خبر مؤشرات نفاد الصبر..معاريف

الساعة 09:15 ص|17 ابريل 2009

بقلم: شموئيل روزنر

بعد اسبوعين ونصف ستعود كونداليزا رايس الى واشنطن في اول ظهور علني لها منذ ان ودعتها. يوم الاحد الثالث من ايار في الكنيس التاريخي في زاوية الشوارع سكس وآي. هي اختارت القيام بظهورها الاول كمواطنة عادية بعد خدمتها الطويلة في الادارة الامريكية لكنيس المدرسة اليهودية الصغيرة التي تديرها ناعومي رام مع محاضرة سنوية لذكرى اسحاق رابين. هذه ستكون فرصتها التي لن تفوتها لتسوية الحساب مع حكومة اسرائيل – المغادرة والاتية .

حساب رايس مع حكومة ايهود اولمرت طويل واشد من ان يغلق في محاضرة واحدة. اغلبية هذا الحساب ستبقى للكتاب الذي تعكف عليه الان وهو الاول من ثلاثة كتب في صفقة تبلغ قيمتها 2.5 مليون دولار على الاقل. ولكن ايضا مع حكومة اسرائيل الجديدة هناك حساب صغير يتوجب تسويته. ذلك لانه عندما اعترض وزير الخارجية افيغدور ليبرمان طريق خطة انابوليس واطلق النار عليها في مستهل دخوله لمنصبه، ربما فاجأ بل واغاض قلة من موظفي الرئيس الامريكي براك اوباما، ولكن من شعر بالاهانة الحقيقية هم عدد من مسؤولي الرئيس السابق جورج بوش. اولئك الذين سجلت عملية انابوليس على اسمهم.

هذه كانت بالنسبة لرايس فرصة جديدة لتفكير فلسفي قصير: بهذه الطريقة تمر مجد العالم. حتى ما قبل مدة قصيرة كانت وزيرة الخارجية الاكثر تأثيرا في الادارة الامريكية والاكثر ودا لاسرائيل في اي وقت من الاوقات كما اعتبرها رئيس الوزراء نفسه. وها هي اشهر قلائل تمر بعد وداعها للمنصب لتبدأ اسرائيل بالسماح لنفسها بركل التركة التي بقيت من ورائها علانية. قبل اسبوع اجرت اول مقابلة مع صحيفة الطلاب في جامعة ستانفورد التي خرجت منها الى ادارة بوش وعادت اليها الان. "اي عضو في ادارة بوش سيكون الاقل جودة في الصحافة؟" سئلت الوزيرة السابقة. ردت الوزيرة بسرعة: الرئيس نفسه. كما قالت لهم: وضعه في احسن حال فنحن نتراسل عبر البريد الالكتروني.

 

زيارة ميتشل

عدد كبير من الرسائل العلانية الحامضة اطلق في الاسابيع الاخيرة بين واشنطن والقدس. خطاب ليبرمان حول انابوليس اضطر اوباما الى الالتزام بالعملية التي لم يكن معنيا بها بالمرة. رفض حل الدولتين من قبل نتنياهو اضطر المبعوث الامريكي الخاص جورج ميتشل للتذكير بان التفويض المعطى له واضح: دولتين لشعبين. الحكومات الجديدة تتراسل من خلال قنوات مفتوحة جدا واحيانا مع بعض التحركات حول بداية طريق مشترك، او خطوات محسوبة تهدف الى الاشارة للجانب الاخر حول الخطوط الحمراء. هذا بالنسبة للساحة الفلسطينية وليس اقل من ذلك بالنسبة لايران التي وصلت الادارة الامريكية بصددها الى المرحلة الحاسمة على مستوى اتخاذ قرار رئاسي.

ميتشل لم يأت لاسرائيل حتى يخوض صراعا اعلاميا مع حكومة نتنياهو. ولكن من الممكن القول انه قد مل تبادل الرسائل العلانية بدرجة ما. هو شخص يتعامل مع مهمته بجدية كبيرة وربما مفرطة جدا ويريد ان يعمل. طاقمه موجود في وضع متقدم من بلورة خطته بالمقارنة مع الاقسام الاخرى في ادارة اوباما حديثة العهد. فريدريك هوف سيكون نائبه وديفيد هاي الذي كان نائبا مساعدا لوزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط سيكون على ما يبدو ممثلا دائما في القدس، وهناك اشاعات عنيدة بأن مارا رودمان من الوفيات لادارة كلينتون ستنضم اليه. رودمان اكثرت من تناول الساحة الاسرائيلية الفلسطينية في السنوات الاخيرة باعتبارها عضوة بارزة في "المعهد الامريكي للتقدم" وهو تفكير استوعب لاجئي عهد كلينتون في ايام الجفاف ابان حكم بوش الجمهوري. هي انضمت لادارة اوباما كرئيسة لطاقم في مجلس الامن القومي ولكنها وجدته محدودا جدا وتكنوكراطيا جدا. هي تريد التركيز على الساسة كما قال لي احد اعوانها. هذه زيارة ميتشل الثانية التي تنضم اليها.

