حصاد 2021: اقتصاد فلسطين "الأسوأ على الإطلاق" وأزمة سيولة "خانقة"

الساعة 09:32 ص|30 ديسمبر 2021

فلسطين اليوم

واجه الاقتصاد الفلسطيني وضعا هو الأسوأ على الإطلاق، بإجماع مؤسسات محلية ودولية، في ظل أزمة مالية غير مسبوقة.

بينما رأى اسطيفان سلامة، مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني لشؤون التخطيط، أن هناك ثلاثة فروق أساسية ميزت الأزمة المالية الحالية للسلطة عن سابقاتها، وجعلتها تستحق وصف "الأصعب".

أول هذه الفروق، الزيادة المضطردة في الاقتطاعات الإسرائيلية من عائدات المقاصة، وتوقف الدعم الخارجي، وثالثا، أن كل هذا جاء في ظل جائحة كورونا، التي استوجبت زيادة في الإنفاق على قطاع الصحة.

وقال سلامة في تصريحات للأناضول: "الاقتطاعات ليست جديدة، لكنها في ازدياد مستمر، وهذا ليس ضمن الاتفاقات، وتتم بطريقة غير شفافة وبدون تدقيق".

وزاد: "الزيادة خلال العامين الماضيين كانت ملحوظة.. نحن لا نتحدث عن مبالغ قليلة، وإنما عن 100-150 مليون شيكل شهريا (32 - 45 مليون دولار)".

توقف الدعم

حتى عام 2013، كان معدل الدعم المباشر التي تتلقاه الخزينة الفلسطينية حوالي مليار دولار، ثلثه تقريبا من الولايات المتحدة، وثلث من الاتحاد الأوروبي، والثلث الأخير من دول عربية أبرزها السعودية.

وتوقف الدعم الأميركي تماما منذ عام 2018، والدعم العربي تناقص في 2020 حتى توقف بشكل كامل أيضا في 2021، وتبع هذا العام توقف الدعم الأوروبي.

وفق مستشار رئيس الوزراء: "كنا نعتبر الدعم الدولي غير مستقر وسيتوقف يوما ما، ونحن بالفعل نتبنى استراتيجية تمكننا مستقبلا من الاستغناء عن الدعم الخارجي للنفقات الجارية (الموازنة) وتوجيهه بالكامل نحو المشاريع التنموية".

زيادة في النفقات

مقابل النقص الحاد في الإيرادات نتيجة الاقتطاعات الاسرائيلية من المقاصة وتوقف الدعم الخارجي، فقد ارتفعت نفقات السلطة الفلسطينية بشكل ملحوظ خلال عامي 2020 و2021، لمواجهة التداعيات الصحية للجائحة.

وقال سلامة: "صحيح أن الجباية المحلية ارتفعت، لكنها أقل بكثير من أن توازن النقص الحاد في الإيرادات، والزيادة الملحوظة في المصروفات بسبب جائحة كورونا".

في محصلة كل هذه العوامل، حدوث أزمة مالية غير مسبوقة، على كافة الصعد الاقتصادية والمالية.

تداعيات مؤلمة

واضطرت الحكومة الفلسطينية، تحت ضغط الأزمة، إلى دفع رواتب موظفيها بنسبة 75 بالمئة اعتبارا من راتب نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كجزء من خطة لخفض الإنفاق.

الإجراءات المالية للحكومة، جاءت بعد أسابيع من تقريرين للأمم المتحدة والبنك الدولي، حذرا فيهما من "تداعيات خطيرة" للأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية.

وقالا إن الحكومة الفلسطينية لن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية بحلول نهاية العام الجاري، وهو ما تحقق فعلا، وفي وقت أبكر.

وسجل الاقتصاد الفلسطيني انكماشا بنسبة 11.5 بالمئة في 2020، وهو أسوأ انكماش منذ اجتياح الجيش الإسرائيلي للمدن الفلسطينية في 2002، حين سجل الاقتصاد انكماشا بحوالي 14.5 بالمئة.

