خبر ما الذي تغير -إسرائيل اليوم

الساعة 08:25 ص|08 ابريل 2009

بقلم: الحاخام حاييم شاين

 (المضمون: شعب اسرائيل حقق حريته المادية من خلال عودته للارض الموعودة ولكن امامه تحد الوصول للحرية الروحانية التي لم يصل اليها بعد - المصدر).

غدا سنحتفل بعشاء عيد الفصح. سنقرأ الاسطورة ونؤدي واجباتنا معلمين اولادنا تقاليد شعبنا وتراثه. الاولاد سيسألون ما الذي تغير؟ ونحن الكبار سنرد قائلين بان شيئا لم يتغير. في كل جيل وجيل يقوم الاعداء علينا الا ان الرب في السماء ينقذنا وفقا لخطته العجيبة. سنحدثهم عن الابناء الاربعة، الذكي والشرير والساذج والذي لا يعرف حتى كيف يسأل. كلهم ابناء شعبنا واحفاد ابراهيم واسحاق ويعقوب، مرتبطين معا بتحالف التزاوج بين الاباء وامهات الامة. تحالفا عقد بين الاجزاء المقطعة الاوصال وقادنا عبر جهاز الـ جي.بي .اس على امتداد درب متعرج يمتد الى الاف السنين.   

عشية عيد الفصح التي هي الليلة التي تسير وفق برنامج محدد وكأننا امام مسرحية معدة مسبقا، سنستعيد استذكار اعاجيب الخروج من مصر وكيف انشق البحر الابيض المتوسط الى نصفين. معجزات رائعة بلورت وعينا كشعب واقع تحت الرعاية الدائمة لخالق هذا العالم. هذه الرعاية التي كلفت شعبنا ثمنا باهظا عبر الاف السنين في عمق التاريخ. التاريخ هو كما نعلم مسيرة الجنون والقسوة الذي يحملها الجنس البشري في طبعه. نحن شربنا الكأس كله من سموم التاريخ. وما زلنا وضد كل الاحتمالات نحمل بعبقرية رسالتنا الى الامم والشعوب. رسالة مؤلمة تستوجب اخلاقا وضميرا اجتماعيا بروحية انبياء اسرائيل، الى عالم عنيف وظلامي تسيطر فيه القوة والعنف والجشع.

الخروج من العبودية الى الحرية ومن الظلام الى النور ومن الارتهان الى الخلاص يستوجب فترة تكيف وتعود. السجين الذي يخرج للحرية بعد سنوات سجنه الطويلة يسير بخطوات متعثرة مترددة ولا يستطيع ان يفتح عيونه امام الضوء الساطع وقلبه يمتلىء خوفا مما ينتظره في الخارج. عادة المكوث في السجن اقوى بالنسبة اليه من الغموض الذي تنطوي عليه حياة الحرية. الخارجون من مصر اضطروا للتوهان في الصحراء اربعين عاما قبل دخولهم للارض الموعودة، هذه الارض التي يتمكنون من تحقيق حريتهم فيها بصورة كاملة.

الكثيرون من الخارجين من مصر بما فيهم قادتهم ماتوا خلال الرحلة. هم لم يتمكنوا من استيعاب مغزى الحرية بعد سنوات من العبودية. الحرية ليست فقط تعبيرا عن واقع مادي لا يخضع فيه انسان او شعب لطرف اخر. الحرية هي وضع نفسي سيكولوجي يقوم على الاستعدادية لتحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الصعبة التي تتعلق بوجود الافراد والشعب. العبودية هي موقف روحي – بامكان الانسان ان يكون عبدا من دون ان يكون له سيد.

بعد اقامة الدولة اضفي على عيد الفصح مغزى جديدا. نحن نعيش كاحرار في الوطن الذي عدنا اليه بعد الاف السنين من الهجرة والشتات. اعجوبة الاستقلال كانت مغايرة لمعجزة الخلاص من مصر. عملية الخروج من مصر ساعدت شعب اسرائيل باجتياز البحر والمعجزات كانت واضحة لان كل طفل استطاع ان يشير اليها وان يقول هذا ما يحدث. الملايين رأت كشهود اوفياء كيف انفلق البحر الى نصفين عندما كانوا يمرون من فوقه باتجاه اليابسة. مع قيام ونهوض اسرائيل اليوم لم تكن هناك اعاجيب جلية واضحة وانما كانت هناك خطوات خفية واحيانا غير مفهومة. حروب شديدة ضارية حصدت عشرات الاف القتلى وقبل ذلك ابيد ملايين اليهود في اوروبا. الحرية هي مذبح عملاق يحتاج الى قرابين تقدم اليه.

اقامة دولة اسرائيل منحت الحرية المادية والجسدية لكل يهودي كائنا من كان، ولكنها لم توفر الحرية الروحانية التي لم نصل اليها بعد. معايير السلوك في المهاجر التي اعتدنا عليها طوال الاف السنين ما زالت مستشرية متجذرة في نفوسنا ولم نشف منها بعد. في جوهر هذه العادات رغبة غريبة في نيل رضى الجميع وارضائهم وكأن حياتنا تعتمد على رضا اولئك الذين يهددون وجودنا. كلما سارعنا الى الخلاص من عبء الشتات ونفسيته، تمكنا من تجسيد حريتنا واحلامنا الوطنية.

مناحيم بيغن رحمه الله قال في كتابه "التمرد" انه "ليست هناك قوة اكبر من قوة التضحية كما لا يوجد حب اعمق من حب الحرية". وجود قوة التضحية في نفوسنا مسألة قد اثبتناها والان علينا ان نبرهن للجميع عن قدرتنا على تحقيق حبنا لحريتنا الذي يكمن في النفوس. يحذونا الامل فقط بأن تتمكن حكومة اسرائيل الجديدة التي اقيمت في ايام عيد الفصح ويوم الاستقلال هذه من ادارة مسيرة المجتمع في اسرائيل نحو الادراك والوعي لحريتنا الروحانية. هذا الوعي مطلوب في ظل احتياجات الحاضر وتحديات المستقبل.