17 عاماً على رحيل عرفات..قاتله حرٌ طليق وأزماتٌ حاصرت القضية وسط خذلان مقيت

الساعة 08:39 ص|11 نوفمبر 2021

فلسطين اليوم

يُحيي الفلسطينيون، اليوم الخميس 11/11/2021، الذكرى الـ17 لرحيل  ياسر عرفات، الذي استشهد في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 عن عمر ناهز 75 عاماً، في مستشفى "كلامار" العسكري بالعاصمة الفرنسية باريس ، وسط حالة فلسطينية مزقها الانقسام داخلياً، وأنهكتها الاعتداءات "الإسرائيلية" في القدس والداخل والضفة وغزة التي وجدت ضالتها بالمقاومة فقط لإنتزاع حقها رغماً عن أنف الاحتلال .

الثوابت التي طالما حافظ عليها الراحل عرفات سابقاً كغيره من القادة السابقين الشهداء فتحي الشقاقي وأحمد ياسين وأبو علي مصطفى وغيرهم كانت ارثاً لازال قائماً ، ووجد ضالته خلال هذه الأيام في ظل الخذلان العربي المهرول للتطبيع ، فالمقاومة الفريدة في السجون "الاسرائيلية" التي تدور رحاها داخل السجون مدعومة بالمقاومة الغزية وصمود المقدسيين ، وإصرار شباب الضفة على إنتزاع ما سرقه الاحتلال .

ورغم مرور سنوات طويلة، على استشهاده، إلا أن عرفات ما زال حاضراً في تفاصيل المشهد الفلسطيني، حيث يعتبره الكثيرون، الأب الروحي لقضيتهم الوطنية.

واستشهد الزعيم الفلسطيني إثر تدهور سريع في حالته الصحية، في ظل حصاره لعدة أشهر من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقر الرئاسة (المقاطعة) بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية.

ويتهم الفلسطينيون "إسرائيل" بقتل عرفات بواسطة "السُم"، وشكلت القيادة لجنة تحقيق رسمية في ملابسات وفاته، لكنها لم تعلن حتى الآن نتائج واضحة .

وفي 25 نوفمبر 2012، أخذ خبراء روس وفرنسيون وسويسريون عينات من جثمان عرفات، بعد فتح ضريحه في رام الله، لفحص سبب الوفاة، ورغم وجود غاز "الرادون" المشع في العينات، إلا أن الخبراء استبعدوا فرضية الاغتيال.

لكنّ معهد "لوزان السويسري" للتحاليل الإشعاعية كشف في تحقيق بثته قناة "الجزيرة" القطرية عام 2012، وجود "بولونيوم مشع" في رفات عرفات، وسط تقديرات بأنه مات مسموما بهذه المادة.

لجنة تحقيق غائبة

د. عماد محسن الناطق باسم تيار الاصلاح "الديمقراطي" بحركة فتح : قال في الذكرى ال17 لإستشهاد الراحل ياسر عرفات" لا زلنا ننتظر ظهور نتائج حقيقة الجريمة التي أدت لاستشهاد الراحل ياسر عرفات، موضحاً ان الكل الفلسطيني يعرف أن المحتل "الاسرائيلي" هو من يقف خلف عملية اغتيال عرفات، ولكن أداة التنفيذ ما زالت مجهولة ومهمة القضاء الفلسطيني ولجان التحقيق كشفها.

وتابع محسن " شُكلت لجنة تحقيق فلسطينية بعد أعوام للأسف على استشهاده وحتى يومنا هذا ولم نصل للجمهور الفلسطيني صاحب الحق بمعرفة من قاتل زعيمه الراحل عرفات  ، وسط مطالبات على المستوى المحلي والإقليمي والعربي والدولي لكشف أسرار عملية اغتياله.

 ومن جانبه قال د. إيهاب أبو زيد القيادي في تيار الإصلاح "الديمقراطي" بحركة فتح، في الذكرى ال17 لاستشهاد الراحل ياسر عرفات ان الشهيد بلا شك قُتل بالسم كما أقرت لجنة التحقيق ولكن من الذي وضع له السم وكيف، ومن كان عونا للاحتلال بقتله وما هي دوافعه.

 واعتبر ان لجنة التحقيق غابت لسنوات ولم نشعر بوجودها، ومع تجدد الذكرى السنوية لاستشهاده يبدأ الحديث بأنها ما زالت تواصل تحقيقاتها وهناك تسويف واضح لعمل هذه اللجنة التي لم تقم بدورها.

وأوضح "مع كل عام من ذكرى استشهاد الراحل ياسر عرفات تتجدد التساؤلات حول من قتل عرفات وإلى أين وصل التحقيق في الكشف عن القتلة" ، معتبراً ان التوقيت الزمني لعمل اللجنة يقتل الدواعي التي يمكن أن تساعد في الكشف عن هوية القتلة.

