خبر هلو، الناس يقتلون هنا -معاريف

الساعة 08:50 ص|05 ابريل 2009

بقلم: حاييم نفون

حاخام الجمهور في مودعين، معلم وصحافي

 (المضمون: اعتدنا على ان نرى "النزاع" بشكله النقي وكأنه مصالح متضاربة يمكن المساومة فيها غير ان البلطة تأتي لتؤكد ان لا جواب على سؤال لماذا يكرهوننا بهذا القدر - المصدر).

الناس يرون ما يريدون ان يروا. قبل ستين سنة، عرض عالما نفس على مريديهما صور لورق اللعب مشوهة. وبعد ذلك كانا يسألان ماذا رأوا في الصورة. وخلط الخاضعون لهذا الفحص بين ما رأوه وبين ما توقع ان يروه. فقد قالوا جملا مثل "الأص كان بلون اسود باهت".

نحن اسرى مفهوم مشوه بالنسبة للصراع اليهودي – العربي. فالاسرائيليون يميلون الى التفكير بان المواجهة مع العرب هي صراع مصالح بسيط. احتياجاتنا تصطدم باحتياجاتهم. نزاع كهذا يمكن حله: كل واحد يتخلى عن القليل، ويتدبرون امورهم. هذا المفهوم وجه خطى حكومات اسرائيل منذ 15 سنة، وهو يؤدي بنا على نحو مضمون من سيء الى اسوأ.

العملية في بات عاين هي احدى اللحظات النادرة التي تشرخ هذا الوهم الذاتي. فلا يدور الحديث هنا عن تضارب بسيط للمصالح. صدام المصالح لا يدفع شخصا الى رفع بلطة وانزالها الى رأس طفل. مثل هذا العنف الفظيع هو اكثر بكثير من تكتيك يرمي الى حث مصلحة. فهو يكشف النقاب، للحظة واحدة مثيرة، عن كراهية عدائية شديدة. كراهية شديدة كالموت. الأص ليس "اسود باهت" بل احمر كالدم.

شدة هذه الكراهية هي من طرف واحد. فانا اعرف، لأسفي، عدة يهود يكرهون العرب. ولكن ايا منهم ما كان ليرغب او حتى يستطيع، ان يرفع بلطة على طفل عربي. يتبين مع ذلك يوجد يهود يريدون المس بعرب ابرياء؛ ولكنهم عدد قليل، في اطراف الهوامش. ومقابلهم، فان الفلسطينيين الذين يرغبون بالمس في اليهود الابرياء هم كثر. قوة الكراهية التي يكنوها لنا قسم من العرب تدلنا على طبيعة المواجهة. فهم يقاتلون ضدنا ليس بسبب "الاحتلال". هم يقاتلون ضدنا لان نحن هو نحن.

المواجهة المستمرة لنا مع الفلسطينيين تمس بالصورة الذاتية للمجتمع الاسرائيلي. نحن نحب ان ننتمي الى نوع من الصالون الدولي الوهمي. فنحن نتحدث بالعبرية على الموضة، نسافر الى الخارج كل اسبوعين، ونسمي ابننا "شون". في هذا الخيال المبالغ فيه لا مكان للدم والنار وعامود الدخان.

الطبيعة النازفة للمواجهة تعيدنا الى عالم الواقع. لعالم العرق والدم، الصراع بين الحياة والموت. عالم حتى لو "كنا اسخياء" فيه او "تنازلنا قليلا"، لن ننجح في "حل النزاع". هذا صراع لا حل له على المدى المنظور. تركنا قطاع غزة حتى اخر سنتيمتر. فهل بددنا كراهية سكانه تجاهنا؟

وحتى كلمة "نزاع" تشارك في ستار التمويه. فهي تنم عن رائحة نقية، وكأنها تجارية. ولكن على جانبي البلطة، تعبير "نزاع" يبدو ملائما مثل بدلة رجال الاعمال في الغابة. "النزاع الاسرائيلي - العربي " يرن في الاذن كشجار بين جيران وليس كصراع في سبيل حياتنا. لا يدور الحديث عن نزاع، بل عن حرب مستمرة، لا تبدو نهايتها في الافق.

لماذا يكرهوننا بهذا القدر؟ هذاا السؤال سأله يهود عشية الفصح، قبل مائة ومائتين بل والف سنة. واذا اعترفنا بذلك لان سؤالنا هو ايضا سؤالهم، فاننا نكون قد وجدنا نصف الجواب. قليل جدا يفصل بين اللاسامية الكلاسيكية وبين مناهضة اسرائيل الحالية. "الاحتلال" كان فقط الباعث على الاندلاع الجديد لكراهية قديمة.

الكثير من الباحثين اليهود كرسوا مشاريعهم البحثية على فهم اللاسامية. ثمة في ذلك شيء مأساوي: ان تكرس حياتك لمحاولة فهم لماذا انت مكروه. ولم يوجد بعد الجواب الشافي على هذا السؤال. يحتمل الا يكون هناك جواب شاف. ولكن مجرد صياغة السؤال تغير زاوية نظرنا نحو الواقع. لماذا يكرهوننا الى هذا الحد؟ هذا السؤال وضع على طاولتنا بضربة بلطة.