خبر الحوار الفلسطيني بالقاهرة بين ثوابت حماس وواجباتها ...اشرف ابو الهول

الساعة 06:11 ص|08 ابريل 2009

 

الأهرام المصرية

 احتضنت القاهرة الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني في ظل معطيات فريدة تتعلق بالتباس الوضع في قطاع غزة والانقسامات الداخلية‏,‏ وهوما يجب فهمه وتجاوزه من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني‏.‏

 

إن تلبية احتياجات المواطنين في غزة فرض عين خاصة إذا كانت هناك امكانية لعدم تعارض الواجبات مع الثوابت وهذا ماحدث بالفعل عندما منح الوزير عمر سليمان لحماس الحق في المفاضلة بين الاشتراك في حكومة تلبي احتياجات الناس وتلتزم بما التزمت به منظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي تتعارض مع ثوابت حركة حماس كما يؤكد قادتها‏,‏ وبين عدم المشاركة والبقاء كحركة مقاومة تمسكا بالثوابت‏,‏ وفي نفس الوقت ضمان قيام هذه الحكومة بتنفيذ كل ما يتفق عليه في حوار القاهرة من بنود تتعلق باجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية واصلاح أجهزة الأمن وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية وتحقيق المصالحة‏.‏

 

إن ماحدث في الجولة الأولي من الحوار الوطني الفلسطيني بالقاهرة هو أن مصر تركت الفصائل الفلسطينية تجلس معا لمدة عشرة ايام لتسوية خلافاتها سواء عن طريق اللجان الخمس المتخصصة وهي‏:‏الأمن والحكومة والانتخابات والمنظمة والمصالحة او عن طريق لجنة التوجيه العليا التي تضم قيادات التنظبمات ومصر‏,‏ بينما ذهب الوزير عمر سليمان إلي الولايات المتحدة ووزير الخارجية أحمد أبوالغيط إلي أوروبا لاقناع العالم بمباركة أي اتفاق مصالحة داخلية فلسطينية يتم التوصل اليه‏.‏

 

وافرزت تلك الجولة من الحوار الفلسطيني والتي اقتصر دور مصر فيها علي المراقبة والمتابعة وتهيئة الأجواء اتفاقا بين كافة الفصائل علي معظم القضايا محل النقاش لتتبقي اربع نقاط فقط اختلفت عليها حركتا فتح وحماس أولاها تشكيل الأجهزة الأمنية وثانيتها البرنامج السياسي للحكومة المقبلة وثالثتها مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية ورابعتها شكل التصويت في الانتخابات المقبلة وما اذاكان سيتم بطريفة التمثيل النسبي الكامل أم الدوائر أوالنظام المختلط وهنا قررت مصر تأجيل مناقشة هذه النقاط الخلافية الأربع إلي مرحلة ثانية لتكون كذلك قد اتضحت مواقف العالم الخارجي وخاصة الولايات المتحدة التي كان الوزير عمر سليمان يزورها لمعرفة رأي ادارة الرئيس الجديد باراك أوباما والتي ورثت مجبرة سياسة متعنتة تجاة الفلسطينيين من ادارة جورج بوش‏.‏

 

ولأن القضايا العالقة كانت تخص حماس وفتح وحدهما لذا رأت مصر وأيدها الجميع في ذلك ان تبدا الجولة الثانية من الحوار بمشاركة الفصيلين وحدهما علي أن تلحق بهما الفصائل الأخري عندما تلين مواقفهما وبالفعل بدأت الجولة الثانية في الأول من أبريل الحالي بلقاء ثنائي بين فتح وحماس ناقشا فيه علي مدي‏12‏ ساعة تقريبا المسائل المختلف عليها وهي تشكيل الأجهزة الأمنية والبرنامج السياسي للحكومة المقبلة ومرجعية منظمة التحرير الفلسطينية وشكل التصويت في الانتخابات المقبلة وما اذاكان سيتم بطريقة التمثيل النسبي الكامل أم الدوائر أوالنظام المختلط ولكن المحصلة لاشيء‏.‏ وبالتالي كان ضروريا أن تتدخل مصر وللمرة الأولي‏.‏ وفي الثاني من ابريل الحالي اجتمع الوزير عمر سليمان مع قادة فتح وحماس المتواجدين بالقاهرة حيث استمع منهم أولا إلي مواقف الحركتين من النقاط المتبقية قبل أن يتحدث معهم عن نتائج زيارته إلي واشنطن حيث أبلغهم بأن الادارة الأمريكية الجديدة لاتستطيع طرح تصور جديد للوضع في الشرق الأوسط قبل مرور ستة شهور علي الأقل ولكن الشيء الايجابي ان تلك الادارة ليس لديها تحفظ علي مشاركة أي شخص في الحكومة المقبلة إذا التزمت هذه الحكومة بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير‏.‏

 

وفيما يتعلق بمسألة المرجعية اكد عمر سليمان أن مصر تري انه لامرجعية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية خاصة أن مسألة اصلاح المنظمة مسألة وقت ومن حق حركتي حماس والجهاد الاسلامي الانضمام اليها وهومايعني عمليا رفض مطلب حماس بتشكيل مرجعية مؤقتة بديلة للمنظمة لأن ذلك يتعارض مع الاجماع العربي والدولي علي أن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ويفتح الباب لتنصل العالم من التزاماته بهذا الخصوص‏.‏

