"زقاق الموت".. عملية نوعية أذهلت جيشاً بأكمله وزلزلت أركانه

الساعة 10:31 ص|15 نوفمبر 2021

فلسطين اليوم

يصادف اليوم الاثنين 11/15 ذكرى عملية وادي النصارى، "زقاق الموت" التي وجّهت صفعة قوية لحكومة اليمين الصهيوني المتطرف في بداية تسلّمها لمهامها، ووجّهت لها رسالة مفادها بأن المقاومة الفلسطينية عصيّة على الانكسار، والتي نفذها مجاهدي سرايا القدس في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة عام 2002، والتي قتل فيها (12) ضابطاً وجندياً صهيونياً من بينهم القائد العسكري الصهيوني في منطقة الخليل وهو برتبة عميد، وإصابة (15) آخرين.

وتأتي ذكرى هذه العملية بالتزامن مع الذكرى السنوية الثانية لمعركة صيحة الفجر التي خاضتها سرايا القدس وفصائل المقاومة بكل قوة واقتدار، رداً على العدوان الصهيوني ضد أهلنا في قطاع غزة، والذي بدأ اغتيال القائد الكبير بهاء أبو العطا وزوجته في منزلهم، ومحاولة اغتيال القائد الكبير أكرم العجوري في سوريا والتي أدت لاستشهاد نجله ومرافقه.

تفاصيل العملية

فقد استطاع الأبطال الثلاثة، أبناء سرايا القدس، "ولاء سرور وأكرم الهنيني، ودياب المحتسب أن يصنعوا "جحيماً"، حسب الوصف الصهيوني عندما نفذوا واحدة من أشد العمليات الفلسطينية دقة وحسن تخطيط. وتمكنوا من زعزعة أمن الاحتلال والاستيطان في منطقة هي الأشد حراسة في الأراضي الفلسطينية، أي في "الحي اليهودي" القريب من منطقة أبو سنينة الخاضعة للسيطرة الصهيونية، واستطاعوا شن هجوم فاجأ الصهاينة على نطاق واسع ودفعهم خلال ساعات للحديث عن "حرب حقيقية" تخيلوا فيها النيران "من كل الاتجاهات".

وقد أجمعت المصادر الصهيونية على أن الكمين كان مدبراً بشكل بالغ الدقة، وقد اختار المهاجمون البدء أولا بإطلاق النار على مسيرة اعتيادية استفزازية لمجموعة من مستوطني "كريات أربع" باتجاه الحرم الإبراهيمي ليلة السبت، وفي العادة ترافق هذه المجموعة قوة كبيرة من الجيش وحرس الحدود، ولأن هذه المسيرة تجري تحت حراسة مشددة جرى الاعتبار ان البدء بها يتيح للمهاجمين تضليل القوات الصهيونية واستهدافها في موضع آخر.

واختير لذلك معسكر الجيش الواقع على الطريق المؤدية من الخليل الى مستوطنة "كريات أربع"، حيث تدفع قوات العدو حال وصول بلاغ عن عملية بتعزيزات لتطويق المنطقة المستهدفة، وهكذا كان الهدف الرئيسي من العملية قوة الإسناد، التي انطلقت من معسكر الجيش قبل ان تكون متأهبة، وفي الموضع الذي لم تكن تتوقعه، واستهدف الهجوم وحدة القيادة من اللحظة الأولى.

وبعد أن فتحت النار باتجاه مجموعة المستوطنين وحراسهم ابتدأ الاشتباك الأولي الذي سرعان ما تمدد نحو الاشتباك الجوهري مع قوة الإسناد، واستهدف المنفذون قوة الإسناد بالقنابل اليدوية والرشاشات إضافة الى رصاص القناصة.

ووصفت المصادر العسكرية الصهيونية الكمين الذي نصب لقوة الإسناد بأنه "جحيم" حقيقي. وفي هذا "الجحيم" وقعت أغلب إصابات الجنود وفي مقدمتهم مقتل قائد لواء الخليل، العميد درور فاينبرغ.

وأظهر المجاهدون في العملية إضافة الى الدقة في التخطيط جرأة كبيرة في التنفيذ. إذ أفادت المعلومات بأن كل الاشتباكات جرت من مواقع قريبة اعتمد فيها المجاهدون ليس فقط على إطلاق النار والقنابل وحسب، وإنما على الهجوم كذلك.

