خبر أمريكا الأخرى من الباكستان إلى هنا- يديعوت

الساعة 08:29 ص|13 ابريل 2009

بقلم: افرايم هليفي

رئيس الموساد ورئيس مجلس الامن القومي سابقا

 (المضمون: بقدر ما نتمكن نحن ايضا من بذل الجهود الصادقة والجدية لتطوير بدائل ابداعية ومصداقة للمسائل المركزية على جدول الاعمال الامني – السياسي عندنا، ستزداد الفرص في أن نتمكن من ان نجد في الولايات المتحدة شريكا لخطوات سياسية جسورة - المصدر).

هذه الايام ينهي فريق أمريكي خاص رحلة استثنائية الى أفغانستان والباكستان. برفقة مجموعة من الصحافيين، من الصحف الرائدة في الولايات المتحدة أجرى المبعوث الخاص للرئيس اوباما، ريتشارد هولبروك، والجندي رقم 1 الادميرال ملن، محادثات مع رؤساء الحكم في البلدين. وبالتوازي عقدا لقاءات خاصة مع قادة العدو – طالبان – بحضور الصحافيين. وفي هذه اللقاءات شارك ضمن آخرين، مقاتل كبير من طالبان قضى سنوات عديدة في معتقل غوانتانامو.

هدف الامريكيين لم يكن الايضاح لمستمعيهم ما هي السياسة التي تعتزم القوة العظمى في العالم انتهاجها. فقد سافروا كل الطريق من واشنطن اولا وقبل كل شيء كي يتشاوروا مع "المعتدلين بين الاعداء" في الوضع المعقد الذي نشأ بعد ثماني سنوات من الحرب. رئيس اركان القوات المشتركة قال هناك مثلا: "استغرقنا وقت طويل جدا كي نعترف بالضرر الذي الحقناه في التفتيشات في المنازل وفي القصف"، ووعد بالنظر في السبل لتقليص الضرر اللاحق بالسكان.

هولبروك، الدبلوماسي القديم، رفيع المستوى والحازم، استجدى تماما زعماء الدين كي يشيروا عليه كيف يمكن مصالحة طالبان المتطرفة والوحشية، التي ترعى مخربي القاعدة. اسماء المشاركين في اللقاءات ابقيت طي الكتمان، خشية تعرضهم لاي سوء، ولكن حسب شهادة عليمة فان "فلسفة" المعتقل من غوانتانامو اكثر تطرفا من فلسفة حماس الغزية.

بين الرسائل التي جلبها معهم الامريكيون كانت نية معلنة لاستثمار وسائل وميزانيات كبيرة في دفع الاقتصاد الضعيف لافغانستان الى الامام، في تطوير الزراعة التي تنتج الغذاء بدلا من المخدرات، وفي بناء شبكات من الطرق والمراكز المجتمعية. كل هذا، بينما جيوش الناتو بقيادة الولايات المتحدة – بالتوازي مع جهود احلال "السلام الاقتصادي" – تواصل حرب الابادة التي تخوضها.

رسالة اخرى نقلت من واشنطن قالت ان الولايات المتحدة لن تفضل هذا المرشح او ذاك في الانتخابات القريبة للرئاسة في افغانستان. ولا حتى الرئيس القائم حميد كرزاي الذي حظي بمساعدة مكثفة منذ انتخب بدعم كاسح من واشنطن "القديمة"، في 2004. فقد اوضحوا بان الولايات المتحدة ستتعاون مع كل من ينتخب.

اوباما يميل اليوم الى تركيز سياسته في مسألة افغانستان – الباكستان، في مسعى لتسجيل انجازات هامة وسريعة، للانقطاع عن حرب افغانستان والتركيز على الهدف الرئيس: التهديد الدوي للارهاب الاسلامي.

الخطوة الاستثنائية التي نفذها هولبروك وملن في جولتهما الاخيرة تجسد احدى المزايا المثيرة للاهتمام والتحدي لدى الادارة الجديدة. ففي الوقت الذي تستعد فيه قوات الجيش في الميدان لهجوم الربيع الذي يعرف بانه "حاسم"، يسعى قادة المعركة لبدائل سياسية، وتدرس بكل الجدية تسويات مع فصائل ومجموعات في معسكر الخصم. وهي لا تخشى ان يفسر العدو هذه الخطى كدليل ضعف – العكس هو الصحيح.

وهكذا، فان قوة عظمى واثقة بنفسها وبقوتها، تظهر قوتها باعمال يومية في ميدان المعركة، تفحص بكل الجدية خيارات جديدة ودراماتيكية، ستحسن مواقعها أمام الاكثر تطرفا بين معسكر الخصم، وتعلن عن خطواتها على الملأ من خلال كبار الصحافيين.

هناك مؤشرات على ان الادارة تبادر الى خطوات استثنائية في مناطق اخرى في العالم ايضا. وبقدر ما نتمكن نحن ايضا من بذل الجهود الصادقة والجدية لتطوير بدائل ابداعية ومصداقة للمسائل المركزية على جدول الاعمال الامني – السياسي عندنا، ستزداد الفرص في أن نتمكن من ان نجد في الولايات المتحدة شريكا لخطوات سياسية جسورة – سواء من حيث الجوهر ام من حيث الاسلوب.

اذا لم نبكر ونفعل ذلك بأنفسنا، فلا يجب ان نشكو من أن تقوم واشنطن بذلك قبلنا، بدوننا.