خبر تحليل: الفعل الشعبي المقاوم يعوض « جَزرَ » العمل الفدائي المنظم

الساعة 06:33 ص|12 ابريل 2009

شهدت دولة الاحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة موجة من العمليات ذات الطابع المحدود، التي يشنها مقاومون فلسطينيون بصورة فردية على ما يبدو ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، وتتركز في القدس ومستوطنات الضفة الغربية.

 

ورغم بساطة هذه العمليات من ناحية التكتيك والأداء إلا أنها كانت كفيلة بالتأكيد على رسالة المقاومة الفلسطينية التي عادة ما تختصر بالقول إن: "المقاومة تبقى موجودة ما دام هناك احتلال، وأن طبيعة العمليات تأخذ منحنى المد والجزر بتغير الظروف".

 

وفي الأسبوعين الأخيرين، تراوحت أدوات العمليات الفلسطينية بين عمليات الدهس والطعن بالسكاكين، والضرب بالفؤوس كما كان في العملية في مستوطنة "بيت عين" بالقرب من مدينة الخليل والتي قتل فيها مستوطن وجرح آخر، وتمكن الفدائي الفلسطيني من الانسحاب من ساحة العملية رغم الإجراءات الأمنية في محيط المستوطنات، كما كان قبلها عملية قتل شرطيين في منطقة الأغوار، ومحاولة للدهس في القدس، وأخيرا كانت عملية لفتاة بدوية فلسطينية من النقب المحتل.

 

تأكيد الرسالة

 

وينظر عدد من المحللين والسياسيين الفلسطينيين لهذه العمليات باعتبارها تكريساً للحق الفلسطيني الطبيعي بمقاومة الاحتلال ما دام موجودا على أرض فلسطين، إذ يقول الدكتور عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح: إن "تنفيذ الفلسطينيين بالضفة عمليات فردية مثل استخدام الجرافات، وكذلك استخدامهم الحجارة في مقاومة الاحتلال هو تعبير عن ردة فعل شعبي، تعيد للأذهان ملامح ثورة السكاكين في الانتفاضة الفلسطينية الأولى".

 

وقال قاسم لـ"فلسطين": "خلال هذه الفترة قد نشهد عودة لاستخدام المواطنين العديد من الأدوات الشعبية لمقاومة الاحتلال كالحجارة والسكاكين وغيرها، وهذا لغياب فعاليات المقاومة في الفترة الأخيرة بالضفة بسبب الوضع السياسي القائم والقمع الأمني.

 

وأشار إلى أن "المواطن الفلسطيني ربما عاد لاستخدام العمليات الفردية لتعبئة الفراغ التي  تركته المقاومة المنظمة في مقاومته لأنه أسلوب استخدمه من قبل لمقاومته الاحتلال، لكنها لا تشكل بديلا عن المقاومة، التي قد تشهد خلال الفترة القادمة تطورا في أدواتها بالضفة".

 

معانٍ عدة

 

من جانبه، قال الكاتب الصحفي محمد أبو علان: إنه "رغم محدودية العمليات الفردية في مقاومة الاحتلال وعدم تحولها لظاهرة واسعة الانتشار، إلا أنها تعني الكثير على المستوى الوطني الفلسطيني، وأول ما تعنيه قدرة الشعب الفلسطيني على مواجهة الاحتلال بأبسط السبل والوسائل المتاحة له".

 

وبين أبو علان أن "هذا النمط من عمليات المقاومة ضد الاحتلال يشكل معضلة أمنية كبيرة لأجهزته الأمنية، كون أجهزته المخابراتية لا تستطيع كشفها بشكل مسبق أو حتى توقعها كما كانت الحال في الكثير من عمليات المقاومة التي كانت تحبط قبل وقوعها نتيجة اختراق أمني، أو فشل في عملية التخطيط كون العملية مرتبطة بعدد من الأشخاص قد يقع أيٍ منهم في خطأ قاتل".

 

"جزر وتعويض"

 

وبحسب الكثير من الكتاب والباحثين، فإن عمليات المقاومة الفردية ضد الاحتلال هي تعويض طبيعي عن الحالة المنطقية التي يجب أن تمييز العلاقة بين الشعب المحتل والقوة العسكرية التي تحتله، إذ يقول الباحث نشأت عالية لـ"فلسطين": إن "العمل المقاوم مر بمنحنيات مختلفة منذ وقوع الاحتلال وأن هذه المنحنيات احتوت دلالاتها على الكثير من مراحل المد والجزر بحسب الظروف العامة السياسية والميدانية المحيطة بالقضية الفلسطينية".

 

وأشار عالية إلى أن المرحلة الحالية تشهد حالة جزر وانحسار للمقاومة الفلسطينية المنظمة، لكن هذا الجزر لا يعني النهاية، بل هو نتيجة طبيعية لما واجهته المقاومة من أعباء وما تلقته من ضربات أمنية عنيفة وعميقة التأثير.

 

وقال: "عندما اندلعت انتفاضة الأقصى في العام 2000، كان حال المقاومة الفلسطينية في الضفة والقطاع على السواء في حال يرثى لها، قادة فصائل المقاومة في سجون الاحتلال والسلطة، وعناصرها ملاحقون ومطاردون ومشردون، وما هي إلا أشهر حتى التقطت المقاومة أنفاسها مجددا وبدأت تضرب بقوة تصاعدية بلغت ذروتها في شباط وآذار 2002، حيث بتنا نشهد عمليات نوعية بشكل شبه يومي توقع العشرات من القتلى والجرحى وبتكتيكات منوعة وساحات مفتوحة"، وأضاف عالية: "إن العمليات الفردية اليوم تأتي في حال صعب للمقاومة لتوجه رسالتها للاحتلال أولا ثم للداخل الفلسطيني بأن حالة الجزر التي تشهدها المقاومة المنظمة لن تدوم طويلا، وأن هذه المقاومة ستستعيد قوتها وتنتقل لحالة المد الجديد".

 

وتابع عالية قائلاً: "هذه سنّة طبيعية لا تتغير، الاحتلال عليه أن يدفع ثمن احتلاله، وأصحاب الحق المغتصب سلوكهم الطبيعي أن يقاوموا، وما دام هناك شباب مستعدين للعمل والتضحية وما دامت الفصائل التي ألهبت نار انتفاضة الأقصى حية، فبأي وقت يمكنها أن تشعل انتفاضة أخرى وأتوقع أن يكون ذلك قريبا".

تقرير خاص بـ"فلسطين":