خبر دولتان، لا مفر..معاريف

الساعة 09:13 ص|17 ابريل 2009

بقلم: بن كاسبيت

في اخر المطاف سيعترف بنيامين نتنياهو بمبدأ الدولتين للشعبين. وكأن امامه مفر. المشكلة هي ان ذلك قد لا يكون كافيا. ادارة اوباما، كما تبدو الامور الان لن تكتفي بـ "الاعتراف بالمبادىء" او بالتصريحات او بالنوايا او بالقمم الدولية الاستعراضية. اوباما وهيلاري كلينتون سيقيسان الامور بالافعال. وبالافعال فقط. براك اوباما محاط باشخاص كانوا هنا من ذي قبل وجربوا على جلودهم مدى ضراوة هذا المكان، ومدى صعوبة الناس فيه. هم سيطرحون على بنيامين نتنياهو ان عاجلا او اجلا ائتلافا. ستكون فيه دول مثل مصر والاردن والسعودية ودول الخليج والمغرب وتونس وحتى ليبيا. ابو مازن هو الاخر سيكون فيه. سوريا تعكف الان على بطاقة الدخول. بيبي سيضطر لاتخاذ قرار ان كان سينضم ام انه سيبقى في الخارج. هذا ائتلاف مناهض لايران سيحاول اوباما بلورته بالاشهر القريبة. هؤلاء هم ابناء النور. بامكان نتنياهو ان يختار: الدخول ام البقاء في الخارج مع ابناء الظلام.

براك اوباما يعرف ان معالجة المشكلة الايرانية ستستوجب دعما دوليا. هذا الامر سيحصل عليه فقط ان تفاوض مع الايرانيين بايادي نظيفة واجرى مفاوضات حقيقية ووفر شيئا اضافيا اخر: بضاعة اسرائيلية. مواجهة ايران تحتاج لتكتل من الدول العربية المعتدلة وابراز انجازات ونجاحات في مواجهة اسرائيل. اوباما هو الذي سيضطر جلب هذه البضاعة. اما نتنياهو فسيضطر الى توفيرها.

تفاصيل الصفقة واضحة. "السلام مقابل الذرة" او "المناطق مقابل ايران". بامكان نتنياهو ان يختار كيفية تسمية ذلك، ولكن ليس بامكانه ان يتملص من مواعيد الدفعات. دولتان واحدة فلسطينية والاخرى اسرائيلية وفقا لتصور بوش وتصور كلينتون وكذلك تصور اوباما الجديد. هذه اللعبة الوحيدة في المدينة. نتنياهو أعلن عن "اعادة تقييم" السياسة في هذه القضية، ولكنه سيصل في اخر المطاف الى نفس المكان الذي يقود الى نفس الطريق المسدود. براك اوباما عازم على اختراق هذا الطريق المسدود مرة والى الابد.

وبيبي؟ من جهة، ان بقي في الخارج، سيحول اسرائيل الى دولة شبه مارقة. ليس بامكانه ان يبقى في الخارج. بامكانه ان يحاول الزج بنفسه للداخل مع مواصلة الشعور والتصرف وكأنه في الخارج. او اللعب على الوقت. او الابتهال لاعجوبة على شاكلة عملية ابراج التوائم في ايلول 2001 او اي شيء اخر يغير المعادلة ويهز الوضع ليقلب القدر على فيه. من جهة اخرى، ليس هناك وقت كثير لتضييعه. اجهزة الطرد المركزية في نتاناز تتكتك. رغم الخيار العسكري الذي يحاول الجيش الاسرائيلي بلورته الان (مع وجود خلافات شديدة في الراي حول مدى نجاعته) الى ان الجميع في اخر المطاف من دون استثناء يعرفون الحقيقة: امريكا وحدها هي القادرة على ايقاف المشروع النووي الايراني. امريكا براك اوباما. امريكا التي لا تعتبر اسرائيل في سياستها الحالية فيها الان الصرعة الرائجة. امريكا قصيرة النفس قليلة الصبر وتخوض حرب بقاء ذاتية، امريكا التي لا تمتلك الان صبرا كثيرا ازاء الحيل على شاكلة ايباك. المحافظون الجدد الذين عول عليهم نتنياهو وبنى الابراج في الهواء ذهبوا وكأنهم لم يكونوا.