وفي لحظة من لحظات المعركة اعترف ناطق عسكري صهيوني باحتلال المجاهدين موقعاً عسكرياً صهيونياً قبل أن تبدأ الطائرات والدبابات الصهيونية باستخدام قذائفها لحسم المعركة التي استمرت بشكل متحرك في البداية ما لا يقل عن ساعتين من الزمن قبل أن تنحسر نحو التحول الى معركة قلاع إثر تخندق المجاهدين في عدد من البيوت.

ووصف أحد الجرحى لإذاعة الجيش الصهيوني ما جرى بقوله: "فجأة رأينا النيران من كل الاتجاهات، نيرانا من اليمين ومن اليسار، ومن كل حدب وصوب، لم أعرف إلى أين أتجه، استلقيت أرضا، ثمة مصابون هنا بجروح بليغة، إنهم ينفذون مجزرة، وهم يعرفون بالضبط كل ما نفعله".

ووصف المراسل العسكري للتلفزيون الصهيوني الكمين بأنه "مخطط بدقة لتنفيذه على المحور الرئيسي بين كريات أربع والحرم الإبراهيمي". واضطر من يسمى قائد المنطقة الوسطى الجنرال موشيه كابلينسكي الى الوصول الى المنطقة وتولى سوية مع قائد الفرقة قيادة القوات الصهيونية العاملة في مدينة الخليل.

استهداف الجنود

وأكدت ناطقة باسم الجيش الصهيوني عقب العملية أن الهجوم لم يكن يستهدف المصلين العائدين من الحرم الإبراهيمي أساساً، وإنّما العسكريين المرافقين لهم.

وقالت المتحدثة في تصريحات لها:" إن الأشخاص الذين استهدفهم إطلاق النار (من جانب الفلسطينيين) يدفع للاستنتاج بأن المصلين لم يكونوا الهدف من الهجوم".

وأشارت إلى أن خمسة مما يسمى "حرس الحدود" وأربعة جنود هم من بين القتلى ومن بينهم قائد الجيش في منطقة الخليل العقيد "درور فاينبرغ" (38عاماً) وهو الضابط الأعلى رتبة الذي يقتل خلال انتفاضة الأقصى، وعرف من بين القتلى من حرس الحدود: وتومير نوف (19 عاماً) وغاد رحاميم (19 عاماً) وناتانيل محلوف (19 عاماً) ويشاياهو دافيدوف (20 عاماً) وسميح سويدان (31عاماً)، ومن بين الجنود لم يكشف الجيش في حينها إلا عن هوية ايغورد روفيتسكي  (20 عاماً) المنحدر من نهاريا.

تبني العملية

وأعلن الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين آنذاك الدكتور الراحل رمضان عبد الله شلح في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية مسؤولية سرايا القدس الجناح العسكري للحركة عن العملية.

كما أكد الدكتور الراحل رمضان شلح في حديث عبر الهاتف مع محطة المنار الفضائية في حينه، تعليقاً على العملية «الرسالة واضحة والعملية تستهدف الجيش والمستوطنين بالتحديد وهي تقول أنه طالما هناك احتلال واستيطان وعدوان متواصل على الشعب الفلسطيني فالمقاومة مستمرة بكل الوسائل والأشكال وفي كل مكان وهذه المقاومة مشروعة ولا يستطيع أحد في العالم أن يناقش مشروعيتها».

وأضاف «لقد أثبتت حركة الجهاد الاسلامي ومجاهدوها الابطال قدرة المقاومة على تطوير نفسها وعلى مفاجأة العدو في المكان والزمان والأسلوب، وأن العدو عندما يغتال قائداً أو كادراً هنا أو هناك فهو لا يستطيع أن ينهي مشروع المقاومة لأنه مشروع شعب بأكمله ومشروع أمة بأكملها».

وتابع الراحل شلح أن العدو الصهيوني عندما يجتاح مدينة نابلس أو جنين ويعتقد أن هذه المناطق تختصر الشعب الفلسطيني، وبحصاره لها يمكن أن ينهي المقاومة، فهو واهم وعليه أن يراجع حساباته».

وقال:« اليوم الشعب الفلسطيني والمجاهدون في الخليل قالوا للعالم كله أن هناك لغة غير لغة الاستجداء وغير لغة التوسل للالتفات لنا وللنظر إلى حقوقنا ومطالبنا وما يتعرض له أطفالنا وأهلنا».

ولفت إلى أن المجاهدون قالوا بلغة واضحة وقوية أن هناك لغة أخرى وهي لغة المقاومة ولغة الدم والرصاص وهذا هو الطريق الصحيح الذي سلكته كل الشعوب الحرة ويصر الشعب الفلسطيني على سلوكه بمجاهديه واستشهادييه وبإرادته.

كلمات دلالية