معركة سيف القدس 2021 ...لقنت الاحتلال درساً وجعلت غِمد المقاومة مُشرعاً دفاعاً عن المقدسات

الساعة 09:11 ص|22 ديسمبر 2021

فلسطين اليوم

معركة سيف القدس 2021 ...لقنت الاحتلال درساً وجعلت غِمد المقاومة مُشرعاً دفاعاً عن المقدسات

-معركة "سيف القدس" أعادت اعتبار الوعي للشعب الفلسطيني الداعم للمقاومة

-"أداء المقاومة وتكتيكاتها كانت نوعية

- المعركة جعلت مدينة القدس أبرز محددات الفعل لدى سلوك المقاومة

 - مقتل 12 " إسرائيلياً" وخسائر اقتصادية تقدر بـ7 مليارات شيقل

شَكَلَت معركة "سيف القدس" في مايو 2021 منعطفًا هامًا في الصراع المستمر مع الاحتلال "الإسرائيلي"، إذ استطاعت المقاومة الفلسطينية تحقيق انتصارًا على الآلة "الإسرائيلية" المتغطرسة، رغم فارق القدرات العسكرية والتقنية بين الجانبين، كما أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية والقدس اللتين تواجهان مؤامرات تصفوية، بدعم من الولايات المتحدة، على الساحة الدولية.

معركة "سيف القدس" التي استمرت لـ 11 يومًا، أظهرت خلالها المقاومة تفوقًا عسكريًا أجبرت الاحتلال على وقف عدوانه على غزة والقدس وأحياءها، بضرب عمق الكيان بآلاف الصواريخ ذات الأحجام المختلفة حتى الدقيقة الأخيرة، حيث ألحقت بالعدو خسائر غير مسبوقة في تاريخه، وشلت حركة الجبهة الداخلية طيلة العدوان.

هذا الانتصار الفلسطيني، رافقه دعمًا وتضامنًا في معظم دول العالم تحديدًا الأوروبية، ورفضًا للمجازر "الإسرائيلية" التي ارتُكِبت بحق المدنيين العُزل والأحياء المُكتظة بالسكان في هذا العدوان والحروب السابقة، وسط مطالبات بمحاسبة قادة الاحتلال في المحاكمة الدولية.

أسباب وتداعيات

المحلل السياسي، حسام الدجني، قال: "جرائم الاحتلال المتصاعدة والممنهجة في مدينة القدس وأحياءها وفي الداخل المحتل بالإضافة إلى الواقع الإنساني المأساوي في قطاع غزة، كل تلك الدوافع ساهمت في انفجار الأمور واندلاع معركة سيف القدس".

وأضاف الدجني لـملف حصاد العام 2021 لوكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، إن تلكؤ الإقليم والمجتمع الدولي في الضغط على الاحتلال من أجل وقف الاعتداءات في حي الشيخ جراح، كانت أيضَا سببًا في اندلاع المعركة".

وفيما يتعلق بتداعيات معركة "سيف القدس"، يرى المحلل السياسي، أن المعركة تركت تداعيات كبيرة، أبرزها أنها أثّرت في ميزان مناعة "القومي الاسرائيلي" أي (علاقة المجتمع الإسرائيلي بالدولة) إذ تزايدت أعداد المستوطنين في عدم ثقتهم بالجيش في حمايتهم.

كما يرى أن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تبني قدراتها العسكرية بما يحقق الردع للاحتلال على المدى الاستراتيجي والبعيد، رغم الحصار والمعاناة.

وتابع الدجني: إن "من تداعيات المعركة أنها أضعفت المناعة الداخلية في البقاء داخل الكيان وأوجدت قناعة راسخة لدى المستوطنين للهجرة إلى الخارج".

وأوضح أنها أعادت اعتبار القضية الفلسطينية في الأجندة الدولية، وساهمت في تعزيز الدور المصري ومكانتها الإقليمية والدولية الذي من المفترض أن ينعكس إيجابًا على علاقات مصر وقطاع غزة، وقيادة مصر في ملف الإعمار".

على صعيد الضفة الغربية، بيّن الدجني، أن "سيف القدس" أعادت اعتبار الوعي للشعب الفلسطيني الداعم للمقاومة على اعتبارها أنها المسار الأمثل في مواجهة الاحتلال".

وأشار إلى أن "هذه المعركة مع الاحتلال في ظل اختلاف موازين القوى ليست معركة الضربة القاضية وتندرج ضمن الإطار أن الأصل في علاقة مع الاحتلال هو الاشتباك التي تعيد تعريف المشروع الوطني وتحرير فلسطين التي بحاجة إلى المواصلة في مراكمة القوة داخل فلسطين وخارجها".

