خبر الشرطي الطيب والشرطي السيء

الساعة 08:09 ص|07 ابريل 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

شاهدنا ما يكفي من افلام الاثارة حتى نعرف مبدأ الشرطي الطيب والشرطي السيء. هذا يعني ان الشرطي الطيب لا يكون طيبا بالضرورة وان الشرطي السيء لا يكون كذلك لاحقا. هذا تقاسم وظيفي بين الاثنين ومتفق عليه سلفا من اجل كسر عزيمة المتهم خلال التحقيق. ظهور افيغدور ليبرمان مع مكانه وزير الخارجية بدى مثيرا للتهديد. هذا يعود جزئيا لما قاله وصرح به والجزء الاخر بسبب مظهره.

معتقداته لا تتلاءم تماما مع المتوقع من وزير الخارجية الاسرائيلي في هذه الاونة. هو لا يعترف بانابوليس وهو ضد التنازلات عن مناطق وعندما نضم ذلك الى تمنيه لمبارك بأن يذهب للجحيم والتهديد بقصف سد اسوان، يطرح السؤال هل هذا موقف الحكومة الجديدة؟ وهل كان ما صرح به منسقا مع بيبي؟

وفقا لتصريحات بيبي – من الصعب اعطاء جواب قاطع على هذه المسألة. لان بيبي كان قد قال بأن حكومته ملتزمة بكل الاتفاقيات التي عقدتها الحكومات السابقة بما فيها انابوليس وخريطة الطريق. فهل كانت التصريحات المتناقضة منسقة فيما بينهما. ان كان الجواب بالنفي – فلماذا لا يدعو نتنياهو وزير خارجيته للانضباط الائتلافي ولا يقول له انه يتسبب بالضرر الفادح لاسرائيل؟ وان كان بيبي صامتا فهل هذا دليل على انه موافق على ما يحدث او الاسوأ من ذلك:- يخاف منه؟ ذلك لان بيبي وحكومته سيضطرون في مرحلة معينة لتحديد موقفهم من المسألة السورية ايضا لان الجميع يقولون ان من مصلحتنا اخراج سوريا من محور الشر. الا ان هذه التسوية ستتحقق وفقا لليبرمان من دون تنازل عن الجولان. هذا ليس ما يقوله بيبي لمبعوث اوباما جورج ميتشل. اذا اين الحقيقة هنا؟

ان كانت التصريحات المتناقضة منسقة فهذه ليست بداية تشير الى النزاهة والحكمة. ان كان بيبي لا يدعو وزيره للالتزام بالانضباط فهو يلحق ضررا هاما في مكانته كرئيس وزراء يتحلى بالمسؤولية ويتطلع لعدم تكرار اخطاء فترته السابقة. "من يريد السلام ملزم بالاستعداد للحرب" قال ليبرمان مقتبسا مقولة رومانية شهيرة. لقد احسن ايهود باراك صنعا عندما خرج اخيرا من دير الصامتين ووجه انتقاداته لتصريحات ليبرمان.

من المهم جدا ان لا تتذاكى الحكومة وان لا تصل الى وضع سيبدأ فيه الامريكيون باشهار اظافرهم. من المعروف اننا لا نجيد دائما تفسير لباقتهم وكياستهم بصورة صحيحة. عندما يقول الناطق بلسان البيت الابيض ان المحادثات كانت "صريحة" مع الرئيس فالمقصود هو ان هناك خلافات عميقة. انا اذكر في اكثر من مرة ان مناحيم بيغن خرج من لقائه مع كارتر وقال انها "كانت محادثات ممتازة" بينما قال البيت الابيض للمراسلين الاسرائيليين الذين يرافقون بيغن بأن معنى "مباحثات صريحة" هو عكس ما فسره بيغن.

عندما نغضبهم على سبيل المثال عندما اردنا بيع طائرات الفالكون التجسسية للصين نكون قريبين جدا من الشرخ. اصحاب الذاكرة الطويلة يتذكرون بفزع العقوبات التي فرضها الدكتور كيسنجر علينا تحت عنوان "اعادة النظر" او عندما رفض جيمس بيكر مقابلة سفيرنا زلمان شوفال بعبارة:- "ان اصبح لديكم رد فهذا رقم هاتف البيت الابيض".

الايام التي تفاخرنا بها عندما قلنا ان اسرائيل هي ثروة استراتيجية للولايات المتحدة بل وشبهنا انفسنا من دون تردد بحاملات الطائرات المتقدمة للولايات المتحدة في هذه المنطقة، قد ولت الى غير رجعة. انا لا اقول اننا تحولنا الى عبء ولكن ادارة اوباما تتوقع منا اكثر من ذلك حتى تبلور هنا تحالفا من الدول الاسلامية المعتدلة.

في هذه الايام حيث توجد لاوباما اغلبية في الكونغرس وتتركز انظار العالم عليه، ليس بامكاننا ان نضغط عليه من خلال تأثيرنا على مراكز القوى هنا. اللوبي اليهودي فقد ما يكفي من قوته في الادارة الحالية. وان لم نتبنى فكرة الدولتين للشعبين فلن تسعف نتنياهو علاقاته القوية مع المحافظين الجدد والانجليكان من المسيحيين الجدد الذين فقدوا في هذه الادارة قوتهم ونفوذهم. ليبرمان يطرح علامة استفهام على التزام دولة اسرائيل بالسلام. وقد يتسبب باشهار ادارة اوباما لمخالبها في وجهنا.

ما من شك ان بيبي قد اخطأ عندما لم يشكل تحالفا مع كاديما والعمل تاركا ليبرمان في الخارج. مقابل ذلك حصل على فيل مشاغب في حانوت الخزف ووزير خارجية يتعرض للتحقيق بتهمة الغش وتبيض الاموال. نتنياهو سيبرهن على انه قد تغير عندما يتجرأ على وضع ليبرمان في مكانه.