خبر مسألة مجال التوافق / هآرتس

الساعة 10:39 ص|10 ابريل 2009

بقلم: شاؤول ارئيلي

من مهندسي مبادرة جنيف

        (المضمون: أنابوليس مثل اوسلو اوضح مرة اخرى ما هو مجال التوافق المحتمل بين المعتدلين في الجانبين. وشدد مرة اخرى على أن ما يلزم هو قرار لتطبيقه - المصدر).

        هذه هي المرة الثانية في غضون عقد من الزمان نبشر فيها باننا كنا "على مسافة لمسة" (حسب المحامي جلعاد شير) و "على حد شعرة" (حسب رئيس الوزراء المنصرف ايهود اولمرت) عن اتفاق مع الفلسطينيين. مع تبدد اتفاقات اوسلو، بعد مؤتمر كامب ديفيد 2000، سارع ايهود باراك الى الاعلان عن ياسر عرفات "لا شريك"، وفي ختام مسيرة أنابوليس في نهاية 2008 وجه اولمرت اصبع الاتهام نحو ابو مازن. فهل حقا قطع الزعماء الاسرائيليون شوطا طويلا نحو الفلسطنيين الذين هم كانوا من "ارتعدت فرائصهم" في لحظة الحقيقة؟ ام ربما باراك واولمرت هما اللذان سعيا الى شد الفسطينيين الى ما وراء الحدود، بعد ان كانوا في الماضي قد تجاوزوا حلم "فلسطين واحدة" و "حق العودة" الى فكرة الدولتين للشعبين؟

        مع أن المواقف الفلسطينية الاساسية تستند الى القرارات والقوانين الدولية، الا انهم اظهروا استعدادا للمرونة في مجالات عديدة كي يجسروا بين تلك وبين قدرة حكومة في اسرائيل على اقرار اتفاق في ضوء الواقع الاستيطاني في الضفة وفي شرقي القدس.

        عرفات كان يمكنه ان يشرح للجمهور الفلسطيني التنازل عن "الوطن فلسطين"، مقابل دولة على 22 في المائة منها، في أن الشعوب العربية لا تتجند "لاصلاح الظلم التاريخي" الذي يصمم الرواية الفلسطينية، وبالموقف الدولي الذي اعترف بحق الشعب اليهودي بدولة في ارض اسرائيل. ومع ذلك، فقد رأى الفلسطينيون دوما في الاتفاق "صفقة رزمة". بمعنى أنهم اذا اعطوا في مسألة ما فانهم يجب ان يحصلوا في الاخرى.

        اولمرت، على نحو شبه باراك، حاول تحطيم الصيغة التي في اتفاقات السلام بين اسرائيل، مصر والاردن – "كل الاراضي مقابل السلام" – والوصول الى تبادل للاراضي ليس بنسبة 1:1 . واقترح على محمود عباس 4.5 في المائة، مقابل 6 في المائة تلحقها اسرائيل من الضفة، وادعى بان الفارق سيغطى بالرواق من الضفة الى قطاع غزة، والذي رغم وزنه الاقليمي الصغير وحقيقة أنه سيبقى تحت السيادة الاسرائيلية ، الا ان مساهمته للدولة الفلسطينية جوهرية. اما عباس بالمقابل فواق على تبادل للاراضي بقدر اكثر قليلا من 2 في المائة، واصر على نسبة 1:1 ، الذي يحافظ على حجم اسرائيل في حدود 1967. اما الرواق فرأى فيه مرونة اسرائيلية واجبة للمرونة التي يبديها هو. في الجانب الملموس دار الجدال حول "كتلة ارئيل" التي تمتد على طول 21كم شرقي الخط الاخضر. تنازل اسرائيلي هنا سيقلص الفارق الى حد أدنى قابل للجسر.

        بالنسبة لشرقي القدس، اولمرت وعباس اتفقا على تقسيمها حسب المقاييس التي وضعها بيل كلينتون في العام 2000: 200 الف يهودي و 14 حي بنيت خلف الخط الاخضر ستبقى قيد السيادة الاسرائيلية، و 260 الف فلسطيني في 28 قرية وحي سينتقلون الى سيادة فلسطين. وبينما بقي عباس ملتصقا بكلينتون، بمفاوضات طابا وبمبادرة جنيف بالنسبة لتقسيم مشابه للبلدة القديمة، سعى اولمرت الى تأجيل البحث في "الحوض التاريخي" الذي يتضمن البلدة القديمة، جبل صهيون، مدينة داود، جدول كدرون وجبل الزيتون لخمس سنوات. في هذه الفترة تحافظ اسرائيل على سيادتها في الحوض، ولجنة دولية بمشاركة دول عربية مثل السعودية، ستديره وتبلور اقتراحا بالنسبة لمستقبله يطرح على الطرفين.

        في مسألة اللاجئين، رواية "حق العودة" المشحونة جدا ازيحت في صالح حلول عملية، اساسها استيعاب محدود للاجئين وتعويضات. اولمرت رأى في استيعاب 30 الف لاجيء على مدى عشر سنوات حلا يجسر المواقف بين الطرفين، بينما عباس طلب رفع العدد الى مائة الف في ذات الفترة الزمنية.

        مسألة الامن استجيبت بالاساس من خلال تجريد الدولة الفلسطينية من الجيش والسلاح الثقيل، تواجد قوات دولية، ترتيبات خاصة بالنسبة للمجال الجوي وغيرها.

        وبيما رفض عرفات الاقتراحات الاسرائيلية – الامريكية بدعوى انه حتى لو وافق عليها لن يكون بوسعه تمريرها في الجمهور الفلسطيني، الا ان عباس امتنع عن مواصلة المحاولة لتقليص الفجوات من اللحظة التي اصبح فيها اولمرت "حصانا ميتا" بسبب لوائح الاتهام ضده. وتشاور عباس مع كثيرين، الا ان ايا منهم لم يكن مستعدا حتى ان يقدر بان اولمرت سيحظى بتأييد لفني وباراك اذا ما تبلور اتفاق. وخشي هجر حضن الشرعية الدولية في شكل قراري 242 و 338 وغيرها في صالح اتفاق رف تنازل فيه عمليا عن تحقيق حق العودة، وابقى ارئيل في الجانب الاسرائيلي، بينما هذا الاخير لا يمكنه على الاطلاق أن يحقق الاتفاق.

        أنابوليس مثل اوسلو اوضح مرة اخرى ما هو مجال التوافق المحتمل بين المعتدلين في الجانبين. وشدد مرة اخرى على أن ما يلزم هو قرار لتطبيقه.