خبر صيادو غزة.. كن عميلا أو الزم بيتك !!

الساعة 04:32 م|14 ابريل 2009

صيادو غزة.. كن عميلا أو الزم بيتك !!

شيماء مصطفى

بذهن شارد ينظر إلى البحر.. يمشي خطوة للأمام وأخرى للخلف.. يضع شبكته بالقارب ثم يقذف بها على الأرض.. يتأفف حينا ويضع يده على خده حينا آخر.. وبعد أن سيطر عليه التعب أزاح التردد جانبا وقرر دخول البحر من جديد رغم الشباك الإسرائيلية التي تنتظره.

بصوت متعب قال الصياد "أبو رشاد" لـ"إسلام أون لاين.نت": قبل يومين تم اعتقالي أنا ومجموعة من الصيادين من عرض البحر، وشتمونا بأقبح الألفاظ وبدءوا بضربنا والتنكيل بنا.. ساومونا حول السماح بدخول البحر مقابل معلومات عن المقاومة".

 

وبعد تنهيدة طويلة أضاف: "باختصار يريدون منا أن نصبح عملاء، وأن نبيع أبناء وطننا من أجل قوت صغارنا، ولكن محاولتهم باءت بالفشل، فلا أحد سيرضخ لابتزازهم وأساليبهم الرخيصة".

 

ويحاول الجيش الإسرائيلي الضغط على الصيادين بغرض تجنيدهم بعد فقدانه عددا كبيرا من عملائه في الحرب الأخيرة على غزة، وتسعى المخابرات الإسرائيلية لابتزاز الصيادين بمنعهم من الدخول للبحر بغرض الصيد وتهديدهم بقطع أرزاقهم في حال عدم تعاونهم.

تجنيد عملاء

 

وبعيون أرهقها الحزن والأسى قال الصياد "أبو علي" في العقد الخامس من عمره: "منذ عشر سنين وأنا أصطاد ولم أتعرض لهذا التضييق الشديد.. حاصرونا برا وبحرا وجوا، ولا يكفيهم إذلالنا وإهانتنا بل يريدون أن نفرط في شرفنا لهم".

 

وأكد أبو علي أن جهاز الشاباك الإسرائيلي عرض عليه مبلغا من المال والسماح له بدخول البحر دون التعرض له ولقاربه مقابل أن يمدهم بمعلومات عن المرابطين ورجال المقاومة والوضع الأمني في غزة.

 

وكشف موقع إلكتروني أمني تابع لحكومة اسماعيل هنية في غزة عن أن إسرائيل بدأت مؤخرا بحملة حجز واستجواب للصيادين العاملين في بحر غزة, وكشفت التحقيقات انه يهدف من خلالها إلى تجنيد اكبر عدد من العملاء في قطاع غزة".

 

وفي السياق ذاته ، شدد الموقع الأمني على " أنه في الفترة الأخيرة سجلت عدة حالات اعتقال في البحر من قبل البحرية الإسرائيلية، مضيفا أن المخابرات هي التي تقود هذه الحملة في صفوف الصياديين، حيث يقوم ضباط من الشاباك بالجلوس مع الصياديين للتعرف على أوضاع القطاع بشكل عام والمقاومة بشكل خاص وفي محاولة لتجنيد وإسقاط عدد منهم.

 

وكانت زوارق حربية إسرائيلية كررت في الآونة الأخيرة عمليات مداهمة قوارب الصيد الفلسطينية في عرض بحر غزة واعتقال عدد من الصيادين لساعات قبل إطلاق سراحهم.

 

اعتقال وابتزاز

 

يحيك شبكته بصمت مطبق وحزن يرسم تجاعيد وجهه التي خطتها الحياة بقسوة هكذا بدا الصياد "أبو عادل" في عقده السادس المتكئ على كومة من الرمال.. اقتربنا منه وسألناه عن سر جلوسه على الشاطئ فارغ اليدين, وبعد زفرة حارة قال: " الأسبوع الماضي تم اعتقالي وضربي واهانتي و نعتوني بأقذح العبارات.. و لم يراعوا كبر سني ".

 

وبحرقة تملأ صوته أضاف: " أمتهن الصيد منذ ثلاثين عاما فهي المهنة التي ورثتها عن أبي وأجدادي ولم يوقفني عنها مرض أو حرب.. والآن يريدون ابتزازي ؟؟.. ولكني لن أخضع لهم وسأزاول الصيد حتى لو كلفتني حياتي".

 

المتحدث باسم الشرطة في غزة إسلام شهوان قال في تصريح صحفي وصل إسلام أون لاين.نت نسخة منه أنه تم رصد عدد من محاولات الإيقاع بالصيادين الذين يتم اعتقالهم ومساومتهم وابتزازهم للعمل مع المخابرات الإسرائيلية.

 

 وأضاف شهوان: "لا يكاد يمر أسبوع دون إقدام الشرطة البحرية الإسرائيلية على اعتقال عدد من الصيادين.. ومن خلال متابعتنا وحديثنا مع من يتم اعتقالهم، هناك عروض تقدمها المخابرات الإسرائيلية لهم لربطهم ضمن إطار العمالة".

 

خيارات مؤلمة

 

"فتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة تجاه قاربنا.. اقتربوا منا وأمرونا بخلع ملابسنا والقفز إلى البحر.. مزقوا شباكنا وكسروا مراكبنا.. كبلونا وعصبوا أعيننا وضربونا.. قذفونا بأبشع الكلمات.. وحققوا معنا وبدءوا بمساومتنا" هذا ما رواه الصياد "يسري السلاطين" ل"إسلام أون لاين " عن تجربته بابتزاز إسرائيل للصيادين في قطاع غزة.

 

وبأنفاس متقطعة أردف قائلا: " نحن لم نتجاوز المسافة الممسوحة ولم نستفز الجنود.. ولكن هم من اقتربوا منا وبدءوا بمضايقتنا وترهيبنا.. ولسنا صيادين هواة بل نكسب قوتنا من براثين البحر ونغامر بحياتنا من أجل عائلتنا وأطفالنا".

 

فعلى امتداد الشريط الساحلي الضيق الممتد ل"40 " كيلو مترا على طول شاطئ قطاع غزة تحوم البوارج الإسرائيلية على مدار الساعة تمنع الصياديين من الاقتراب من الشاطئ, وتحظر عليهم دخول البحر حتى مسافة 3 أميال بحرية من الساحل منذ أكثر من عامين.

 

قصة "أبو عبد الله"وغيره من الصياديين بمشهدها المؤلم تتكرر مع العديد من صيادي غزة الذين وجدوا أنفسهم رهينة الابتزاز الإسرائيلي فور خوضهم غمار البحر... فرفضهم للمساومة والابتزاز جعلهم عرضة للإذلال وللخيارات المؤلمة.

 

وخلف العدوان الأخير على غزة الذي شنته إسرائيل يوم 28 ديسمبر الماضي واستمر 22 يوما أزيد من 1400 شهيدا، بينهم 437 طفلا و110 من النساء و123 مسنا و14 مسعفا، إضافة إلى أربعة صحفيين، فضلا عن سقوط أكثر من 5400 جريح، بينهم 1890 طفلا، وفقا لوزارة الصحة بالحكومة الفلسطينية المقالة.