ألعاب أطفال غزة في معرض فني تخطف قلوب المشاركين وتبكيهم

الساعة 12:12 م|23 سبتمبر 2021

فلسطين اليوم

بعيداً عن المفاهيم القياسية للمعارض الفنية، لم يقدم معرض «66 لعبة» القاهري، أعمالاً فنية فريدة وسط ألحان الموسيقى الكلاسيكية، أو لوحات تشكيلية مفعمة بالبهجة والمرح، لكنه ضم ألعاباً وأغراضاً ودمى خرجت بأعجوبة من تحت أنقاض بنايات سقطت خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، في شهر مايو (أيار) الماضي، في محاولة لرسم صورة حسية تجمد لحظة يجب أن تتوقف عندها الإنسانية، حيث كان من بين ضحايا القصف البالغ عددهم 250 فلسطينياً نحو 66 طفلاً.

ربما يُخيّل لزائر المعرض سماعه صوت بكاء طفل خائف، مع ضجيج طائرات تستعد للقصف، لكن ما يبعث على الصدمة أكثر، هي الجدران الحالكة التي صُمم منها المعرض في إشارة لمستقبل مظلم يعيشه ضحايا تلك المجزرة.

ولكن، ثمة أمل يأتي من قلب الألم انعكس في رسوم مضيئة على الحوائط السوداء تبدو غير احترافية، وكأنها بأنامل طفل يخطو نحو مستقبل مجهول، وبين هذه التفاصيل التي اختيرت بعناية شديدة أتى المعرض بألعاب وحقائب وملابس تعود جميعها لـ66 طفلاً قتلوا خلال القصف.

صحيح أن المعرض يحمل كثيراً من الألم، لكن هناك هدف آخر تنشده المصممة شُشّة كمال، صاحبة الفكرة ومنظمة المعرض، والتي روت لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل هذه التجربة بصوت تملأه الدموع: «أتت فكرة المعرض عندما كنت أطالع أخبار العدوان الإسرائيلي على غزة لمدة 11 يوماً إذ نقلت وسائل الإعلام خبر استشهاد 66 طفلاً فلسطينياً، من دون مبالاة أو اكتراث بحجم الكارثة، فأنا رأيت 66 روحاً ومستقبلاً وحلماً، كُتبت عليهم النهاية قبل الأوان».

وأشارت إلى أن صور الضحايا الأطفال ظلت عالقة في ذهنها حتى راودتها فكرة إقامة معرض يضم مقتنياتهم، لا سيما الألعاب الصغيرة وحقائب المدرسة، تقول: «حاولت في البداية البحث عما تبقى من ذوي الأطفال أملاً في العثور على أي متعلقات يمكن أن تروي للعالم حكاياتهم، لكن المهمة لم تفلح، لأن الهيئات الرسمية والدولية المعنية بالقضايا الإنسانية كانت منشغلة وقتئذ بإنقاذ الأرواح التي كُتبت لها النجاة من المجزرة، لذلك لجأت إلى أصدقائي الفلسطينيين وجنسيات أخرى في شتى أنحاء العالم حتى أصل إلى أسر الأطفال الضحايا وبالفعل تواصلنا معهم بمجهودات فردية مباشرة».

معرض «66 لعبة»، الذي أقيم ليوم واحد بأحد فنادق وسط القاهرة، حضره بعض نجوم الفن على غرار الممثلة التونسية درة وزوجها رجل الأعمال المصري هاني أسعد، وكذلك الممثلة المصرية بسمة، فضلاً عن محمد الصاوي مؤسس «ساقية الصاوي» وعدد من مشاهير السوشيال ميديا، وبعض أبناء الجالية الفلسطينية بالقاهرة.

بدورها، تقول المصممة نورهان النمر، التي لعبت دوراً مهماً في تسهيل مهمة جلب الألعاب من غزة إلى القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «اكتشفت أن الواقع كان أكثر ألماً مما تناقلته وسائل الإعلام، فغزة محاصرة بكل ما تحمله الكلمة من عراقيل وقيود، ومع كل قصف تزداد حدة هذا الألم وتتسع رقعته، لا تتخيل قسوة أن تتحدث إلى أب فقد أبناءه لتطلب منه قطعة من مقتنيات صغيره».

وتؤكد أن أصعب رد تلقته كان من أب قال لها: «لم يتبق من ولدي حتى ألعابه، القصف سرق روحه ودمر منزلنا بالكامل». وتردف: «رغم قسوة الموقف على الأسر الفلسطينية فإنهم في نهاية المطاف توحدوا على الأقل وراء رسالة متماسكة، مفادها صرخة يطلقها المعرض في وجه العالم بما تبقى من صغارهم».

يقدم المعرض صورة حسية تخاطب الحواس كافة، فلا يذهب نظرك إلى أغراض الأطفال فحسب، بينما الرسوم المصممة من خيوط الضوء المرتعشة، والموسيقى المصاحبة للعرض التي تم تصميمها بدقة لتعكس حالة بين الألم والأمل، وتقول عنها شُشة كمال: «يعود الفضل في اختيار الموسيقى إلى نورهان النمر، التي وضعت ملامح عامة ثم ذهبت للموسيقار هشام خرما ليخرج بمقطوعة جديدة لهذا الحدث».

وتختتم شُشة كمال حديثها قائلة: «الهدف الوحيد من المعرض هو ألا تلهينا ديناميكية الحياة اليومية عن دورنا الإنساني، عسى أن تساهم خطواتنا في تجاوز أسر الضحايا لعثراتهم».

كلمات دلالية