خبر غرور نصرالله.. هآرتس

الساعة 09:37 ص|14 ابريل 2009

بقلم: آفي سيسخروف

للحظات من الصعب التصديق بأن ما نسمعه في الـ 48 ساعة الاخيرة في القاهرة على لسان مسؤولين كبار في مصر بالنسبة لحزب الله، موجه بالفعل لمنظمة عربية. فلا يدور الحديث فقط عن توصيفات مهينة تطلقها الصحافة المصرية على الامين العام لحزب الله حسن نصر الله. فحتى مسؤولين كبار في جهاز الأمن المصري، الذين يتحدثون مع صحافيين اسرائيليين يتفوهون بعبارات تذكرنا بحالة الحرب. فحين يطلق اولئك المسؤولون تهديدات فظة على نمط "سنعمل بجدية وبحدة ضد كل من يعرض الأمن الوطني لمصر للخطر، سواء كانت ايران ام حزب الله"، فان المعنى هو ان من ناحية القاهرة هذا تجاوز لكل الخطوط الحمراء.

لقد حصل في الماضي ان احبطت مصر خططا لمنظمات اسلامية، في ظل دور من حماس وحزب الله، لضرب اسرائيليين على اراضيها. ولكن الحالة الراهنة يعتبرها المصريون اخطر بلا قياس لان هذه المرة كانت اسرائيل فقط هدفا ثانويا. وبزعم محافل الامن المصرية، فقد خططت خلايا حزب الله ايضا هجومات على سفن في قناة السويس. القناة هي ذخر استراتيجي هائل لمصر بسببها اندلعت حتى الان حروب اقليمية.

سلطة حكومية خاصة تدير شؤون القناة وتدخل الى الصندوق المصري بضع مليارات من الدولارات في السنة، مصدر دخل ثان في اهميته فقط للسياحة. وضرب ناقلة او سفينة تعبر القناة كان من شأنه ان يكون ضربة قاضية للعزة المصرية، للاقتصاد، لنظام الرئيس حسني مبارك ولمكانة مصر في العالم العربي. يمكن الافتراض بان السياحة ايضا كانت ستضرر لو اتخذت مصر صورة الدولة التي لا يمكنها ان تحافظ على امنها الداخلي.

ولا تزال تحوم علامة استفهام كبيرة فوق اعتبارات حزب الله في القضية. يمكن لنا ان نفهم ما كان سيكسبه نصر الله من هجوم على اهداف اسرائيلية ومن تهريب سلاح لحماس في قطاع غزة. ولكن السرعة التي اعترف فيها علنا بتفعيل خلايا ارهابية على الارض المصرية ستضر بحزب الله. في نظر العالم العربي، فان هذه افعالا لا تفعل. سوريا، اذا ما عملت على نحو مشابه في الاردن او في السعودية فانها لن تعترف بذلك ابدا. وحتى اسرائيل منذ الاغتيال الفاشل لمسؤول حماس خالد مشعل في عمان في العام 1997 ، تتخذ جانب الحذر في اعمال من هذا القبيل في الدول العربية التي وقعت معها على اتفاقات سلام.

احد التفسيرات المحتملة هو ان نصرالله فشل هنا بالغرور، فبعد ان تدخل بشكل فظ في الشؤون الفلسطينية، سيطر عمليا على لبنان وهدد مصر علنا في اثناء "رصاص مصهور"، اخطأ في التفكير في ان بوسعه ان يتقدم خطوة اخرى ضد مبارك بل لعله امل في ان يضيف الامر عطفا على منظمته في الانتخابات التي ستعقد في لبنان بعد شهرين. غير ان رئيس مركز ديان في جامعة تل ابيبن البروفيسور ايال زيسر، يقول ان خطوات حزب الله في مصر ما كانت لتغير انماط تصويت الدروز، السنة، او المارونيين في لبنان. اما الشيعة فانهم سيؤيدون نصرالله في كل الاحوال.

رئيس شعبة الاستخبارات السابق اللواء احتياط اهارون زئيفي (فركش)، يقدر بان نصرالله ادى مهمة كلفه بها الايرانيون. الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يقود خطا جريئا واستفزازيا، ونصرالله يسمح لنفسه بمزيد من المخاطرة بالهام منه. ويعتقد فركش بان الشرق الاوسط يقف على بوابة فترة ذات اهمية على نحو خاص، على خلفية الحوار التي ستشرع به الولايات المتحدة في الاشهر القريبة القادمة مع ايران.

غير ان ايران تدخل الحوار من موقع قوة، وهي تؤمن بان الاسرة الدولية ضعيفة ومترددة اكثر من ان تستطيع وقف برنامجها النووي او نبشها في شؤون المنطقة. الرد الايراني الفوري على عرض رؤيا الرئيس براك اوباما حول العالم بدون نووي كان في احتفال تدشين منشأة الوقود النووية، برئاسة احمدي نجاد.

في الشؤون الاسرائيلية، الصدام بين مصر وايران وحزب الله، على هذا المستوى العالي، هو مثابة انباء طيبة. ولكن الان ايضا، يجدر بالذكر ان مصر لا تعمل بأسم المصلحة الاسرائيلية. الغضب المصري على نصرالله لن يترجم بالضرورة الى خطوة شاملة ضد تهريب السلاح الى القطاع او توثيق العلاقات مع اسرائيل.