خبر عبيد كنا / هآرتس

الساعة 10:38 ص|10 ابريل 2009

بقلم: دورون روزنبلوم

        (المضمون: لا نزال نحن العبيد الذين خرجنا من مصر، عبيدا طائعين لانفسنا، لمسلماتنا، لمخاوفنا. في دولة بلا سلام، بلا حدود وبلا سكينة - المصدر).

        في عشية العيد جرى في احتفالات خاصة استقبال "بركة الشمس" – وهو حدث صوفي يقع مرة كل 28 سنة، حين تعود الشمس حسب رواية احد التقاليد اليهودية الى المكان الدقيق الذي خلقت فيه في اليوم الرابع من خلق العالم. ولكن الشمس على ما يبدو ليست حالة مميزة: يكفي النظر على التوالي الى العناوين الرئيسة اليوم وفي الارشيفات كي نفهم، بان اسرائيل ايضا توجد هذا الاسبوع في ذات المكان الذي كانت تقف فيه قبل 28 سنة.

        في العام 1981 ايضا – السنة التي قصف فيها المفاعل العراقي – حام فوقنا ظاهرا تهديد وجودي؛ في حينه ايضا انتصر الليكود في الانتخابات؛ وفي حينه ايضا حلقت طائرات سلاح الجو في طلعات تصوير فوق البقاع اللبناني؛ ثلاث مستوطنات جديدة اقيمت في هضبة الجولان، وغيرها هنا وهناك في يهودا والسامرة والى الكنيست دخل شخص يسمى ميخائيل ايتان – يخرج بالاحرى بالضبط في ذات الزاوية – الشروق، التي دخل فيها الحكومة هذا الاسبوع.

        مع أن من الصعب تشبيه اغتيال انور السادات الذي وقع هو الاخر في ذات السنة، وبين التصريحات الاخيرة لوزير الخارجية الجديد افيغدور ليبرمان – الا ان المخاوف على مستقبل السلام مع مصر تدور هي الاخرى في دائرة متكررة. وبالنسبة للمواقف الرسمية لاسرائيل من الفلسطينيين فانه مع العودة الى الحكم لحكومة ترفض الاعتراف بمبدأ الدولتين للشعبين – من الصعب القول هل عدنا "بالضبط" 28 سنة الى الوراء، ام الى موعد سابق آخر: واضح فقط ان هذا الاسبوع بدأت دورة شمس جديدة، حسب كل المؤشرات ستكون مشابهة لكل سابقاتها. إذن أهلا وسهلا الى صحراء الـ 28 سنة القادمة التي قيض لنا – اذا لم تكن اختراقات صاخبة – ان نعيش من جديد، مع الفلسطينيين وجيراننا، لكل الاخطاء، لكل التأجيلات، لكل الاعاقات والتفويتات لربع القرن السابق.

        يحتمل بالفعل أنه بعد كذا وكذا دورات للشمس سيتبين بان محبي الوضع الراهن السياسي والاقليمي ووجهة النظر الالحاقية – المسيحانية كانوا محقين: بان البؤر الاستيطانية والمستوطنات كانت السور والبرج للامة اليهودية السماوية، التي لم تكن اسرائيل سوى المقدمة لها. ولكن حاليا – لا يبدو أن هذه هي وجهة التاريخ. وحتى في هذه الايام، حين يعود الى الحكم رئيس وزراء وحركة سياسية الارتقاء السياسي للعقد الماضي تجاوزهما، ويلوحان اساسا بعلم العودة الى الوضع الراهن الذي حاولت الخروج منه حكومات سابقة – هما ايضا يترافقان مع ذلك بأمل ان يفاجآ بفعل ابداعي ما، يحث السلام بوسائل اخرى.

        ولكن هل يوجد حتى ولو تلميح بقدرة تغيير كهذه؟ مهما نظرنا سنرى أساسا القيود والسلاسل التي وضعناها حولنا بكلتي يدينا: المفاهيم الامنية التي لا تزال تعلق كل آمالنا على استخدام القوة، حتى لو عاد الينا الضر كالسهم المرتد؛ الموقف الاملائي غير المتناهي تجاه الفلسطينيين ومحاولة اعادة تربيتهم؛ هوس الاستيطان والخوف الكامن من المستوطنين؛ الاحابيل تجاه العملاق الامريكي و "الحرد" الذي نمارسه تجاه نصف العالم؛ انعدام الامن الوجودي والمخاوف الكامنة، التي تجسد نفسها، وتدفعنا لان نتصرف باجواء دائمة من الازمة – بين الحرص السياسي والرد العسكري الزائد – حين تكون المسألة المقلقة لحكوماتنا ليست "ما يمكننا ان نفعله كي نحسن وضعنا"، بل "من أين ستأتي الضربة".

        نكاد نكون بدون خلاف، تحولنا بالتدريج من احرار رسميين – الى عبيد. عبيد طواعية لانفسنا، مسلماتنا ومخاوفنا.

        سيكون من الساذج بمكان اتهام اسرائيل بكل الاخطاء والتفويتات للفرص او عزوها فقط الى الجناح السياسي المحافظ – الالحاقي. ناهيك عن ان محاولات الخروج عن المعروف والمقبول – اوسلو، فك الارتباط – اصطدمت بالثكل وبالفشل. ومع ذلك، محظور علينا ان تغرينا العودة الى الوضعية الجنينية للقصور الذاتي والجمود، والتي ثمنها المتراكم بالثكل والفشل اكبر بأضعاف.

        عندما قرأنا عن جيل الصحراء الذي خرج من مصر وتنقل لاربعين سنة فيها، يبدو الامر كعقوبة وحشية وثقيلة على الحمل. غير أنه مع الزمن لم نصبح نحن ايضا جيل صحراء واحد فقط بل جيلين – ثلاثة في دولة بلا سلام، بلا حدود وبلا سكينة، مع فرص تنديد لستين سنة اخرى (ودون العلاوة التي كانت لابناء اسرائيل في الصحراء: الامل في أن تكون أرض الميعاد توجد أمامهم وليس خلفهم). لعلنا نصحوا حين نفهم بان "اهل الصحراء" هم نحن.