانت مملوكة في للكنيسة الروسية. مع ما سيتركه بناء هذا الحي على توسيع رقعة الوجود الديمغرافي الاستيطاني في البلدة القديمة ، حيث يقطن 3 آلاف مستوطن في الحي اليهودي المقام على أنقاض حارة الشرف الفلسطينية ، إضافة إلى أكثر من ألف مستوطن يتوزعون على 70 بؤرة استيطانية داخل أحياء البلدة القديمة المختلفة. وإضافة إلى أوامر الهدم التي سلمت إلى عائلات من حي العباسية ، فقد صدرت أوامر هدم أخرى ضد 17 منزلا في حي الثوري تؤوي أكثر من 120 نفرا. بيد أن العدد الأكبر من الإخطارات بهدم مساكن المقدسيين خلال شهر آذار سلمت يوم 18 -3 – 2009 وشملت 90 شقة سكنية في أحياء شعفاط ، بيت حنينا ، الثوري ، العيسوية ، صور باهر ، وجبل المكبر، وأم طوبا ، وهي الأحياء التي تتركز فيها عمليات الهدم بصورة مستمرة. وكانت بلدية الاحتلال في القدس صادقت في العشرين من شهر آذار على ميزانية خاصة للتصوير الجوي للأحياء الفلسطينية في محيط المدينة المقدسة ، وداخل البلدة القديمة أيضا بقيمة مليون و200 ألف شيكل تضاف إلى أكثر من خمسة ملايين شيكل مخصصة سنويا لتنفيذ عمليات الهدم في القدس المحتلة . وأعلنت البلدية في قرار المصادقة أن الهدف من ذلك هو مراقبة مخالفات البناء التي يرتكبها المقدسيون بصورة أكثر نجاعة مما هو قائم حاليا ، حيث تعتمد البلدية فقط على عمل أطقمها الميدانيين ، في حين أن عمليات التصوير الجوي المقترحة ستقدم معطيات أكثر دقة فيما يتعلق بمخالفات البناء في الأحياء المقدسية خاصة تلك التي تجد الطواقم الميدانية صعوبة في دخولها. ويتيح تخصيص هذه المبالغ للبلدية امكانية التصوير الجوي مرة واحدة كل ثلاثة اسابيع. معطيات وحقائق: وترى دائرة البحث والتوثيق في مركز القدس أن قضية الهدم وإصدار مئات الاوامر الجديدة بالهدم لمنازل المقدسيين ترتبط أساسا بععد من العوامل المتعلقة بالسياسات الاسرائيلية التي شرع بتطبيقها منذ اليوم الأول لاحتلال القدس وضمها لاحقا، خاصة ما تعلق منها بقوانين البناء والتنظيم المطبقة في القدس الشرقية المحتلة. وهي سياسات تتسم بالتمييز المتعمد والمنهجي ضد السكان المقدسيين، وخنق البناء الخاص بهؤلاء السكان الذين يشكلون ثلث سكان المدينة. وتتضح هذه السياسة القائمة على التمييز حتى في نسبة المنازل المهدمة في القدس الشرقية، حيث تصل هذه النسبة الى 88? من مجموع أوامر وقرارات الهدم التي تصدرها البلدية في القدس بشطريها الشرقي والغربي، وتزيد حصيلة الغرامات التي تجبيها البلدية على البناء الفلسطيني في القدس الشرقية سنويا عن 100 مليون شيكل . وتضاعف هذه الغرامات من المعاناة الاقتصادية لأصحاب المنازل الذين يتكبدون مبالغ طائلة من أعمال البناء التي يقومون بها سواء ما تعلق منها برسوم رخص البناء أو المبالغ التي تدفع للمهندسين وللجان البناء ، وكذلك للمحامين الذين يتابعون بعض القضايا القانونية المتعلقة بتسريع الحصول على رخصة البناء، أو الغرامات المفروضة عليهم. أما التحدي الآخر الذي يواجهه المقدسيون فمتعلق بحجم مساحة الأراضي التي يحق للمواطنين المقدسيين البناء عليها والتي لا تتعدى ال 10? مما تبقى من أراضي القدس، وجزء مهم من هذه الأراضي لا تتوفر لمالكها شهادة طابو ، وبعضها يتعدد مالكوها، فيما البعض الاخر من المالكين لتلك الأراضي يعتبر من الغائبين ، ويعتبر الاحتلال نفسه وريثا لهم، ما أفضى الى تفتت الملكية وضاعف من صعوبة الحصول على رخصة بناء.