خبر اثنان يتنازعان، اسرائيل تبتسم.. هآرتس

الساعة 08:52 ص|12 ابريل 2009

بقلم: آفي يسسخروف وعاموس هرئيل

يمكن لاسرائيل ان تنظر الى ما يجري بين مصر وحزب الله ببعض الرضى، رغم الحرص على الحفاظ حاليا على درجة اهتمام متدنية بالمواجهة. الوقاحة وعمق التغلغل الذي قام به حزب الله الى قلب مصر، في الدولة التي تقف امام صراع خلافة قريبة في قيادتها، لا يدع مجالا للشك في نوايا ايران. من ناحية اسرائيل، هذه انباء طيبة – كفيلة بأن تشدد التنسيق الامني مع مصر ضد تهريب السلاح الى القطاع وربما ايضا تملي تواصل الموقف البارد الذي تبديه القاهرة تجاه غزة.

بداية المواجهة الحالية تعود الى احد الخطاب الاكثر اهمية الذي اطلقه الامين العام لحزب الله حسن نصر الله منذ تسلمه مهام منصبه في 1992. يوم الجمعة، لاول مرة في تاريخ المنظمة اعترف نصر الله بان رجاله على الاراضي المصرية. صحيح ان الامين العام تطرق ايضا الى ترسيم حكومة نتنياهو في اسرائيل، ولكن كان واضحا لمستمعيه بان العدو الحقيقي الذي يوجه نصر الله كلامه له هو النظام المصري.

نصر الله لم يحاول تشويش او نفي المنشورات في القاهرة حول كشف الشبكة التي استخدمتها منظمته في مصر. وقال "نحن لا ننفي ذلك ولا نعتذر عنه"، وادعى فقط بان الانباء ليست دقيقة. عدد اعضاء الشبكة التي استخدمها حزب الله في مصر كان "فقط" عشرة وليس خمسين كما ادعت القاهرة، ادعى نصر الله وقال اننا بالاجمال حاولنا تقدم مساعدة لوجستية للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة ولكن الامين العام لحزب الله لم يكتف باعتراف جزئي بالحقائق. فقد اضاف اليه هجوما حادا على الحكم المصري الذي لا يعمل على تخفيف الحصار عن سكان غزة ويتعاون بذلك مع اسرائيل والولايات المتحدة.

اقوال نصرالله، في اول موقف له من التقارير الدراماتيكية الوافدة من القاهرة يوم الخميس الماضي، اشعلت ايضا موجة من الانتقاد في اوساط المعارضة المصرية، التي هزئت من نظام حسني مبارك، الذي يجعل حزب الله العدو الاكبر لمصر بدلا من التركيز على المظالم التي توقعها اسرائيل. خطاب الامين العام يشهد على استعداده على التجرؤ والمراهنة، لدرجة المواجهة المباشرة بين منظمته وبين من كانت تعتبر حتى وقت قصير مضى زعيمة العالم العربي.

يطلق نصر الله الاهانات المبطنة للرئيس مبارك منذ حرب لبنان الثانية في صيف 2006، حين اكتشف حزب الله بان المصريين يضغطون من خلف الكواليس على حكومة اولمرت لمواصلة الهجوم العسكري على المنظمة. نبرت اقواله احتدت في اثناء حملة "رصاص مصهور" في غزة في كانون الثاني الماضي والان يتبين ان حزب الله سار خطوة ابعد، في تفعيل الشبكة المتفرعة في مصر.

الرد المصري، حاليا، متردد بعض الشيء، رغم الاجراءات المتشددة التي تتخذ في الميدان. الناطق الرسمي الاكبر الذي تطرق للقضية حتى يوم امس، كان ممثل النيابة العامة في القاهرة. حتى الان لم يسمع صوت الرئيس مبارك، وزير الخارجية او مسؤولين كبار اخرين في الازمة. في هذه الاثناء لا تقتبس الا محافل مجهولة في القاهرة تحذر من ان مبارك لن يسمح لحزب الله بتحويل بلاده الى لبنان ثان. المقالات الافتتاحية في الصحافة المصرية وصفت نصر الله في نهاية الاسبوع "بالعميل الايراني". وفي هذه الاثناء، سجلت ايضا بعض الخطوات الحقيقية. في اليومين الاخيرين نقل عن مصنع صواريخ اكتشف في رفح المصرية (على ما يبدو كمحطة في الطريق نحو تهريبها الى القطاع)، عن اعتقال مهربين على الحدود مع اسرائيل وعن القبض على شخص حاول تهريب مليوني دولار لحماس في القطاع.

المواجهة الحادة بين مصر وايران وحزب الله كفيلة بان يكون لها تاثير ايضا على الانتخابات في لبنان، بعد شهرين. صحيح ان نصر الله يثبت مرة اخرى بانه لا يخشى المواجهة مع زعماء دول كبرى وقوية، ولكن لا يزال يتبقى ان نرى كيف سيرد الناخبون اللبنانيون على القضية – التي تعيد تأكيد سيطرة ايران على حزب الله وتخلق توترا كبيرا بين بيروت والقاهرة. مشكوك فيه ان يرد كل المقترعين في بيروت بالرضى على التطورات الاخيرة.