خبر هو سوداني ام حبشي؟ -هآرتس

الساعة 08:44 ص|05 ابريل 2009

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: اسرائيل تتفاخر بعملية السودان وامثالها يضخمون التهديد حتى يتضخم الانجاز من تلقاء نفسه - المصدر).

شو – شو، شو- شو:- اسرائيل فعلتها مرة اخرى. عشية انتهاء رئاسة ايهود اولمرت للوزراء وبتزامن يثير الارتياب افادت التقارير الواردة من امريكا البعيدة بأن اسرائيل قد نفذت عملية مجهولة ومثيرة للانطباع مرة اخرى. عملية شنتها حكومة اولمرت وهذه المرة فوق أرض السودان. بالطائرات بلا طيار او بالطائرات اسرائيل ضربت مرة اخرى كما قالوا.

التقارير التي تلهب الخيال انخرطت جيدا باحتفالات انتهاء فترة حكم ايهود اولمرت: الجميع بما فيهم العريس، اطلقوا اشارات قوية حول العمليات السرية التي نفذتها اسرائيل خلال فترة حكمه، كدلالة على امتيازه الكبير وتميزه في المنصب. من قبل ان يزول اثر السيطرة على السفينة كارين - اي في قلب االبحر،  وتصفية عماد مغنية (وفقا للمصادر الاجنبية) والقصف الغامض في سوريا – ها قد جاءنا السودان. قافلة امدادات تحتوي على عشرات الشاحنات المحملة بالسلاح من ايران وليس اقل من ذلك بما في ذلك سفينة في البحر، ولا أقل من ذلك كانت متوجهة الى غزة قصفت – بما في ذلك عشرات القتلى.

لا يعرف احد بصورة دقيقة ما الذي قصف وكم ولماذا، فالسودان بعيد كما تعلمون ولكن لتثقوا بشباننا المتفوقين والموساد وسلاح الجو الذين يعرفون ما الذي يفعلونه. الدليل انهم نجحوا مرة اخرى: كل قواتنا عادت بسلام الى قواعدها ولم يتبق من القافلة الخطيرة الا الغبار والرماد. حقيقة ان السلطات السودانية تمتمت شيئا ما حول سفن صيد عادية قصفت ليس ذي صلة: صيادون كانوا ام مخربون، الحرب هي الحرب. المحللون العسكريون في اعقابهم كل منزل في اسرائيل خرجوا عن اطوارهم: جيمس بوند الاسرائيلي ما زال هنا. الجيش الذي لم يخض القتال منذ عشرات السنين ضد جيش اخر، يتفاخر بعمليات من هذا النوع ومعه القيادة السياسية. كيف قالها اولمرت بصورة مبطنة بعد السودان؟ "ليس هناك مكان لا يمكن لاسرائيل ان تتحرك فيه". قالها بصوت مدو. مع ربع هذا الخيال وهذه الجرأة، كنا لنحقق السلام منذ زمن، ولكن دعكم من صغائر الامور.

بسبب طابع العملية في السودان حرمنا لشدة الاسف من المشهد الدائم في مثل هذه الاوضاع: ضابط يبسط غطاء عسكريا، وفوقه توضع الغنائم مرتبة مكونة من بنادق مخيفة بينما يقوم الصحافيون والمصورون من البلاد والعالم بتغطية الحدث ويعلق الضباط والمحللون على هذه العملية مثنين عليها ويتحدثون عن السلام الخطير الذي ضبط في هذه العملية المعقدة والمركبة. هكذا يبرهنون للجمهور الذي يفزع من مثل هذه الامور بان الحرب في ذروتها وان انجازاتها هائلة. وبهذه الطريقة ايضا يكررون امامنا جسامة الخطر الذي يلوح امام اعتابنا. فلتتذكروا كيف اعلمتنا التقارير بتسلح حماس قبل عملية "الرصاص المصهور": كيف اخافونا قبل العملية التي كانت اشبه بالمناورة العسكرية في احسن الاحوال، من دون مقاتلين ومن دون سلاح حقيقي امامنا، وكيف حثوا على شنها حين بعد حين. النهاية معروفة: لا حرب ولا تسلح باستثناء صواريخ القسام والغراد البدائية. بهذه الطريقة تضخم آلة الدعاية من الخطر وبذلك تزيد من حجم الانجاز. وعلى هذا النحو ايضا يغسلون ادمغة الجميع مع زيادة الاحترام للجيش الاسرائيلي وبلا نهاية.

غداة عملية السودان من الممكن ان نتذكر احدى العمليات السابقة واسمها "صندوق نوح": الحكاية التي حدثونا بها حينئذ حول السيطرة على كارين – اي كانت وكأنها قد اخذت من الافلام. حدثونا كيف قام عناصر الوحدة الخاصة 13 بالنزول من المروحيات فوق القوارب المطاطية في وسط البحر وكيف كانت طائرات الاستطلاع والتصوير والتزويد بالوقود تحلق بالسماء. اف 15 ايغل قامت بمهمة الحراسة وبوينغ 707 تضمنت رئيس هيئة الاركان وقادة سلاحي الجو والبحرية لتنتهي العملية بمشهد ختامي لا مفر منه: علم اسرائيل يرفع على السفينة التي تقتاد مرغمة الى ايلات. وهناك عرضوا علينا الغنائم: خمسون طنا من البنادق والراجمات القديمة. هذا اعتبر احد اكبر الانجازات التي حققها الجيش الاسرائيلي في العقد الاخير.

ربما كان هناك مغزى امنيا لبعض هذه العمليات اما البعض الاخر فليس اكثر من عمليات دعاية وتخويف لخدمة الاغراض الداخلية والخارجية. مع دخول الحكومة الجديدة التي يتربع على رأسها اثنان من خريجي "الوحدات الخاصة" يساورنا الخوف بان بانتظارنا مغامرات اخرى. هذه المغامرات قد تفشل ايضا بين الحين والاخر اما ثمنها واسهامها فلا يمكن ان يقاس. في هذه الاثناء يتوجب علينا ان نرفع الانخاب على شرف الجنود الذين قصفوا القافلة في السودان وعادوا مكللين بالغار ولكن علينا ان نسأل بلسان مجموعة "لول" التي لم تعرف ان كان ما قصف سودانيا ام حبشيا.