فما الذي سيفعله نتنياهو؟ هو سيعترف بمبدأ الدولتين وسيبقي ذلك لاوباما. الغرف المغلقة يقول انه لم يكن مستعدا "لاهدار" ذلك على تسيبي لفني. ربما كان على حق. هو يحاول الان بلورة صياغات انقاذية على شاكلة "مبدأ الدولتين، حيث تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح وذات قدرات اقتصادية". في ظل هذا الوضع يترك نتنياهو الامور غامضة ويؤكد على الجانب الاقتصادي. هو معني بالشروع في القضية الاقتصادية والسير في المراحل الاولى عليها فقط من اجل كسب الوقت. الان اصبح واضحا انه لن يشتري الوقت بهذه الطريقة. الامريكيون والفلسطينيون والعالم العربي لن يشتروا هذه البضاعة. السؤال هو ان كان نتنياهو قادرا على تبديل القرص. وان كان بامكانه ان يعيد خلق نفسه وفلسفته واستغلال الفرصة التاريخية التي سنحت له والتي لن تتكرر.

الحرب الكبرى تدور الان امام انظارنا بين ابناء النور وابناء الظلام. البنية التحتية الارهابية التي بناها حزب الله باوامر من ايران في مصر، تصريحات مسؤولين كبار في العالم العربي من الخليج حتى المحيط في القضية الايرانية، والعبارات شبه الواضحة من مسؤولين مصريين واردنيين وسعوديين بان الامر يتعلق بصراع مصيري، وان بامكان اسرائيل ان تنضم الان الى تكتل عربي معتدل وان يكون لها فيه وزن هام. ان من الواجب والضروري والحيوي التصدي لايران ورسلها ولنفوذها والاوكار التي تنسجها حول كل نظام معتدل كان. كل هذه الامور يسمعها المبعوثون الاسرائيليون المجهولون ويسمعها الامريكيون والاوروبيون. يجب ابداء الجاهزية ازاء كل ذلك. ويجب الادراك انه لا يوجد حل اخر وسبيل اخر وليس هناك فيلم يسمى "السلام الاقتصادي" ، ان لم يكن فيه جزء سياسي واقليمي وامني.

الملك عبدالله من الاردن يقترح على الامريكيين تبني مبادرة السلام العربية واعادة تغليفها واضافة تحسين او اثنين عليها وربما تغيير اسمها وطرحها على الطاولة. هو يقول لهم ان عليهم ان يأتوا الى هنا مع خطة محددة ودقيقة وجدولا زمنيا. وانهم لا يمتلكون الكثير من الوقت. 2010 يجب ان يكون عام الحسم ليس هناك عام اخر ولا زمن اخر.

سيحولون حياته الى حياة صعبة

من يبدي التفاؤل كالعادة هو الرئيس شمعون بيرس. في المحادثات المغلقة يقول ان نتنياهو سيسير على هذا المسار. وليبرمان؟ هو سيظهر بصفته الشخص الاكثر براغماتية في الائتلاف، يقول بيرس. وشاس؟ لا مشكلة. كذلك الحال مع يهودت هتوراه. عندما يقود تكتل اليمين شيئا يكون الاصوليون في الداخل. بيرس في حالة نشوة تقريبا. يقول عن نتنياهو كلمات دافئة. وحتى حول ايهود باراك لديه استعداد لقول بضع كلمات طيبة. بيرس هو الذي باع نتنياهو نظرية "السلام الاقتصادي"، ولكن بيرس يتحدث ايضا عن السلام "السلام الاقليمي" والمفاوضات مع الجماعة العربية على اساس مبادرة السلام السعودية – العربية. هذا ممكن وفقا لبيرس. هذا منطقي. المسألة هي ان بيرس لا يحدد مجريات الامور الان، فنتنياهو هو الذي يمسك بالمفاتيح. ان اراد السير على مسار حقيقي فربما سيضطر لاستبدال الائتلاف في منتصف الطريق. وربما يفضل المسار السوري تحديدا. لانه اكثر بساطة واقل قابلية للاشتعال. خلال اجازته السريعة في العيد اقترح على رئيس الوزراء القيام بجولة في هضبة الجولان ايضا. هو فضل التنازل عن ذلك.