وعن شكل المواجهة المقبلة، أردف المحلل السياسي : إن "المعركة المقبلة مع الاحتلال حاسمة وبذلك يتم العمل على مراكمة القوة وتوظيف حالة الهدوء لا سيما في الضفة المحتلة التي تعد الأكثر إيلامًا للعدو".

السيطرة على إيقاع المعركة

من جهته، قال المحلل الأمني رامي أبو زبيدة: إن من نتائج "سيف القدس": إن "المعركة تميزت بنوعية ومدى كثافة واستمرارية قصف المدن المحتلة، مع السيطرة على إيقاع المعركة وإدارتها بما يخدم الأهداف السياسية لصالح المقاومة ورؤيتها".

وأضاف المحلل الأمني، أبو زبيدة  لملف الحصاد 2021 ل"فلسطين اليوم الإخبارية"، "أن أداء المقاومة في المعركة كان يخضع للغرفة المشتركة التي تضم قوى المقاومة الفلسطينية كافة، وعبرها كانت تحدد طريقة القصف واختيار الإمكانات التي أثرت تلقائياً على الحالة المعنوية للاحتلال مقابل رفع الحالة المعنوية للمقاومة والشعب الفلسطيني.

وتابع أبو زبيدة: إن "أداء المقاومة وتكتيكاتها كانت نوعية التي مكّنتها من أخذ زمام المبادرة أثناء فترة العدوان، مشيرًا إلى أن أجهزة الاستخبارات "الإسرائيلية" فشلت في توقع ردة فعل المقاومة".

المقاومة -صواريخ المقاومة.jpeg
 

وأوضح، أن "سيف القدس" كشفت تراكم قوة المقاومة العسكرية خلال السنوات الماضية من نقاط القوة والأسلحة المبتكرة في ضرب العمق "الإسرائيلي".

وبيّن أبو زبيدة أن المعركة أظهرت التطور النوعي والواضح من حيث المدى وكثافة الصواريخ التي تجاوزت المنظومات الدفاعية لجيش الاحتلال، وأبرزها "القبة الحديدية" التي تُعد فخر الصناعة "الإسرائيلية"، وهو ما دفع الأخير إلى تعليق الملاحة الجوية ومطار بن غوريون، حسبما ذكر أبو زبيدة.

وبخصوص تبعات "سيف القدس"، أضاف: "أنها جعلت مدينة القدس كأبرز محددات الفعل لدى سلوك المقاومة ولم يعد ممكن للاحتلال التفرد والاستفراد بالقدس وأهلها وأن، أي اعتداء على القدس سيحرك المقاومة ويعيدها إلى قواعد الاشتباك"، مبينًا "أن هذا تحول نوعي غير مسبوق في الصراع مع الاحتلال".

وأردف أبو زبيدة قائلاً : إن "معركة سيف القدس انتهت بتسجيل هزيمة واضحة لجيش الاحتلال لم يثبُت أنها حصلت انتكاسه على غرار ما حدث فيها منذ عام 1948، كما أن (إسرائيل) تراجعت ولم تحقق أي من أهدافها، فيما نجحت المقاومة في غزة بحماية المسجد الأقصى، التي ما زالت تحتفظ في مفاجآت عسكرية مقبلة".

الخسائر البشرية والمادية

وخلف العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة ارتقاء 280 شهيداً من بينهم 96 طفلاً و 40 سيدة و 17 مسناً، إضافة إلى أكثر8900 إصابة بجراح مختلفة، فضلا عن تضرر 1800 وحدة سكنية وتدمير 184 برجاً ومنزلاً وعدداً من المصانع والمرافق الاقتصادية.

بدورها، أفادت وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة، بأن العدوان الأخير على قطاع غزة خلف خسائر مادية مباشرة بقيمة 420 مليون دولار فضلاً عن الخسائر غير المباشرة، وتمثلت أضرار قطاع الإسكان في هدم قرابة 1650 وحدة سكنية بشكل كلي بالإضافة إلى ما يزيد عن 60 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي ما بين بالغ ومتوسط وطفيف، وتقدر تكلفتها بقرابة 145 مليون دولار.

وذكرت وزارة الأشغال، أن العدوان خلف أيضًا أضرار مباشرة في القطاعات الأخرى من بُنى تحتية ومنشآت اقتصادية وزراعية وتعليمية وصحية، وقد قدرت بقرابة 150 مليون دولار في قطاع البنية التحية، وقرابة 95 مليون في قطاع التنمية الاقتصادية، وقرابة 30 مليون في قطاع التنمية الاجتماعية.