وشدد :"لا يوجد من يراقب عمل هذه اللجنة وليس لها تقارير دورية ولا مجلس تشريعي تُقدم له التقارير" ، معتبراً  ان لجنة التحقيق ليست حكومية، وإنما هي لجنة شُكلت بقرار من "الرئيس" محمود عباس ولم يوجد لها أي توقيت زمني للانتهاء من تحقيقاتها.

بداية عرفات

ولد ياسر عرفات في القدس في 4 أغسطس/آب 1929، واسمه بالكامل "محمد ياسر عبد الرؤوف القدوة"؛ غير أنه حمل اسم "ياسر عرفات".

بدأت مسيرته السياسية بانتخابه عام 1952، رئيسا لاتحاد الطلاب الفلسطينيين في العاصمة المصرية القاهرة، ثم أسس مع عدد من رفاقه حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في أكتوبر/ تشرين الأول 1959.

وأعلن رسميا عن انطلاق الحركة، مطلع يناير/ كانون الثاني 1965، غداة تنفيذ أول عملياتها المسلحة، حين فجر عناصرها نفقا داخل "إسرائيل"، ما أصاب جنديين إسرائيليين بجراح.

برز نجم عرفات، عقب انتخابه في 3 فبراير/ شباط 1969، رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي أعلنت أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

أسس عرفات قواعد لحركة "فتح" في الأردن، لكن تواجده هناك، لم يستمر حيث غادرها عام 1971، متوجها إلى لبنان، بسبب اندلاع القتال بين قواته والجيش الأردني.

وفي لبنان أسس مقر قيادة في بيروت الغربية و"قواعد" في الجنوب اللبناني، المحاذي لشمال إسرائيل.

وفي العام 1982، اجتاح الجيش الإسرائيلي لبنان، في عملية هدفت إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية.

وبعد الاجتياح الإسرائيلي، أُجبرت القيادة الفلسطينية بزعامة عرفات، على مغادرة بيروت إلى تونس مع عدد كبير من جنودها، بينما غادر آلاف المقاتلين الآخرين إلى شتى البلدان العربية.

النشاط السياسي

تطورت مواقف عرفات السياسية، خلال سنوات قيادته لمنظمة التحرير، حيث انتقلت من هدف "إبادة دولة إسرائيل" وتحرير كامل أراضي فلسطين التاريخية، إلى قبول إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، وهي الضفة وغزة، مع الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.

وفي مطلع تسعينات القرن الماضي، انخرطت "إسرائيل" ومنظمة التحرير في مفاوضات سرية، أسفرت عام 1993 عن اتفاقيات أوسلو للسلام.

وبموجب الاتفاقيات أعلن عرفات، بوصفه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الاعتراف رسميا بإسرائيل، في رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، إسحاق رابين.

في المقابل، اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وفي إطار اتفاقيات أوسلو تمت إقامة سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية الحالية.

العودة إلى الوطن

في 1 يوليو/تموز 1994، عاد عرفات مع أفراد القيادة الفلسطينية، إلى قطاع غزة، والتزم آنذاك بإيقاف الأعمال المسلحة ضد إسرائيل، ونبذ ما تطلق عليه إسرائيل "الإرهاب".

وفي يوليو/ تموز 2000، التقى عرفات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، إيهود باراك، في كامب ديفيد، تحت إشراف الرئيس الأمريكي حينها، بيل كلينتون، بهدف التوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية.

لكن عرفات رفض القبول بالحل المطروح، واعتبره منقوصا، ولا يلبي طموح الفلسطينيين.

** حصار إسرائيلي

ومع اندلاع انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية)، في سبتمبر/ أيلول 2000، اتهمت إسرائيل عرفات، بالتحريض على أعمال العنف.

وفي 29 مارس/آذار 2002، حاصرت القوات الإسرائيلية عرفات داخل مقره بالمقاطعة مع 480 من مرافقيه ورجال الشرطة الفلسطينية.

دمرت الدبابات الإسرائيلية أجزاء من مقر القيادة الفلسطينية، ومنعته من السفر لحضور القمة العربية في بيروت عام 2002، ومن المشاركة في أعياد الميلاد بمدينة بيت لحم (جنوبي الضفة).

وتحت الحصار، تدهورت الحالة الصحية لرئيس السلطة الفلسطينية أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2004، فتم نقله بطائرة مروحية إلى الأردن، ثم أقلته أخرى إلى مستشفى في فرنسا يوم 29 من الشهر نفسه، بعد تدخل الرئيس الفرنسي حينها، جاك شيراك.

ورسميا، أعلنت السلطة الفلسطينية، في 11 نوفمبر 2004، وفاة عرفات.

ودُفن الزعيم الفلسطيني، في مبنى المقاطعة برام الله، بعد أن رفضت إسرائيل أن يُدفن في مسقط رأسه القدس كما كانت رغبته قبل وفاته.

 

 

كلمات دلالية