خبر واشنطن بوست: بزوغ نجم لوبي يهودي ليبرالي جديد ينافس إيباك في أميركا

الساعة 05:30 ص|18 ابريل 2009

فلسطين اليوم-الشرق الأوسط*

عندما شكل عدد من اليهود الليبراليين جماعة للضغط وجمع تبرعات أطلق عليها «جاي ستريت» العام الماضي، كان لديهم أمل متواضع بجمع 50,000 دولار لدعم عدد قليل من مرشحي الكونغرس.

 

لكن الذراع السياسية للجماعة، بدلا من ذلك، جمعت ما يقرب من 600,000 دولار للعشرات من الديمقراطيين وحفنة من الجمهوريين، لتصبح لجنة عمل سياسي موالية لإسرائيل وتعد الأبرز في واشنطن، وذلك بحسب تقارير الإنفاق التي أصدرتها لجنة الانتخابات الفيدرالية. وقال المنظمون إن 33 عضوا من بين 41 عضوا دعمتهم الجماعة في مجلس النواب والشيوخ فازوا في الانتخابات. وقال جيرمي بن عامي، المدير التنفيذي لمجموعة «جاي ستريت»: «لقد تجاوز الأمر توقعاتنا، ولم نكن نعلم مستوى النجاح الذي كان من الممكن أن نلاقيه، لكننا نعتقد أن هذه رسالة حان وقتها».

 

وبوقوفها إلى جانب الرئيس أوباما والديمقراطيين الليبراليين الآخرين، جمعت «جاي ستريت» بين الأسلوب القديم من السياسة وأسلوب الإعلام، وهو أسلوب يتسم بالذكاء ويهدف إلى تغيير النقاشات السياسية الأميركية حول قضايا إسرائيل والشرق الأوسط.

 

وتطلق الجماعة على نفسها «الذراع السياسية لحركة السلام المناصرة لإسرائيل»، وتقول إن النقاش الدائر حول إسرائيل في الولايات المتحدة يميل نحو اليمين بالرغم من التعاطف الليبرالي لغالبية اليهود الأميركيين. وتؤيد جماعة «جاي ستريت» مبدأ «حل الدولتين» لإسرائيل والفلسطينيين، وتفضل الدبلوماسية على القوة العسكرية، وذلك وفق الموقع الإلكتروني والتصريحات الصادرة عن المنظمة. لكن الأساليب الهجومية التي تتبعها الجماعة عززت من الانتقادات الموجهة إليها من قبل جماعات الدفاع اليهودية التي قالت إن المشروع يبدو أنه يرمي إلى جذب الانتباه ويذهب غالبا بعيدا في انتقاداته للسياسة الإسرائيلية. ويقول المنتقدون أيضا إن «جاي ستريت» حصلت على جل تمويلاتها من مجموعات صغيرة من المؤدين لها، الأمر الذي أثار تساؤلات نطاق قبولها. ويأتي ظهور «جاي ستريت» في الوقت الذي يستعد فيه أوباما للتباحث مع حكومة متشددة جديدة يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يرفض مبدأ دولة مستقلة للفلسطينيين، على عكس الولايات المتحدة.

 

 وقد التقى جورج ميتشل، مبعوث الرئيس أوباما للشرق الأوسط، بنتنياهو وغيره من القادة الإسرائيليين أمس في القدس. وفي انفصال عن النشاطات العامة التي تتبعها الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة، لم تتورع «جاي ستريت» عن انتقاد القيادات الإسرائيلية بشدة، فقد عرضت الجماعة شريط فيديو على يوتيوب، هذا الشهر، يتهم وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بقيادة حملة انتخابية «عنصرية ومثيرة للقلاقل»، وزعمت أن قادة اليهود الأميركيين يبررون ما يؤيده ليبرمان. وقال ديفيد هاريس المدير التنفيذي للجنة اليهودية الأميركية لصحيفة «جويش ويك»: «إن مثل تلك الانتقادات لا تساعد إسرائيل».

 

وقد تعرضت «جاي ستريت» لانتقادات بسبب انتقادها الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد حركة حماس في قطاع غزة، فقد كتبت الجماعة في رسالة لأعضائها: «على الرغم من خطأ إمطار العائلات الإسرائيلية بالصواريخ والحجارة، وخطأ إرسال "الاستشهاديين"، فإن من الخطأ أيضا معاقبة مليون ونصف المليون يعانون بالفعل في غزة على أعمال يقوم بها بعض المتطرفين منهم». ووصف الحاخام إريك يوفي رئيس «يونيون فور ريفورم جودايز»، موقف «جاي ستريت» من الصراع في غزة بأنه «ضعف أخلاقي، وبعيد كل البعد عن الشعور اليهودي، وساذج إلى أبعد الحدود».

 

وتعد لجنة الشؤون العامة الأميركية ـ الإسرائيلية (ايباك) التي تعتبر جماعة الضغط الأبرز في واشنطن المناصرة لإسرائيل، والتي يبلغ عدد أعضائها أكثر من 100,000 فرد وأنفقت 2.5 مليون دولار العام الماضي على دعم جماعات الضغط، الهدف الأول بالنسبة إلى جماعة «جاي ستريت»، التي لم تنفق سوى القليل حتى الآن على جهود الضغط هذه. ولا تقوم «ايباك» بدعم المرشحين بصورة مباشرة كما تقوم «جاي ستريت» الآن، وقد رفضت «ايباك» التعليق على «جاي ستريت» أو أهدافها، لكن جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قال إن المجموعة الجديدة لا يزال أمامها طريق طويل حتى تستطيع أن تكون منافسا لـ«ايباك» التي كانت دائما ما تتخذ موقفا شرسا بشأن القضايا الدفاعية الإسرائيلية.

 

وقال ألترمان: «لقد شقت (ايباك) طريقها عبر نصف قرن لكي تحفز الأفراد بصورة كبيرة تجاه رسالتها، فهل بمقدور (جاي ستريت) أن تبني قاعدة متبرعين يعتقدون أن هذا شيء ضروري بنفس الصورة التي تعمل بها (ايباك)؟ لا أعلم إن كان ذلك ممكنا أم لا». وقال بن عامي إنه لا توجد لديه توقعات بأن يزداد حجم «جاي ستريت» لتصبح بنفس حجم «ايباك»، لكنه يعتقد أن بإمكانها أن تصبح قوية التأثير بما يكفي لتغيير سقف المناقشات الأميركية حول السياسة الإسرائيلية. فقد تضاعفت ميزانية الجماعة لتصل إلى 3 ملايين دولار في عامها الثاني، وهي تستعد لإطلاق ذراع تعليمية تركز على الجامعات الأميركية. وقال بن عامي إن الجماعة تخطط للإعلان عن تولي دان كوهل، الذي كان يجمع التبرعات لحملة أوباما، وابن أخي شين هيرب كوهل النائب الديمقراطي عن ولاية ويسكنسون، منصب المدير السياسي الجديد.

وقال بن عامي إن «جاي ستريت» تستحق الثقة لقدرتها على اجتذاب أكثر من 100 راعٍ لها في مجلس النواب، رحبوا بقرار أوباما تعيين ميتشل كمبعوث للشرق الأوسط، فيما كانت «ايباك» محايدة في هذه القضية.

 

وأضاف بن عامي: «إن الشعور بأن 100 عضو في الكونغرس على استعداد لإقرار التعيين يعد إنجازا حقيقيا. إننا لن نستطيع إن نغير العالم، ولكن الأمور بدأت في التحول».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»