استثمارات التطبيع تقوّي الشيكل على حساب الدولار وتهوى بمشاريع غزة

الساعة 09:45 ص|24 نوفمبر 2021

فلسطين اليوم

انعكس ارتفاع سعر صرف الشيكل الإسرائيلي وانخفاض الدولار الأميركي سلباً على الفلسطينيين المجبرين على التعامل بالشيكل لغياب عملة وطنية، وتحديداً القطاعات التجارية مثل المصدرين والمقاولين والقطاعات الهندسية وأسواق العقارات وشرائح الموظفين التي تتقاضى رواتبها بالعملة الأميركية.

وتراجعت أسعار صرف العملة الأميركية منذ بداية عام 2021 بنسبة لا تقل عن 20% أمام الشيكل، وبعد أن كان صرف الدولار الواحد يتراوح بين 3.25 و3.30 شواكل، انخفض مؤخراً إلى أقل سعر صرف منذ عام 1996 وهو 3.09 شواكل.

ودفع تراجع أسعار صرف الدولار بالمقاولين وأصحاب شركات الإنشاء إلى تعليق تنفيذ المشاريع التي يتم تنفيذها بالعملات الأجنبية، نتيجة للخسائر المالية الكبيرة التي طاولتهم بفعل تدهور الصرف مقابل عملة الشيكل الإسرائيلي. ولا تحمل العقود المبرمة بين هذه الشركات وبين المانحين والهيئات المنفذة للمشاريع أية تعويضات مالية لهم، وهو ما يعني تحملهم للخسائر المالية والتي تتفاوت بين 10% و30% تبعاً للقيمة الإجمالية للمشروع.

ويستخدم الفلسطينيون في تعاملاتهم الاقتصادية 3 عملات رئيسة تتمثل في الشيكل والدولار ثم الدينار الأردني، نتيجة لغياب عملة فلسطينية وطنية بحكم اتفاقية باريس الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

وكثيراً ما عانت أسواق غزة من نقص في عملتي الدولار والدينار، وهما العملتان المكملتان للشيكل، خصوصاً مع تزايد عملية الاستيراد من مصر في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، وهو ما رفع نسبة سحب السيولة الأجنبية.

ولا يمتلك الفلسطينيون فرصة التأثير على سعر صرف عملة الدولار مقابل الشيكل، إذ إن القرار مرتبط بقرارات البنك المركزي الإسرائيلي أو بقوة العملة الأميركية، وهو ما يحدد طبيعة الصرف في البنوك الفلسطينية أو السوق السوداء.

يقول الباحث في الشأن الاقتصادي رائد حلس لـ"العربي الجديد" إن انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الشيكل يرجع إلى ضخ استثمارات كبيرة في إسرائيل من جانب بعض الدول التي طبعت علاقتها بها في الفترة الأخيرة مع أدى إلى تقوية العملة الإسرائيلية.

ويوضح حلس أن "الإمارات ضخت ما يقارب 10 مليارات دولار، عدا عن ارتفاع التعاون الملحوظ من الدول المطبعة على الصعيد الاقتصادي وزيادة معدلات الاستيراد من الاحتلال اقتصادياً وتكنولوجياً".

وبحسب الباحث في الشأن الاقتصادي، فإن انخفاض الدولار في الشهور الأخيرة كان له تأثير على كافة القطاعات الاقتصادية في قطاع غزة خصوصاً، وباقي الأراضي الفلسطينية بشكل عام فيما تبقى معضلة الفلسطينيين في غياب عملة وطنية مستقلة عن الاحتلال.

وخلال السنوات الخمس الأخيرة تراجعت أسعار صرف العملة الأميركية كثيراً أمام الشيكل الإسرائيلي، فبعد أن كانت تتراوح أسعار الصرف بين 380 شيكلاً لكل 100 دولار، تراجعت إلى حواجز متدنية حتى كسرت حاجز 310.

ويشير حلس إلى أن حالة التراجع الحاصلة في سعر الصرف تنعكس بالسلب على التجار، بالإضافة إلى تأثر الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة الأميركية مثل أونروا وموظفي القطاعات الاقتصادية الأخرى والقطاع الخاص.

ويرى أن أكثر القطاعات الاقتصادية تضرراً من تراجع سعر صرف الدولار، هو قطاع الأعمال والإنشاءات إذ إن تحويل مبالغ الدفعات يتم بالعملة الأميركية بمبالغ تم الاتفاق عليها مسبقاً فيما يتم شراء المواد الخام بالعملة الإسرائيلية، وهو ما لا يتلاءم مع المبلغ الذي كانت قيمته مختلفة عند الاتفاق.

وبحسب اتحاد المقاولين الفلسطينيين فإن التقديرات الأولية لقيمة خسائرهم تتراوح بين 50 و60 مليون دولار خلال 2021 نتيجة لفرق العملات، وهو أمر مرشح للزيادة خلال الفترة المقبلة، فيما ارتفعت قيمة أسعار المواد الخام بواقع 30% وهو ما يكبدهم خسائر مضاعفة.

في موازاة ذلك، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي أسامة نوفل، إن حجم النمو في عملة الشيكل أمام الدولار لا يقل عن 20% فقط في 11 شهراً، وهو أمر ينعكس بالسلب على قطاعات اقتصادية كبيرة في القطاع مقابل استفادة محدودة.

وبحسب نوفل في حديث مع "العربي الجديد"، فإنه إلى جانب تضرر قطاع التصدير والمقاولات والموظفين الذين يتقاضون أجورهم بالعملة الأميركية، فإن هناك قرابة مليار دولار مودعة في البنوك للمواطنين على شكل مدخرات وودائع، وتضرر هؤلاء جرار التراجع في أسعار صرف العملات خلال الشهور الأخيرة أمام العملة الإسرائيلية.

ويلفت إلى أن سوق العقارات الذي يعاني من ركود غير مسبوق في الأعوام الأخيرة تضرر بشكل كبير هو الآخر نتيجة انخفاض سعر صرف العملات أمام الشيكل الإسرائيلي، وعدم قدرة أصحاب هذه العقارات على رفع أسعارها لتعويض فارق العملة نظراً للركود الكبير في سوق البيع والشراء.

وتشهد أسواق غزة حالة من الركود القياسي، بفعل تواصل الحصار والارتفاع الملحوظ في أسعار العديد من المواد الغذائية الرئيسية، حيث تتصاعد معدلات الفقر لتطاول أكثر من 80% من السكان الذين يعتمدون على المساعدات الإغاثية المقدمة من الجهات الدولية والمانحة، في حين تخطت نسبة البطالة في صفوف الشباب 68%، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي.

كلمات دلالية