وأشارت إلى أن ما يقارب 1300 وحدة سكنية متبقية من عدوان صيف 2014، لم يتوفر تمويل لإعادة إعمارها حتى الآن، بالإضافة إلى باقي القطاعات التي لم يتم إعادة إعمارها وتقدر بحوال 600 مليون دولار.

سيف القدس-قصف.jpeg
 

وعن التعهدات المالية لما قبل عدوان مايو 2021، بلغ إجمالي المبلغ المطلوب لإعادة إعمار قطاع غزة جراء العدوان بحسب الخطة الوطنية لإعادة إعمار القطاع المعتمدة في مؤتمر القاهرة 2014 حوالي 3.9 مليار دولار، وفق بيانات لوزارة الاشغال العامة والإسكان.

كما بلغت تعهدات المانحين في مؤتمر القاهرة قرابة 5 مليار دولار منها 3.5 مليار دولار لصالح عملية إعادة قطاع غزة، وبدعم من الدول الصديقة والشريكة فقد بلغ إجمالي المستلم من تعهدات المانحين لإعادة الإعمار قرابة 900 مليون دولار تمثّل 26 بالمئة من التعهدات.

وبعد انتهاء عدوان مايو 2021 الأخير، باشرت العديد من الدول الشقيقة والصديقة بالتعهُد بإعمار غزة وعلى رأسهم مصر الشقيقة بمنحة 500 مليون دولار وقطر الشقيقة بمنحة 500 مليون. إضافة إلى منحة من دولة المانيا بقيمة 9 مليون، إضافة إلى بعض المنح المختلفة المقدمة من دول ومؤسسات دولية ومحلية تقدر بقرابة 20 مليون.

وأكدت وزارة الاشغال، أن عملية إعمار الوحدات السكنية من المنحة القطرية بقيمة 50 مليون دولار، تسير ببطء شديد نظرًا لعرقلة الاحتلال والسلطة الفلسطينية في تحويل الأموال القطرية إلى المستفيدين من المواطنين الذين هدمت بيوتهم، مشيرةً إلى أنه لا يوجد إي تعهدات لإعادة إعمار الأبراج السكنية المهدومة كليًا حتى الآن.

خسائر الاحتلال

وحول الخسائر التي تكبدها الاحتلال، فقد قدر اتحاد الصناعات "الإسرائيلي" خسـائر الشركات "الإسرائيلية "، خلال الحـرب الأخيرة على قطاع غـزة، بحوالي 1.2 مليار شيـكل (368 مليون دولار).

وأشار اتحاد الصناعات "الإسرائيلي" إلى أن 50 مصنعًا كانوا قد أصيبوا بشكل مباشر بالصواريخ.

فيما قدرت ما تسمى بوزارة "المالية الإسرائيلية"، الخسائر الأولية للاقتصاد في المواجهة الأخيرة مع فصائل المقاومة الفلسـطينية بنحو 7 مليارات شيكل (2.51 مليار دولار).

وعن الخسائر البشرية، فقد اعترف العدو عن مقتل 12 "إسرائيليًا" وآلاف الإصابات، بالإضافة إلى الأضرار المادية التي لحقت في المنازل بالمستوطنات جراء سقوط الصواريخ التي وصلت إلى مديات مختلفة من 10 إلى120 كم.

الداخل المحتل 

لأول مرة منذ سنوات فرض الداخل المحتل نفسه بقوة خلال معركة "سيف القدس" نصرة للقدس المحتلة وقطاع غزة ، حيث ان المظاهرات عمت كافة مدن الداخل المحتل ، مما اذى لارتقاء شهداء وجرحى ليمتزج الدم الفلسطيني من النهر للنهر.

الداخل المحتل.jpg
 

الاحتلال "الإسرائيلي" طالب المستوى السياسي بإنهاء الحرب في قطاع غزة في أسرع وقت ممكن، بسبب الاشتباكات العنيفة في الداخل المحتل وخوفًا من فقدان السيطرة على البلدات والمدن الفلسطينية المحتلة هناك.

التعاطف العربي

بعد انقطاع لعدة سنوات أحيت معركة سيف القدس ، التعاطف العربي بشكل كبير ، حيث هدت الدول العربية كافة مسيرات حاشدة ، وخاصة المناطق المحاذية لفلسطين التي رافقها مظاهرات على الحدود .

كلمات دلالية