وقال البنك الدولي في تقريره، الذي قدمه لاجتماع المانحين في بروكسل في 17 نوفمبر الماضي، إن الاقتصاد الفلسطيني "أظهر بوادر تعاف في 2021، لكنه تعاف غير مستدام في ظل حالة عدم اليقين بشأن تطورات الجائحة، وأيضا طالما استمرت إسرائيل في اقتطاعاتها من المقاصة".

فيما وصف مكتب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في القدس، في تقرير قدمه لاجتماع المانحين أيضا، وضع الاقتصاد الفلسطيني بأنه "مريع".

وتقدر مؤسسات دولية ومحلية العجز المالي بنهاية 2021 بحوالي 1.4 مليار دولار.

وقال وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة في الاجتماع الأخير للمانحين أن الاقتطاعات الأسرائيلية من عائدات المقاصة الفلسطينية مسؤولة عن نصف العجز في الموازنة.

تفاقم الدين العام

وخلال الأزمة، تفاقم الدين العام الفلسطيني بشكل غير مسبوق، سواء النظامي (ويشمل الدين الخارجي والاقتراض من البنوك)، وغير النظامي (التزامات متأخرة على الحكومة للقطاع الخاص وهيئة التقاعد).

ويبلغ الدين الخارجي للسلطة الفلسطينية حوالي 1.4 مليار دولار، فيما تبلغ مديونيتها للبنوك المحلية حوالي 2.4 مليار دولار، فيما تصل المتأخرات المستحقة أكثر من 5 مليارات دولار.

معالجة بثلاث مسارات

لم تعلن الحكومة الفلسطينية عن تفاصيل إجراءاتها المالية لمواجهة الأزمة، لكن سلامة قال أن معالجة الأزمة تسير في ثلاثة مسارات.

او هذه المعالجات، بحسب مستشار رئيس الوزراء، استعادة الدعم الدولي للخزينة.

وقال: "كان لنا عدة زيارات الخارجية، أسفرت عن نتائج ايجابية، ونتوقع أن يبدأ الاتحاد الأوروبي بصرف المساعدات التي خصصها لعامي 2021 و2022 خلال الربع الأول من العام القادم".

ولفت سلامة إلى أن الولايات المتحدة استأنفت بالفعل مساعداتها للشعب الفلسطيني، حيث صرفت نحو 225 مليون دولار العام الحالي لمشاريع تنموية وقطاع الأمن.

أما المسار الثاني، فإنه يتركز في حشد الضغط الدولي على إسرائيل لوقف اقتطاعاتها من المقاصة، ومعالجة ملفات مالية اخرى عالقة منذ سنوات، والتزامها بالاتفاقات الثنائية مع السلطة الفلسطينية.

ويتعلق المسار الثالث بإصلاحات داخلية في المالية العام.

وقال سلامة "هناك ثلاث ملفات تثقل الموازنة لا بد من معالجتها، وهي: فاتورة الرواتب دون المس بالحقوق الأساسية للموظفين، وصافي الإقراض (مبالغ تقتطعها إسرائيل من أموال المقاصة لتسديد ديون شركات توزيع الكهرباء الفلسطينية لشركة الكهرباء الإسرائيلية).

أما الملف الثالث في خطة الإصلاح، وفق مستشار رئيس الوزراء، يتعلق بتكلفة التحويلات الطبية، سواء إلى مراكز طبية فلسطينية خاصة، أو لمستشفيات خارج الأراضي الفلسطينية، خصوصا إلى المستشفيات الاسرائيلية.

بوادر انفراجة

ويتوقع مستشار رئيس الوزراء انفراج الأزمة اعتبارا من فبراير/شباط 2022.

وقال "توقعاتنا بأن يكون 2022 أفضل من سابقه، الذي كان الأسوأ منذ قيام السلطة في 1994، وأن تبدأ الأزمة بالانحسار اعتبارا من فبراير، الموعد الذي التزم به الاتحاد الأوروبي لدفع مخصصات 2021، وايضا تحويل منحة جزائرية (100 مليون دولار)، بالتزامن مع ارتفاع الإيرادات المحلية".

كلمات دلالية