 

وبالنسبة للنقطة العالقة الثالثة وهي مسألة نظام التصويت أوضح سليمان أنه يمكن التوافق علي الجمع بين نظام التمثيل النسبي والدوائر بنسبة‏70%‏ إلي‏30%‏ وبالتالي لاستجابة لمخاوف حماس من اجراء الانتخابات بنظام التمثيل النسبي الكامل أما بالنسبة للنقطة الرابعة فاشار الوزير إلي امكانية تشكيل قوة أمنية مشتركة تستوعب عناصر من القوة الأمنية القديمة للسلطة والجديدة لحماس تحت أشراف لجنة أمنية تشارك فيها مصر

 

معتبرا أن التفاصيل حول هذا الموضوع مثلها مثل مسألة اسلوب التصويت لن تشكل عائقا امام المصالحة وهذا الحل يمثل نقطة التقاءبين مطالب حماس بالإبقاء الكامل علي اجهزة الأمن التي شكلتها وضم بعض عناصر الأجهزة القديمة حسب الحاجة وبالتدريج ومطلب فتح بالعودة الكاملة للقوات التي كانت موجودة قبل سيطرة حماس في يونيو‏2007.‏

 

وطبقا لكلام الوزير عمر سليمان فإن نقطتي المرجعية والبرنامج السياسي للحكومة هما العائق الاساسي فلابديل عن اعتبار المنظمة هي المرجعية الوحيدة مع البدء فورا في اصلاحها ولابديل عن وجود برنامج سياسي للحكومة يقبله العالم وذلك لسبب بسيط هوأن اسرائيل لن ترفع الحصار بدون هذا البرنامج وكذلك وهوالأهم فان دول العالم لن تشارك في إعادة إعمار غزة بدون وجود حكومة مقبولة دوليا‏.‏

 

وحتي يضع الوزير عمر سليمان النقاط فوق الحروف فقد طلب من حماس المفاضلة بين المشاركة في حكومة تلتزم بمرجعية منظمة التحرير وتقبل بالتزامات الرباعية الدولية لتضمن رفع الحصار وتدشين عملية إعادة الأعمار اوالبقاء كحركة مقاومة خارج الحكومة مع تنفيذ كافة النقاط التي يتم الاتفاق عليها في الحوار الحالي وان تقوم لجنة مشكلة من الفصائل بما فيها حماس ولكنها ليست ذات سلطة أعلي من الحكومة بمتابعة تنفيذ تلك الاتفاقات موضحا أنه لوكانت تلك اللجنة ذات سلطة أقوي من الحكومة فان العالم قد يعتبرها التفافا علي قرارات الرباعية الدولية وبناء عليه طلب الوفد مهلة ثلاثة اسابيع للعودة إلي بقية قيادات الفصيلين والتشاور معهم قبل الرد علي المقترحات الجديدة والتي وصفها الدكتور نبيل شعث القيادي في فتح بأنها خلاقة‏.‏

 

إن أي قراءة متأنية لمقترحات الوزير عمر سليمان تؤكد أنها خلاقة لأنها تستجيب لمطالب حماس بخصوص طريقة التصويت في الانتخابات وتمنحها فرصة إعادة هيكلة أجهزة الأمن مع الأخذ في الأعتبار أن الكلمة العليا للحركة علي المستوي الأمني في غزة تظل موجودة مادامت كتائب القسام موجودة ولم تمس وبالتالي فلا خوف من عودة كل أو بعض عناصر أجهزة الأمن السابقة‏.‏

 

وتلبي مقترحات الوزير ايضا المطالب بإعادةهيكلة منظمة التحرير الفلسطينية للسماح بضم حماس والجهاد اليها ولكن مع الحفاظ علي مرجعية المنظمة خاصة أن إعادة الهيكلة ستبدأ فور الأتفاق وستصل إلي ذروتها مع أجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في يناير المقبل لأنها ستتزامن مع أجراء انتخابات للمجلس الوطني‏(‏ برلمان الفلسطينيين في العالم‏)‏ وباعادة تشكيل المجلس الوطني ستصبح الفرصة مواتية لإعادة تشكيل اللجنة التنفيذية للمنظمة وكافة الأطر الأخري واجراء التعديلات المقترحة علي مواثيقها‏.‏

 

وبالنسبة للنقطة الأخيرة والخاصة بالبرنامج السياسي للحكومة فقد تم اقتراح المفاضلة بين المشاركة في حكومة تلتزم بشروط الرباعية أوالبقاء خارج الحكومة مع التواجد في اللجنة التي ستتابع تنفيذ كافة بنود الاتفاق التي سيتم التوصل اليها وبالتالي الحفاظ علي ثوابت الحركة مع تنفيذ واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني الأسير خاصة في غزة التي تحتاج البدء في عملية إعادة الإعمار علاوة عي حرمان حكومة نتنياهو ليبرمان العدوانية في تل أبيب من أي مبرر لاستكمال مهمة تدمير القطاع‏.‏

 

عن الاهرام