خبر هنا ليست ايرلندا الشمالية -هآرتس

الساعة 10:00 ص|16 ابريل 2009

بقلم: شلومو افنيري

 (المضمون: الصراع في الشرق الاوسط مختلف عن الصراع في ايرلندا الشمالية ولكن بناء المؤسسات من الاسفل للاعلى كما فعل دايتون وتوني بلير اثبت نجاحه على عكس اوسلو - المصدر).

السيناتور السابق جورج ميتشيل الذي يستهل في صبيحة هذا اليوم محادثاته في اسرائيل، ليس بحاجة لنصائح كثيرة: هو سياسي مجرب كان انجازه المركزي تحقيق الاتفاق بين الاغلبية البروتستانتية والاقلية الكاثوليكية في ايرلندا الشمالية. مع ذلك يجدر به وهو المبعوث الخاص لرئيس الولايات المتحدة للشرق الاوسط ان يلتفت لعدة جوانب مميزة للصراع هنا.

الصراع في ايرلندا دين في اساسه بين طوائف تتحدث نفس اللغة وتتشاطر نفس التاريخ. اما هنا فالصراع يدور بين حركتين قويتين ولها مظاهر دينية ايضا. بينما لم يشكك احد في ايرلندا الشمالية بحق بريطانيا في الوجود، يشكك الكثيرون في الجانب الفلسطيني بشرعية الدولة اليهودية ويشكك قسم من الاسرائيليين بحق وجود القومية الفلسطينية.

رغم ذلك يجب اخذ ما يمكن تعلمه من ايرلندا الشمالية: نزع سلاح الميلشيات كان هناك شرط مسبق لاجراء الانتخابات. فشل الانتخابات في السلطة الفلسطينية ينبع من ان الحركات التي شاركت في الانتخابات كانت في الاساس ميلشيات مسلحة. وضع حد للحرب الاهلية الداخلية الفلسطينية، وضمان التطور الديمقراطي يستوجب عدم التنازل في هذه القضية: الانتخابات يجب ان تكون مشروطة بنزع سلاح كل الميلشيات.

احدى المخاطر التي ستواجه ميتشل هي الحاجة لمعالجة القضايا الجارية ايضا – مثل التوصل للتهدئة الفعالة بين اسرائيل وحماس في غزة، واعادة اعمار القطاع وفتح المعابر، بهذه الطريقة قد تنشطر مهمته الى التفاصيل: بدلا من التركيز على عملية السلام سيجتذب لتفاصيل التفاصيل في الازمات الجزئية. من المهم هنا استخدام تفكير خلاق وابداعي.

حتى من ايد عملية اوسلو لا يمكنه ان يتجاهل ان اسبابا جوهرية وقفت وراء الفشل الى جانب العقبات التي طرحها كل جانب: عملية اوسلو كانت محاولة لبناء مؤسسات دولة وطنية فلسطينية من الاعلى للاسفل، وهو فشل لان المجتمع المدني الفلسطيني لم يلد في رحمه الادوات الضرورية لاقامة البنية التحتية للدولة.

خلال العامين الاخيرين جرت محاولات ناجحة على يد مبعوث الرباعية للشرق الاوسط توني بلير والمنسق الامني الامريكي في السلطة الفلسطينية الجنرال كيت دايتون، لبناء المؤسسات الفلسطينية من الاسفل للاعلى. هذا بواسطة بناء مؤسسات بلدية ولوائية، وتعزيز البنى التحتية الاقتصادية وبناء اجهزة امن قادرة على اداء مهمتها. في جنين وبيت لحم وحتى في الخليل تمخضت هذه المحاولات عن نجاحات مثيرة للانطباع.

هذه الخطوات لا تشبه "السلام الاقتصادي" الذي يطرحه بنيامين نتنياهو والهادفة الى تشكيل بديل للدولة الفلسطينية. بل بالعكس، هذه المحاولة الوحيدة التي نجحت حتى الان في اقامة بنى تحتية حقيقية للدولة. صحيح انها عملية تدريجية تستغرق وقتا، ولكن العملية الاخرى – من الاعلى للاسفل – قد فشلت وهذه مسألة يتوجب الاعتراف بها.

وهناك ملاحضة اخيرة، في المسألة السورية: احدى العقبات هنا هي الفجوة بين الموقف الاسرائيلي الذي يركز على الحدود الدولية بين ارض اسرائيل الامتدادية وسوريا، وبين الموقف السوري الذي يركز على خطوط الرابع من حزيران 67. من الاجدر بميتشل ان يوضح نقطة حساسة للسوريين عن اللقاء بهم: هل ينبع موقفهم فقط من محاولة الحفاظ على انجازات احتلالهم في عام 1948، ام انه اعمق من ذلك: عدم الاعتراف المبدئي بشرعية الحدود الدولية في الشرق الاوسط لان الامبريالية الغربية هي التي فرضتها بعد الحرب العالمية الاولى. هذه ليست مسألة نظرية وقد توضح موقف سوريا من لبنان وقضايا اخرى في المنطقة.