خبر السلام الاقتصادي غريب عجيب- هآرتس

الساعة 10:01 ص|16 ابريل 2009

بقلم: ألون كوهين ليفشتس

مهندس من جمعية "بمكوم – مخططون من اجل حقوق التخطيط"

 (المضمون: نظرية السلام الاقتصادي التي يطرحها بنيامين نتنياهو تصبح كلاما فارغا وستار دخان لتغطية الاعتداءات الاسرائيلية الممأسسة على حقوق الانسان الفلسطيني في المناطق - المصدر).

الضفة الغربية تعود الى مركز الخارطة، في ظل التوقعات لتدخل واسع من الادارة الامريكية الجديدة من اجل تحريك عملية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين. الادارة الامريكة تضع نصب عينها التصور القديم القائم على دولتين تعيشان جنبا الى جنب وتتمتعان بالاستقلال والامن والازدهار. لشدة الاسف يرتكز هذا التصور على افتراضات اساسية خاطئة في كل ما يتعلق باحتمالات التنمية في الضفة الغربية.

1.6 مليون دونم من اراضي الضفة تعتبر اراضي دولة لا تسمح اسرائيل بالتنمية والتطور الفلسطيني عليها. والى جانبها، مئات الاف الدونمات التي اعلنت كمناطق مغلقة للاغراض العسكرية او كمناطق قد وضعت اليد عليها والتي يمنع الفلسطينيون من استخدامها. معطيات البنك العالمي تشير الى ان 68 في المائة من مجموع التجمعات في الضفة الغربية تمتلك اراض زراعية غير مستغلة او لا يمكن الوصول اليها، بما في ذلك النقص في المياه وقيام السلطات الاسرائيلية بوضع اليد على الاراضي. على سبيل المثال اكثر من 10 في المائة من مجموع الاراضي الزراعية المفلوحة في الضفة الغربية (التي تعطي 8 في المائة من مجموع المنتوج الزراعي الفلسطيني) تتضرر مباشرة فقط بسبب عقبات الفصل بين السكان واراضيهم.

ليست السياسة العقارية الاسرائيلية وحدها التي تحول دون التنمية الفلسطينية – سياسة التخطيط في مناطق (سي) الموجودة تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة وفقا لاوسلو تشكل 60 في المائة من اراضي الضفة تتحمل المسؤولية هي الاخرى. صلاحيات التخطيط الكاملة بما في ذلك اصدار تراخيص البناء وطرح الخطط الهيكلية موجود بيد الادارة المدنية الاسرائيلية التي تطبق من خلال ذلك السياسات في المناطق وتلحق الضرر بصورة واسعة هناك. على سبيل المثال نسبة طلبات تراخيص البناء التي قدمها الفلسطينيون وصادقت عليها الادارة المدنية هبطت من 97 في المائة في عام 1972 الى 5 في المائة فقط في السنوات الاخيرة. هذا في موازاة تخصيص موارد عقارية وتنمية حثيثة للمشروع الاستيطاني.

الادارة المدنية صادقت من بين 149 تجمعا فلسطينيا التي تتواجد كل مناطقها العمرانية في المنطقة "سي"، حتى الان على خطط هيكلية خاصة استثنائية لـ 15 قرية فقط، وفي اغلب الاحوال كانت هذه الخطط الهيكلية محصورة في حدود القرية ولا تستجيب في واقع الامر للاحتياجات الاساسية للسكان.

التنكيل الممأسس لا ينتهي عند حد منع اصدار تراخيص البناء لسكان القرى الواقعة في المناطق "سي" وانما تتواصل من خلال سياسة تطبيق قانون متشدد، هدمت في اطارها في السنوات الاخيرة 240 مبنى بالمتوسط في كل عام. في ظل الواقع الذي يكون فيه الحصول على رخصة بناء معدوما، يضطر فلسطينيون كثيرون من القاطنين في المناطق "سي" للبناء من دون ترخيص رغم التهديد بالهدم. في غياب الحلول القانونية لتجسيد حق الانسان بالحصول على سقف يأويه تحت قبة السماء تتبع الادارة المدنية نظريا وفعليا اطارا قانونيا سلطويا يهدف الى الاعتداء المنهجي على حقوق الانسان في المناطق.

هناك علاقة وواضحة عدم توفر القدرة على الوصول بحرية للموارد الطبيعية، الى جانب السياسة المقيدة في اصدار تراخيص البناء وسياسة تطبيق القانون المتشدد، وبين مستوى الاستثمارات المتدني. في عام 2005 و 2006 قلت الاستثمارات الخاصة في الضفة بنسبة 15 في المائة وبقيت على هذا المستوى تقريبا في عام 2007 و 2008 ايضا. في 2007 انكمش المنتوج الخام القومي للفرد في الضفة بـ 60 في المائة مقابل العام 1999.

عندما تكون هذه البنية التحتية للتنمية الفلسطينية المتاحة في الضفة، عندما لا يتوفر افق اقتصادي وحيث تتواجد حقوق الانسان ومحيطه في المناطق خارج اطار اهتمام صناع القرار في اسرائيل، يكون الحديث عن السلام الاقتصادي مجرد كلام غريب وعجيب وكذلك ستار دخان لاخفاء الاعتداء الممأسس من قبل الحكم الاسرائيلي على السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.