في هذه الاثناء يواصل خططه لتفكيك "كاديما" (التقى موفاز الاسبوع الماضي) عيونه مفتوحة وحملة مشترياته لم تنته بعد. لدى نتنياهو صدمة من الائتلافات الصغيرة غير المستقرة. هو معني لضم اكبر عدد ممكن. اليوم فقط يتضح حجم حملة المشتريات السابقة التي قام بها، والتي بدأت مع رافي ايتان، الذي قابله بيبي في تشرين الاول ماضي سرا في مكاتب ايلي لانداو، وانتهى بصفته وزير المتقاعدين في حكومته المستقبلية. ايتان ولاندوا نفيا ذلك في حينه. اليوم اصبح واضحا انهما لم يقولا الحقيقة. الحملة تواصلت مع شاس التي حصلت على كل ما ارادته تقريبا ومع الاصوليين الاشكنازيين الذين حصلوا على وعود مشابهة،  وعندما ادركت تسيبي لفني انها لا تمتلك حكومة، ادرك بيبي انها موجودة بين يديه. السؤال هو ما الذي سيفعله مع هذه الحكومة والى اين سيقودها ونحن معها.

سيكون الوضع صعبا عليه مع هذه الحكومة. عدد لا ينتهي من الالغام الموضوعة في طريقه. الجميع تقريبا سيدوسون هناك على ارجل الجميع. اليكم مثلا موشيه بوغي يعلون. من المفترض ان يكون مسؤولا عن الشؤون الاستراتيجية ومن بينها مجلس الامن القومي. كيف سيكون ذلك بينه وبين عوزي اراد. الجواب: هذا لن ينجح. يعلون لا ينوي الجلوس عاطلا عن العمل. هو يريد تعيين مدير عام (في البداية تتطلع لتعيين نفتالي بانيت الذي كان رئيس ديوان نتنياهو ولكن الفكرة فشلت) وهو ينوي ان يكون وزيرا تنفيذيا مع وزارة قادرة على العمل. ومن الذي سيقدم له عوزي اراد التقارير؟ هل سيقدمها ليعلون ام لنتنياهو.

        نفس الشيء يقال عن داني مريدور. هو ايضا يريد مديرا عاما. من المفترض ان يكون مسؤولا عن الشاباك والموساد. من الناحية الدستورية، رئيس الوزراء فقط هو المسؤول عن هذين الجهازين، هذا ناهيك عن لجنة الطاقة النووية. كيف سيبتلع يوفال ديسكن ومئير دغان ذلك؟ كيف ستسير الامور بالضبط في الجلسات السرية المفترض ان تجري على انفراد (مع وجود طابعة للبروتوكول) ، بين رئيس الوزراء ورئيس الموساد. اين مريدور هنا؟

وماذا عن سلفان شالوم، هو قد بدأ بتشكيل الطواقم في قضية التنمية الاقليمية. يجند الاشخاص وينوي بناء العلاقات في الخليج وفي العالم العربي وفي كل الاماكن التي كان له فيها انجازات لا بأس بها في الماضي. كيف سيبتلع افيغدور ليبرمان ذلك؟ ومن سيكونون الاشخاص الهامون المقررون الى جانب نتنياهو؟ المحامي يتسحاق مولكو؟ عوزي اراد؟ رون دريمير؟ كل هؤلاء الاشخاص يتجولون هناك الان ولكن ليس واضحا الى اين يسير ذلك. ما هو التقاسم الوظيفي والصلاحيات والمسائل والاصغاء.

