خبر ليس للبحر رب- معاريف

الساعة 08:33 ص|13 ابريل 2009

بقلم: بن – درور يميني

 (المضمون: القراصنة يضربون في البحر منذ مئات السنين. في حينه، توماس جيفرسون قرر القتال ضدهم. اما اليوم فالغرب يريد الهدوء ولهذا فانه يدفع الفدية - المصدر).

140 مليون دولار دفعت في السنة الماضية للقراصنة امام شواطىء الصومال. مال قليل بالمقاييس الغربية. مال عظيم في دولة هزيلة ومستنزفة، ليس لديها ما تعطيه للعالم وهي نموذج للصراعات القبلية والمذابح المتبادلة، والحكم المتفتت والتزمت الديني. هذه دولة الانتاج للفرد فيها هو نحو 600 دولار في السنة. اقل من دولارين في اليوم. قطاع غزة يصبح الى جانبها مملكة غنية. وهكذا فان الـ 140 مليون دولار هي اموال طائلة. كيفما اتفق، هذا مال يواصل تحريك دواليب الحرب هناك التي تدور رحاها منذ عشرات السنين. الغرب يريد الهدوء. ولهذا فانه يدفع المال. هذا لا يجدي نفعا دوما. في الاسبوع الماضي قتل هناك فرنسي سيطر القراصنة على سفينته. وكان هذا في اطار عملية انقاذ قامت بها الكوماندو الفرنسية.

القراصنة لم يبدأوا أمس. فقد كتب عنهم عدد لا يحصى من الكتب. الولايات المتحدة الشابة عانت من القرصنة اكثر من أي دولة اخرى. قبل الاستقلال، كان للامريكيين حماية بريطانية. بعد الاستقلال اصبحت القرصنة مشكلة. مليونا دولار دفع الامريكيون للقراصنة، ابناء الاقاليم المغربية للامبراطورية العثمانية – ليبيا، تونس، المغرب، الجزائر. بمقاييس اليوم، يدور الحديث عن مبالغ اعلى بكثير من المال القليل الذي دفعته دول الغرب في السنة الاخيرة. غير أن جيفرسون، الرئيس الامريكي الثالث، مل من هذه اللعبة. وقال لن ندفع بعد اليوم. نقاتل.

المؤرخون ينقسمون في ارائهم فيما اذا كانت هذه ايضا حربا دينية. إذ ان القراصنة المسيحيين كانوا ينكلون بالسفن الاسلامية وبالعكس. وهنا دخل الى الصورة لقاء مثير للاهتمام. لماذا قرر جيفرسون تغيير قواعد اللعب وعدم الاستسلام للقراصنة؟ حسب بحث نشره كريستوفر هيتشنس، التقى جيفرسون في لندن في العام 1985، مع عبدالرحمن، سفير طرابلس في لندن، كي يحتج على القرصنة التي تسلب السفن وتستعبد الناس. وبالفعل، اوضح له الرحمن بان كل من ليس مسلما هو واقع في الخطيئة، جدير بمعاقبته واستعباده، وان المقاتلين المسلمين الذين سيسقطون في المعركة – مكانهم مضمون في الجنة. يبدو هذا معروفا بعض الشيء. فالسفير المؤمن لم ينسَ ذكر العمولات العالية التي يطلبها لنفسه.

عندما تسلم جيفرسون منصب الرئاسة، تذكر ذاك اللقاء. ولم يرق له ان تصبح سفن الولايات المتحدة او جنود الولايات المتحدة مستعبدين. غير أنه كان لجيفرسون مشكلة. رغم الثمن الباهظ، كان من المجدي اكثر الدفع للقراصنة من اضاعة التجارة. في حينه مثلما هو اليوم. غير أن شهية القراصنة ازدادت. والثمن اخذ يتصاعد. 10 في المائة من الانتاج الوطني. بحيث أصبح ثمن الاستسلام اثقل من الاحتمال. صقور ذاك الزمن، وعلى رأسهم جيفرسون، قرروا انهم لن يقبلوا بذلك بعد الان.

كان صعبا على جيفرسون الحصول على اذن بشن الحرب. وعليه، فقد بعث الاسطور الامريكي الى شواطىء طرابلس، على أمل المواجهة. يوسف كرمنلي، باشا طرابلس، اراد المزيد من الدفعات، وادى به هذا الى اعلان الحرب. وقد نجح الفخ. الاسطول الامريكي بدأ يقصف بقوة شديدة. على نحو غير متوازن جدا. وكان الضرر هائلا. الادميرال البريطاني، اللورد نيلسون الشهير، اعلن بان هذا هو الهجوم الاكثر جسارة واهمية، انعطافة في تاريخ الشعوب. وقد استمرت المواجهات لفترة زمنية معينة وفي ختامها وقعت اتفاقات تجارية ومرور اكثر راحة للولايات المتحدة. وحرر المخطوفون.

كل تشبيه مع هذه الايام يصبح مشكلة. الصوماليون ليسوا جزءا من اقاليم قوية وذات اساطيل. كما ان "الرد غير المتوازن" سيساعد في الحالة موضع البحث مثل كاسات الهواء للميت. مشكوك فيه أن يكون هناك على الاطلاق من يمكن قصفه أو هزمه. التجربة الاخيرة للامريكيين للتدخل في الصومال انتهت بهزيمة مخجلة. 200 سنة مرت منذ جيفرسون. المعضلة بقيت على حالها.