خبر صحفي إسرائيلي يساري: الاحتلال بات موضوعا هامشيا لا يرغب الإسرائيليون في تناوله على الإطلاق

الساعة 10:28 ص|16 ابريل 2009

فلسطين اليوم-القدس المحتلة

قال الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي إن الاحتلال بات موضوعا هامشيا لا يرغب الإسرائيليون في تناوله على الإطلاق.

 

واعتبر ليفي بمقال في صحيفة هآرتس نشر اليوم، عدم وجود أي نائب يهودي في الكنيست الحالية  يعنى بموضوع الاحتلال إنما يعكس بوضوح توجه الإسرائيليين بهذا الموضوع، منوها إلى أن هذه هي المرة الأولى التي لا يوجد فيها نائب يهودي واحد يكافح ضد الاحتلال منذ الكنيست السابعة.

 

وأضاف: 'لم يسبق أن كانت لنا كنيست كهذه: نظيفة من النشطاء اليهود ضد الاحتلال، حيث تعكس الكنيست بإخلاص المزاج السائد في الشعب: حين يغيب الاحتلال تماما عن جدول الأعمال، فلا يوجد هناك ما يدعو إلى إقلاق مجلس النواب به'.

 

وتساءل عن حقيقة أن المشكلة الأكثر مركزية للدولة والمجتمع، لا تحظى ولو بصوت هزيل واحد في الكنيست، حقيقة أنه لا يوجد حتى ولو نائب يهودي واحد للطب، فما بالك كتلة صهيونية واحدة، انتخبوا كي يكافحوا ضد الاحتلال، وهذا الذي يثير التعجب والقلق حيث يوجد أصوات في الكنيست للخضر والمستوطنين، للاجتماعيين والمتدينين، للنسويين، للوطيين والمقعدين، أما الاحتلال وحده فبقي يتيما.

 

وبين ليفي أنه دوما كان في الكنيست كتلة واحدة على الأقل عملها مركز ضد الاحتلال، ودوما كان هناك نواب هذه هي قضيتهم المركزية، أما الآن فيبدو أن الاحتلال انتهى، حتى أن المندوب اليهودي في حداش ملون بالأخضر، وميرتس بعثت بثلاثة نواب، واحد اخضر، واحد اجتماعي وواحد اقتصادي، ولا واحد منهم يرمز إلى الكفاح الأهم منها جميعا، حيث بقي هذا الأمر من نصيب الكتل العربية المتمردة.

 

وأردف أن هذه تعتبر بشرى مخجلة للديمقراطية الإسرائيلية، تدل كـ 120 شاهد على تعفن الكنيست.  وفي حين ينشغل نصف العالم بالاحتلال الإسرائيلي، قال الناخب كلمته الواضحة: هذا الكفاح لا يعنيني على الإطلاق، فالاحتلال يمكنه أن ينتظر.

 

واعتبر أن المجتمع الإسرائيلي في تدهور مستمر، فمنذ السبعينيات حيث كان كل حديث في ليل السبت يتحول بسرعة إلى بحث لاذع وعاصف عن 'مستقبل المناطق'، ومن الأيام التي قالوا فيها عن الإسرائيليين أن لكل اثنين منهم ثلاثة آراء، وصلنا إلى وضع بالكاد يوجد لكل إسرائيلي رأي واحد، وبالتأكيد بالنسبة لمستقبل ما يجري في الساحة الخلفية المظلمة لدولتنا.

 

وأضاف: صحيح، هذه الساحة المنعزلة تؤثر على كل ما يجري في مقدمة المسرح، من الأمن وحتى الاقتصاد، من الإرهاب وحتى السياحة ولكن لماذا نوجع عقولنا المخلولة والمستنزفة بالربط بين هذا وبين ما يجري على مسافة ربع ساعة سفر شرقا او جنوبا من بيتنا.

 

لقد كانت وسائل الإعلام بالطبع الوكيل المركزي لإزالة الموضوع عن جدول أعمالنا، تحالف نادر، من الجدار حتى الجدار، وحدة وطنية للحكم، المؤسسة الأمنية، المحررين، المراسلين، المذيعين، المشاهدين والقراء، الذين لا يريدون أن يكتبوا ولا يريدون أن يقرؤوا، لا أن يتحدثوا ولا أن يسمعوا، لا أن يبلغوا ولا أن يعرفوا، اتحدوا جميعا في المهمة: إزاحة الاحتلال عن عالمنا.

 

أما الآن وتحت الرقابة الذاتية الناجعة جدا قررت وسائل الإعلام تلطيف حياة مستهلكيها وأسيادها وعدم إقلاقهم بالصغائر، وهكذا انطفأت المعارضة في اليسار تماما، وبات ميدان المدينة فارغا من المظاهرات، والصحافة في معظمها خالية من التقارير المقلقة والآن تنضم إليهم جميعا الكنيست أيضا، والموضوع الأكثر ألما بقي دون تمثيل، لا مجموعة ضغط ولا كتلة، ولا حتى مقاتل واحد وحيد.

 

وذكر ليفي أنه بين الحين والآخر تخترق السكينة الموهومة، حين تكون هناك موجة أخرى من العمليات، أو الحرب الصغيرة، ولكن في حينه أيضا لا يكلف احد نفسه ربط السبب بالنتيجة. فقد ولد العرب كي يقتلوا وهذا هو، هذا هو السبيل لتخليد الاحتلال: الفلسطينيون من خلف جدرانهم، هم هناك ونحن هنا، لا نسمع منهم ولا نهتم بمصيرهم. ثلاثة ونصف مليون نسمة دون حقوق إنسان أساسية، وضع لا مثيل له في أي ديمقراطية في العالم، لا يحظى بأي حتى ولو بالبحث. في الكنيست الـ 18 لن يكون هناك من يطرحه على البحث.

 

واختتم الصحفي الإسرائيلي مقاله بالقول أنه ذات يوم، حين سيأتي باحث في التاريخ ليدرس ما حصل هنا، سيراجع الصحف وأفلام التلفزيون ولن يفهم شيئا، بعد ذلك سيقرأ محاضر الكنيست، ويضرب نفسه ولن يصدق، ومثل 'الرسم الأسبوعي للطفل' الذي ينشره جاكي سيسأل نفسه: أين، بحق الجحيم يختبئ الاحتلال؟