البروفيسور عوزي اراد يجتذب اليه الانتقادات مؤخرا ولكنه يستحق فرصة حقيقية. اراد واسع الاطلاع في القضايا ذات الصلة. علاقاته في العالم متشعبة وخصبة وهو يعمل في السنوات الاخيرة مستشارا خاصا للجنة الخارجية والامن في الكنيست. وهناك بينه وبين نتنياهو علاقات ثقة سليمة وليست هناك خطة سلام اقليمية لا يعرفها، كما ان التجربة التي راكمها في ولايته السابقة التي لم تكن ناجحة يمكن ان تكون ناجعة هذه المرة. ليس هناك مديرا عاما في ديوان رئيس الوزراء ولا رئيس طاقم. ومن سيكون السفير في واشنطن؟ نتنياهو ينوي تعيين الدكتور دوري غولد او ارسال زلمان شوفال الى هناك لفترة انتقالية. في ديوانه يخرج الاشخاص ويدخلون ونتنياهو يتشاور مع الكثيرين ولكن ما يحتاجه رئيس الوزراء هو قلة خيرة ومحددة. في مطلع الاسبوع القادم سيجري نتنياهو مداولات واسعة حول السياسة التي ستتبع ازاء غزة. وكأنها المشكلة الاساسية الان.

التعيين الاهم واكثر ملائمة الذي قام به نتنياهو في حكومته هو تعيين جدعون ساعر لمنصب وزير التربية والتعليم. صحيح ان هناك قنبلة ايرانية على الطريق وشؤوننا سياسية واقتصادنا منهارا ولكن وضع التعليم في اسرائيل مسالة استراتيجية من الدرجة الاولى. ساعر كما هي الامور اليوم السياسي الاقرب لنتنياهو وصاحب القوة الاكبر في الليكود ويعتبر تلميحا بان نتنياهو جدي في كل ما يتعلق بالتعليم. عندما كان رئيسا للمعارضة طرح خطة مغامرة والان جلب لوزارة التعليم وزيرا جديا ولا يقل عنه مغامرة.

موافقة ساعر على اخذ هذه الحقيبة الضخمة المحفوفة بالمخاطر تعتبر مراهنة شخصية غير بسيطة من قبله. نقابات المعلمين كبيرة القوة اوشكت على القضاء على سياسية حاذقة مثل ليمور ليفنات، ولم توفر المرأة الجديرة البروفيسورة يولي تامير. ساعر لا ينوي الدخول الى هذا المكان. التقليص الحاد المتوقع لميزانية الدولة لا يبشر بالخير. ومن الناحية الاخرى توجد لساعر ابنتين في المدرسة وهو يعرف انه مع كل الاحترام للسياسة الا ان لدينا دولة وقيما ومن الواجب القيام بشيء ازاءها. اختيار البروفيسور شيمشون شوشاني لمنصب المدير العام لوزارة التربية والتعليم هي اختيار مهني نظيف وملائم. شوشاني الذي ستكون هذه ولايته الثانية في المنصب رفض العرض في البداية الا ان ساعر جند الرئيس شمعون بيرس الذي قال له: تخيل انك كنت رجل امن مجرب وقام وزير الدفاع بدعوتك حتى تكون رئيسا لهيئة الاركان لانقاذ الجيش الاسرائيلي فهل كنت سترفض؟ لا. شوشاني لم يكن ليرفض. ولذلك لم يرفض. نتنياهو ايضا حاول التأثير عليه وفي يوم الاثنين سيطرح تعيينه على الحكومة للمصادقة عليه.