خبر مطلوب حدث تاريخي تأسيسي..هآرتس

الساعة 09:08 ص|17 ابريل 2009

بقلم: يوسي ميلمان

خبير وكاتب في الشؤون النووية

لو كنت مستشارا للامن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاوصيته بمهاجمة ايران. هذا لا حاجة لان يحصل فورا. صحيح أن ايران اجتازت "العتبة التكنولوجية" وبات لديها معظم المعرفة، المعدات والمواد التي ستسمح لها بانتاج قنبلة نووية، ولكنها ستحتاج الى سنة على الاقل، وربما ثلاثة سنوات، كي تحقق الطاقة الكامنة والقدرة المتراكمة.

في كل الاحوال، من الواجب على اسرائيل ان تنتظر كي تسمح لبراك اوباما باستنفاد استراتيجيته، والحوار مع ايران؛ الاستراتيجية التي مآلها الفشل.

هاكم الاعتبارات المركزية التي ينبغي أن تحسم اذا كنا سنهاجم أم لا:

1.     هل السلاح النووي بيد ايران سيكون حقا تهديدا شبه مؤكد على وجود اسرائيل.

2.     هل لدى اسرائيل قدرة استخبارية وعملياتية تسمح لها بتوجيه ضربة شديدة للمواقع النووية الايرانية.

3.     أي ضرر سيلحق باسرائيل جراء رد فعل ايراني.

4.     هل سيمس الهجوم بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة.

5.     كيف سيرد العالم العربي.

        كمستشار، اليكم اجوبتين.

1.     لا يقين في أن تكون القنابل النووية لدى ايران تهديدا وجوديا على اسرائيل بالذات، هذا اذا كانت كذلك على الاطلاق. دول الخليج، كالبحرين، السعودية ومصر ينبغي لها أن تخشى اكثر من اسرائيل، وهي بالفعل اكثر قلقا. كما أنه من الصعب تصور استخدام آيات الله السلاح النووي. فاستخدام كهذا لا يجلب فقط الدمار على المتعرض للهجوم، بل سيوقع خرابا على نظام الشيوخ وملايين آخرين في ايران. ومع ذلك، ستجد اسرائيل صعوبة في ان تضع ثقتها في عقلانية محمود احمدي نجاد او علي خمينائي.

2.     لاسرائيل قدرة عسكرية لالحاق ضرر جسيم بالبرنامج النووي الايراني – ضرب مراكز اعصاب الانتاج – مصنع تخصيب اليورانيوم من نتناز، مصنع تحويل اليورانيوم في اصفهان وبضعة مواقع اخرى ينكبون فيها على "مجموعة السلاح"، تركيب القنبلة. مثل هذا الهجوم سيعرقل القدرة النووية لايران على مدى بضع سنوات ولكنه لن يحطمها تماما.

3.     لدى ايران يوجد نحو 100 صاروخ قادر على ضرب اسرائيل، وهي ستستخدم حزب الله وشبكاته الارهابية في العالم. ولكن ايران، رغم انجازاتها التكنولوجية هي دولة ضعيفة، محملة بمشاكل البغاء، المخدرات، الفقر، الجهل وفوق كل ذلك الفساد. مشكوك أن تكون دولة العفن ينتشر فيها قادرة على ان تعيل جيشا قويا وناجعا. ايران هي نمر من ورق.

4.     هجوم لا يكون منسقا مع واشنطن سيحدث شرخا عميقا مع الولايات المتحدة وفرض عقوبات شديدة على اسرائيل.

5.     العالم العربي والاسلامي سيندد باسرائيل.

للوهلة الاولى الاستنتاج المنطقي من هذه الاجوبة هو ان الهجوم على ايران هو رهان كبير للغاية لا ينبغي للقيادة الاسرائيلية أن تأخذ به. هذا هو ايضا الرأي السائد لكبار المسؤولين في ادارة اوباما، من نائب الرئيس جوزيف بايدن حتى وزير الدفاع روبرت غيتس، اللذين تحدثا مؤخرا في الموضوع، ورأي معظم الخبراء في الولايات المتحدة.

ويشذ عن هذا التفكير الجماعي ما كتبه مؤخرا المحرر دافيد صموئيلز في مجلة "www.slate.com/is". خلاصة افتراضاته، التي تؤيد الهجوم هي كالتالي: المكانة الخاصة لاسرائيل في الولايات المتحدة لا تنبع فقط من القيم الثقافية المشتركة من الايمان المسيحي بالاراضي المقدسة ومن ذاكرة الفظائع للكارثة، بل اساسا من صورة اسرائيل بصفتها "الفارس الوحيد" الذي يقاتل ضد "الاشرار" ، الغرب المتوحش للشرق الاوسط، للدفاع عن وجوده. في هذه الصورة نشأت شروخ في الاونة الاخيرة بسبب ما اعتبر كاخفاقات لاسرائيل في معاركها الاخيرة ضد حزب الله وحماس. وبتقديره، فان الوهن الاسرائيلي يشكك بالشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة فيما بالمقابل تسعى ايران الى تحقيق هيمنة اقليمية.

وحسب نهج صموئيلز، فان هجوما اسرائيليا وان كان سيخدم المصالح الامريكية الا انه سيجبر الادارة على ان تتصرف وكأن هذه المصالح قد تضررت بالذات. العالم العربي والاسلامي الغاضب سيشك دوما في أن واشنطن كانت شريك سر واعطت اسرائيل الضوء الاخضر او الاصفر للهجوم. ولمصالحة الغضب العربي الاسلامي ستضطر الولايات المتحدة الى أن تفرض على اسرائيل انسحابا من مناطق، اخلاء مستوطنات والسماح باقامة دولة فلسطينية.

وعليه، فان المستشار الجيد يجب أن يقول  لنتنياهو: لا تنتظر ان يفرضوا عليك خطوة لا تريدها. اسبقها. هجوم في ايران هو نافذة فرص يمكنها ليس فقط ان تزيل التهديد النووي بل وان تعيد لاسرائيل ايضا صورة "رب البيت الذي جن جنونه" ومكانتها كقوة عظمى اقليمية.

بالفعل، مثل هذا الهجوم يخدم المصالح الامريكية، الغرب والعالم العربي – ولكنهم سيجدون صعوبة في الاعتراف بذلك وسيضطرون الى الرد بشدة. وعليه، لو كنت مستشار الامن القومي، لشرحت لرئيس الوزراء، بان هجوما فقط حتى لو نجح، لن يوفر المصالح الوطنية الحقيقية لاسرائيل.

من أجل تنفيذ خطوة اختراق استراتيجي فان على حكومة اسرائيل أن تنتج حدثا تاريخيا تأسيسيا آخر. عليها أن توافق على اقامة دولة فلسطينية وان تعمل بكد لهذا الغرض. في مثل هذه الحالة فان الولايات المتحدة والعالم العربي السني المؤيد للغرب ليس فقط سيسلمون بالهجوم على الخصم الشيعي بل وسيرحبون به ويسمحون بذلك بشق الطريق نحو تحالف استراتيجي يقوم على اساس تماثل المصالح.