هذا طاقم كبير جدا ومشغول جدا. لن يكون لاوباما وقت كثير لتكريسه للقضية الاسرائيلية الفلسطينية ويبدو ان هيلاري كلينتون هي الاخرى تنوي اعطاء ميتشل تفويض كسر الرأس. ان كان هناك اعتماد يتوجب توزيعه فستحرص على الحصول على جزء منه. حتى ذلك الحين لديها امور اخرى يتوجب ان تديرها. اذا فميتشل هو رب البيت – ان كان من الممكن ان نسمي هذه الخربة بيتا.

الرسالة التي صاغها طاقم ميتشل قبيل زيارته القصيرة تجمع بين اللباقة الامريكية وعلامات مبكرة لقلة الصبر. جوهرها: انعاش ذاكرة الوزراء بصدد مهمة ميتشل – دولتان اسرائيل وفلسطين كجزء من صفقة شاملة اسرائيلية عربية، والتحقق مما يمكن ويجب ان يحدث في اللقاء المتوقع بين نتنياهو واوباما في شهر ايار في واشنطن (هذه اللحظة التي سيطلب فيها من نتنياهو ان يعترف بصيغة دولتين) وكذلك مسارا اوليا لعلامات الطريق: ما الذي يتوجب على الاطراف ان تفعله حسب رأي ميتشل "من اجل مساعدته" لانجاح مهمته. في هذه المرحلة يطرح الجانبان رسالة متناغمة تقول ان اسرائيل معنية بمساعدة ميتشل وليس عرقلته. اذا فهذه المرحلة من مباحثات نتنياهو وبراك اوباما مفهومة بالنسبة لميتشل بكلمات بسيطة ويتساءل كيف تنوي اسرائيل تنفيذ "تعهداتها" في قضية المستوطنات (التجميد) والبؤر الاستيطانية (ازالتها).

حوار ظاهر

ادارة اوباما وصلت الى استنتاج اولي شبه سيء: في هذه المرحلة يبدو ان سوريا معنية اكثر بابراز وجود حوار من ان تخوض حوارا حقيقيا. ميتشل يتجول في هذه الفترة بين المغرب والجزائر وتونس واسرائيل ومصر ولكن دمشق لم تظهر في برنامج زيارته. جس النبض الذي اجراه مساعد وزيرة الخارجية جيفري بلاتمان لدى الاسد قبل عدة اسابيع تمخض عن استنتاج سلبي. الاسد في هذه المرحلة مستعد للتحدث كثيرا والفعل قليلا. قبل ثلاثة اشهر من حملة الانتخابات في لبنان وصلت ادارة اوباما الى استنتاج بان من الافضل الانتظار ومراقبة كيفية تطور الاحداث في الجبهات الاخرى قبل القاء البيض المكسور في سلة الرئيس السوري. وسائل الاعلام المحلية ستركز على المحطات التي يقوم بها ميتشل قريبا من البيت، في اسرائيل والسلطة الفلسطينية. ولكن ما سيسمعه ميتشل في العواصم الاخرى خصوصا القاهرة لا يقل اهمية.

من قبل ان يزور نتنياهو واشنطن سيكون هناك اثنان من قبله: ملك الاردن الذي سيحذر من ان عملية السلام قد وصلت الى الدقيقة التسعين. كذلك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ابو مازن. ادارة اوباما التي ما زالت تحاول سبر غور  حكومة نتنياهو الجديدة، ما زال يتساءل بصدد عباس واحتمالات خروج شيء ما منه. ميتشل سيسمع تقديرات ازاء ذلك في القدس ولكنه معني اكثر بالتوقعات التي سيحصل عليها من المختصين في القاهرة. بعد اسبوع ستستأنف المحادثات بين فتح وحماس ونجاحها او فشلها سيغير حسابات ميتشل.

بينما يسعى ميتشل للسلام الذي يفترض به ان يغير الوضع الامني وتنشغل اسرائيل في تحسين الوضع الامني الذي سيجلب السلام – اي في قضية حل المعادلة الايرانية. قبل عدة ايام تلقت سياسة حوار اوباما ضربة من ناحية كوريا الشمالية التي اصرت على افساد عهد المصالحة من خلال اطلاق صاروخ للمحيط. الصحافة اليابانية تحدثت بالامس عن ان جهات استخبارية تحقق في افتراض بان سفينة كورية شمالية حملت في شهر كانون الاول الماضي شحنة كبيرة من اليورانيوم المخصب لايران. ادارة اوباما تجد صعوبة في بلورة سياسة واضحة للرد على هذا الاستفزاز.

صحيفة "نيويورك تايمز" افادت في هذا الاسبوع بان ادارة اوباما قد تتنازل عن مطلب تجميد ايران لتخصيب اليورانيوم في فترة الحوار. ليس واضحا ان كان هذا التقرير دقيقا: الادارة مستعدة على ما يبدو بقبول صيغة "التجميد مقابل التجميد" – ايران تجمد تخصيب اليورانيوم وفي المقابل تجمد المباحثات حول العقوبات المفروضة على ايران للفترة الزمنية المطلوبة. هذه احدى القيود التي تثقل ارجل ميتشل. هو مخول بمعالجة "السلام الاقليمي" ولكن ليس "التهديد الاقليمي".