خبر الجيش الإسرائيلي لا يشعر بالرضا.. هآرتس

الساعة 08:58 ص|12 ابريل 2009

بقلم: رؤبين بدهتسور

جهاز الامن ومن يقف على راسه، ايهود باراك، يتصرفون وكأنهم ممثلون جسما خارج السيادة، لا يعتبر جزءا من الانتاج الاسرائيلي. الازمة التي دخل اليها الاقتصاد الاسرائيلي لا تهمهم بالمرة، وهم يواصلون المطالبة بالمزيد من الميزانيات العسكرية والتي ستصل في هذه السنة الى ذروة كل الازمنة.

الميزانية المخصصة للامن تبلغ في كل الدول الغربية واحد في المائة حتى 3 في المائة من المنتوج الخام القومي. عندنا تصل النسبة الى اكثر من 10 في المائة (بما في ذلك المخصصات الامنية غير المشمولة في الميزانية العسكرية). حكومة اولمرت قد صادقت في عام 2009 على ميزانية عسكرية تبلغ 48.8 مليارد شيكل. ولكن بعد ذلك بفترة قصيرة اتفق وزير الدفاع ايهود باراك مع رئيس الوزراء على اضافة 1.3 مليارد شيكل وفي جهاز الامن يوضحون ان وزيرهم قد حصل على وعد باضافة ثلاثة مليارات شيكل اخرى. 2.45 مليارد شيكل سيحصل عليها جهاز الامن كتعويض على عملية "الرصاص المصهور". اي ان الانتاج الاسرائيلي الذي يواجه ازمة وشيكة سيضطر لتخصيص 55.55 مليارد شيكل في هذه السنة للميزانية العسكرية. يجب ان نضيف الى هذه الميزانية المنحة الامريكية التي ستصل في هذه السنة الى 11 مليارد شيكل. اي ان الميزانية تصبح في هذه الحالة 66.55 مليارد شيكل. ولكن الجيش لا يكتفي بذلك. هناك مطلب اخر موضوع على الطاولة للحصول على 3 حتى 4 مليارات شيكل اخرى.

وماذا عن التعليلات التي يسوقها الجيش الاسرائيلي لمطالبه؟ التهديدات الاخذة في التصاعد: ايران تواصل تطوير سلاحها النووي وحزب الله يعزز قوته بينما تواصل حماس تهريب الاسلحة وغير ذلك. هذا خداع وذر للرماد في العيون. وضعنا الامني جيد بدرجة لا توصف بالمقارنة مع ما كان عليه قبل عقد من الزمان عندما كان العراق يمثل تهديدا وليبيا تعكف على تطوير اسلحة الدمار الشامل. تهديد الجبهة الشرقية تبدد وتلاشى ولم تعد هناك حاجة لتخصيص موارد اضافة من اجل هذه الجبهة. الانسحاب من لبنان ومن غزة واخلاء المستوطنات حول موارد غير قليلة الى اهداف اخرى واصبحت شاغرة. وبالرغم من ذلك ازدادت الميزانية العسكرية سنوية في العقد الاخير. نجاح الجيش الاسرائيلي الاكبر في الاقناع بواسطة المعلومات المغلوطة (كما اظهرت لجنة بروديت) التي اشارت الى ان تقليصات كبيرة قد جرت في ميزانيات السنوات السابقة لحرب لبنان الثانية، تشكل شهادة مدنية لوزراء الحكومة واعضاء الكنيست ووسائل الاعلام الذين لم يكلفوا انفسهم عناء التحقق من المعطيات.

وبالفعل يمكن القول، ان التهديد الايراني قائم ومقلق ولكن قرار مهاجمة ايران لا يعتمد بالمرة على مشتريات عسكرية جديدة ومن هنا لا يتوجب ربطه بالحاجة الى زيادة الميزانية العسكرية. نحن نأمل ان يتقرر ترسيخ السياسة عموما ليس على الهجوم وانما على الردع وان لا تكون هناك حاجة لتكريس المزيد من المليارات في هذه السياسة.

ولكن المال رخيص في الجيش الاسرائيلي. هذا الجيش لا يحرص على التوفير ولا يكترث لما يجري في الاقتصاد. يطورون منظومات قتالية متطورة تبلغ المليارات من الدولارات من دون ان تكون لها حاجة فعلية او ان نجاعتها مشكوك فيها – هذا ما اشارت له رمزيا تقرير مراقب الدولة. المراقب وجه عبارات واضحة في تقريره الاخير في قضية مليارات الشواكل المخصصة لاجهزة الدفاع ضد الصواريخ: "الاخلالات التي تم اكتشافها قد تؤدي الى التزود بمنظومات سلاح لا تشكل استجابة كاملة للهدف الميداني وبصورة مثلى مع وجود خوف للحاجة لنفقات مالية لا داعي لها". وما هو رد الجيش الاسرائيلي ووزير الدفاع التجاهل بل والاستخفاف.

الجيش الاسرائيلي هو جيش كبير جدا مبني بصورة غير صحيحة وجزء منه غير منتج ولا يسهم بشيء في الامن، وهو كبير بدرجة مخيفة وشروط خدمة قسم كبير منه مفرطة. المشكلة هي ان صناع السياسة في الحكومة والكنيست يفضلون التملص من التركيز الحقيقي على الرقابة على الجيش الاسرائيلي ويتهربون من ذلك متشبثين بالمخاوف الموسمية التي يطرحها الجيش من اجل المصادقة مرة تلو الاخرى على اضافات للميزانية العسكرية. خسارة ان الازمة الحالية في الاقتصاد لم تعتبر فرصة لمواجهة مطالب الجيش وتقليص الميزانيات العسكرية كما يجب. لشدة الاسف كل هذا الامر لم يحدث وباراك سيواصل المطالبة وسيحصل على ما يريده وتضاف المزيد من الاموال لميزانية جهاز الامن "خاصته".