خبر المال أسقطه.. معاريف

الساعة 08:39 ص|02 ابريل 2009

بقلم: روبيك روزنتال

كانت خطبة وداع ايهود اولمرت مميزة لمدة ولايته كلها. كان أولمرت وما يزال رئيس حكومة تعوزه تماما حاجة حيوية مطلوبة للزعيم ألا وهي حب الجمهور. كان اولمرت دائما، وعلى نحو ظاهر مدة ولايته، رئيس حكومة لا ينجح في إثارة الشعور. ليس الحديث عن الحب خاصة. وجد رؤساء حكومات أثاروا الحب، مثل بيغن ورابين وشارون في نهاية أيامه. إبنا جيله اللذان ورثاه براك وبيبي، لا يثيران الحب، لكنهما يثيران الرد: الثقة او عدم الثقة، فباراك متعجرف لكنه يمنح احساسا بالحماية، ونتنياهو يثير مشاعر متناقضة من الانجذاب والعداء، وكلاههما يعد شخصا "مشكلا" ويحمل صندوق انتقادات لاذعة، وقاسية. لكنهما هناك، أما اولمرت فقد انفصل.

حاول اولمرت ان يغطي على هذا النقص بمزايا اخرى عنده، وعلى رأسها الثقة بالنفس، والفصاحة، والبلاغة الدقيقة. من المحقق أنه افخم من نتنياهو. هذه الامور عملت في مصلحته، لكن صفة اخرى افشلته، وهي غبار الصلف الذي ينثره في كل مكان يمضي اليه، واشمئزازه ممن حوله، الذي تدل عليه لغة جسمه. أثر ذلك في الجملة في نظر الصحافيين إليه. إن خصوماته الكثيرة مع الصحافيين لم تساعده في تحسين صورته عند الجمهور.

يعوز اولمرت ايضا اساس وجد على نحو ما عند جميع اسلافه، ما عدا ربما غولدا مئير وموشيه شاريت وهو انه لم ير ذا سجل امني ما. لقد كان منذ كان المحامي الذي يتنفس السياسة. يوجد غير قليل من المحامين في السياسة، لكن يوجد ايضا تناقض داخلي بين هاتين المهنتين في لعبة المناصب القومية. فالسائس يفترض ان يقرر وان ينفذ. والمحامي يفترض ان يباحث، وان يسوغ، وان يجمع نقط حكم. عندما عمل اولمرت رئيس حكومة حلقت فوقه دائما غيمة الشبهة: هل يعمل في الحسم الحق في الزمن الحق، ام يميل الى تزجية الوقت ومحاولة جمع النقط.

التوازن ها هنا ايضا ليس قاطعا. لقد خرج الى حربين، احداهما بتعجل كبير، وربما دفعته هنا الحاجة الى اثبات انه رجل امن ايضا. وفيما يتصل باتفاقات السلام، كانت بمنزلة نشاط جانبي حافظ على توازن لطيف لكنه لم يفض الى شق طريق. وفيما يتعلق بجلعاد شليت، ليست النتيجة في صالحه وباعداد كبييرة.

لم يمض اولمرت الى بيته بسبب كل ذلك. برغم الشبهة فيه فاز في الانتخابات، وبقدر كبير بفضل الاب المؤسس لكاديما الذي ينام بلا وعي. برغم اخفاقات حرب لبنان الثانية تجاوز تقرير فينوغراد. لقد سقط لصفة اخرى لصقت به، ويصعب ان نفترض انه لا اساس لها في الواقع، وهي الطمع. كما ان الاشاعات عن قضية كاتساف طاردته سنين الى ان انفجرت، هكذا طاردت اولمرت قضايا صغيرة واقل صغرا على حدود القانون. كان اولمرت طول الوقت في السياسة رجل التوازن اللطيف، والمشي الحذر فوق الهاوية، والبقاء السياسي الصعب. المال كما يبدو هو نقطة ضعفه التي جرته الى نهاية طريقه السياسي، أبكر مما خطط له كما اعترف في خطبته.